في إطار سعي دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الأسواق الدولية، شهدت العلاقات مع جمهورية صربيا تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، وجاء توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين في أكتوبر 2024 ليؤكد هذا التوجه، ويعزز من التعاون التجاري والاستثماري بين الجانبين. تهدف الاتفاقية إلى فتح آفاق جديدة للتعاون في مجالات حيوية مثل التجارة غير النفطية، الأمن الغذائي، والطاقة المتجددة، ما يعكس رؤية الإمارات لتعزيز شبكة شراكاتها الاقتصادية عالمياً وتحقيق النمو المستدام.

وشهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وألكسندر فوتشيتش رئيس صربيا يوم السبت 5 أكتوبر 2024، مراسم تبادل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين.

أهمية الاتفاقية في تعزيز التعاون الاقتصادي بين الإمارات وصربيا

تعكس اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التوجهات المشتركة بين الإمارات وصربيا لتعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما، وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن هذه الاتفاقية تمثل «محطة مهمة» في علاقات البلدين، موضحاً أن صربيا تعتبر شريكاً اقتصادياً واعداً ضمن منطقة تشهد نمواً سريعاً في أوروبا الشرقية، هذا الاتفاق يعزز من الشراكة بين البلدين، ويفتح فرصاً جديدة للشركات للاستثمار والتعاون.

وفي السياق ذاته، أكد الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أن الاتفاقية ستكون عاملاً مهماً في تعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التدفقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، ما يخدم التنمية المستدامة ويخلق فرصاً أكبر لمجتمعي الأعمال.

التأثير المتوقع للاتفاقية على التجارة غير النفطية

تسهم اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في زيادة حجم التجارة غير النفطية بين الإمارات وصربيا، وفقاً للتوقعات ستتيح الاتفاقية إزالة أو تخفيض الرسوم الجمركية وتسهيل حركة البضائع بين البلدين، ما يعزز من تدفق السلع والخدمات.

وقد بلغت قيمة التجارة غير النفطية بين الإمارات وصربيا نحو 57.6 مليون دولار في النصف الأول من عام 2024، وهي زيادة ملحوظة مقارنة بما كانت عليه في السنوات السابقة.

ومن المتوقع أن تسهم الاتفاقية في مضاعفة هذا الرقم من خلال تحسين البيئة التجارية وتسهيل إجراءات الاستيراد والتصدير.

صربيا شريك استراتيجي للإمارات في أوروبا الشرقية

تشكل صربيا، بموقعها الجغرافي المتميز كحلقة وصل بين الأسواق الأوروبية، شريكاً استراتيجياً مهماً لدولة الإمارات، وهذه الاتفاقية تأتي في إطار حرص الإمارات على توسيع شبكة شراكاتها الاقتصادية مع الدول الصاعدة والواعدة في مختلف أنحاء العالم.

تعتبر الإمارات ثالث أكبر سوق للصادرات الصربية في منطقة الشرق الأوسط، وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز هذا التعاون التجاري والاستثماري من خلال دعم المشاريع التنموية المشتركة بين البلدين، كما أنها تمنح الشركات الإماراتية فرصة استكشاف أسواق جديدة في منطقة البلقان وشرق أوروبا عبر صربيا.

الفرص الاستثمارية المتاحة من خلال الاتفاقية

تفتح الاتفاقية الباب أمام مجموعة واسعة من الفرص الاستثمارية التي تستهدف قطاعات استراتيجية مثل الطاقة المتجددة، الأمن الغذائي، البنية التحتية، والخدمات اللوجستية.

وتستفيد الشركات الصغيرة والمتوسطة في كلا البلدين من الدعم الذي توفره الاتفاقية، ما يعزز من فرص نموها وتوسعها في الأسواق الإقليمية والدولية.

كما أن الاتفاقية توفر حماية لحقوق الملكية الفكرية، وتسهم في إزالة الحواجز التجارية غير الضرورية، ما يعزز البيئة الاستثمارية ويفتح مجالات أوسع للمستثمرين.

برنامج الشراكات الاقتصادية الشاملة لدولة الإمارات

اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع صربيا ليست إلا جزءاً من برنامج أوسع تنفذه الإمارات منذ سبتمبر 2021 لتوسيع شبكة شركائها التجاريين، ويهدف هذا البرنامج إلى تحقيق استراتيجية دولة الإمارات الطموحة لمضاعفة قيمة التجارة الخارجية إلى 4 تريليونات درهم بحلول عام 2031.

تغطي هذه الشراكات العديد من المناطق الحيوية مثل أميركا الجنوبية، الشرق الأوسط، آسيا، وجنوب شرقها، وأوروبا الشرقية. واتفاقيات الشراكة التي تم توقيعها مع دول كالهند، إسرائيل، وتركيا، والتي دخلت حيز التنفيذ بالفعل، تعزز من مكانة الإمارات كقوة اقتصادية عالمية تتعاون مع الأسواق الدولية الاستراتيجية.

يذكر أن الإمارات وصربيا أطلقتا أول جولة من محادثات الشراكة الاقتصادية في دبي في 18 سبتمبر 2023، حيث أعرب الجانبان عن تطلعهما إلى تعزيز التعاون التجاري والاستثماري، هذه المحادثات تأتي استناداً إلى علاقات الصداقة القوية بين الدولتين، التي تعززها الزيارات المتبادلة على مستوى القيادات.

تمثل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وصربيا خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، بفضل هذه الاتفاقية ستتمكن الدولتان من زيادة حجم التبادل التجاري، وتحفيز الاستثمارات في القطاعات الحيوية.

كما تعد الاتفاقية جزءاً من رؤية الإمارات لتعزيز مكانتها كقوة اقتصادية عالمية، تستفيد من شراكات استراتيجية مع الأسواق الواعدة في مختلف أنحاء العالم، ما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص جديدة لمجتمعي الأعمال.