في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، برز التعاون العسكري بين الصين وروسيا كأحد أبرز ملامح العصر الحديث، حيث يتجاوز نطاقه الأبعاد العسكرية ليعكس استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز النفوذ الاقتصادي لكلا البلدين.
منذ الحرب الروسية الأوكرانية، اتخذت بكين وموسكو خطوات ملموسة لتوطيد علاقاتهما، معتبرتين أن الشراكة العسكرية ليست مجرد تحالف ضد الغرب، بل أداة لتعزيز قوتهما الاقتصادية في الساحة العالمية، تعكس هذه الديناميكية تحولات كبرى في توازن القوى، وتدفع البلدين نحو تحقيق أهدافهما الاستراتيجية معاً، ما يثير تساؤلات حول مستقبل النظام الاقتصادي العالمي وكيف ستؤثر هذه التحالفات على المصالح الدولية.
تعهد وزيرا الدفاع الصيني والروسي يوم الاثنين بتعميق التعاون بين جيشي بلديهما أثناء لقائهما في بكين، إذ عززت موسكو وبكين علاقاتهما منذ الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير شباط 2022، وهو التحالف الذي أثار قلق الغرب حيث تسعى الدولتان إلى توسيع نفوذهما العالمي.
أعلنت الصين وروسيا شراكة «بلا حدود» قبل وقت قصير من شن موسكو هجومها على أوكرانيا وأجرتا سلسلة من التدريبات العسكرية معاً منذ ذلك الحين.
والتقى وزير الدفاع الصيني دونغ جون بنظيره الروسي أندريه بيلوسوف في بكين يوم الاثنين ودعا الجانبين إلى «تعميق التعاون الاستراتيجي» و«الارتقاء بالعلاقات العسكرية بشكل مستمر».
وقال دونغ، وفقاً لوزارة الدفاع في بكين، «تحت القيادة القوية للرئيس شي جين بينغ والرئيس (فلاديمير) بوتين، وصلت العلاقات الصينية الروسية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.. لتكون نموذجاً للعلاقات بين القوى الكبرى».
وقال بيلوسوف بدوره إن «العلاقات الودية» بين زعيميهما «تلعب دوراً رئيسياً في تعزيز العلاقات الاستراتيجية»، وفقاً لوكالات الأنباء الروسية.
وقال بوتين إن التعاون العسكري بين الصين وروسيا لعب دوراً مهماً في «الحفاظ على الاستقرار العالمي والإقليمي».
كما قال إنه يأمل أن تساعد محادثاته في بكين في «تعزيز الشراكة الاستراتيجية الروسية الصينية في مجال الدفاع».
وصل بيلوسوف إلى بكين يوم الاثنين لإجراء محادثات مع «القيادة العسكرية والسياسية العسكرية» في الصين، وفقاً لموسكو.
وقال بوتن في أغسطس آب الماضي إن الروابط الاقتصادية والتجارية بين روسيا والصين «تسفر عن نتائج»، وإن البلدين يعملان على مشاريع «اقتصادية وإنسانية» مشتركة.
وأجرت سفن حربية روسية وصينية تدريبات مشتركة في بحر اليابان الشهر الماضي، كجزء من مناورة بحرية كبرى قال بوتين إنها الأكبر من نوعها منذ ثلاثة عقود.
تقدم الصين نفسها كطرف محايد في حرب أوكرانيا وتقول إنها لا ترسل مساعدات قاتلة لأي من الجانبين، على عكس الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى.
ومع ذلك، تظل الصين حليفة سياسية واقتصادية وثيقة لروسيا، ووصف أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين بأنها «ممكِّن حاسم» للحرب، وهو ما لم تُدِنْه قط.
أعلن بوتين وشي خلال قمة عقدت بينهما العام الماضي أن العلاقات بين البلدين «دخلت حقبة جديدة».
ومن المقرر أن يحضر شي قمة زعماء مجموعة البريكس في روسيا الأسبوع المقبل، إذ من المتوقع أن يلتقي بوتين مرة أخرى.
(أ ف ب)