في الأيام الأخيرة من السباق الانتخابي إلى البيت الأبيض، جعلت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، «تحسين قدرة المواطنين على تحمل تكاليف الإسكان» وعداً أساسياً لحملتها.
تعهدت هاريس بتقديم ما يصل إلى 25 ألف دولار كمساعدة في سداد دفعة الحجز لمشتري المنازل لأول مرة، وقدمت خطة لتحفيز بناء المساكن الجديدة، كما تعهدت هاريس أيضاً بمحاربة «استغلال الشركات المالكة للعقارات» التي أسهمت في رفع الإيجارات.
ينفق ما يقرب من نصف الأسر المستأجرة أكثر من 30 في المئة من دخلهم على تكاليف الإسكان، ما يجعلها «مثقلة بالتكاليف»، وفقاً لبيانات تعداد الولايات المتحدة في سبتمبر.
ولكن من غير الواضح إلى أي مدى ترجع هذه القفزة إلى المستثمرين من الشركات الذين يشترون العديد من العقارات.
لا يوجد تعريف عالمي لـ«ملاك العقارات من الشركات»، ولكن هاريس دعت الكونغرس إلى تمرير قانون من شأنه إزالة المزايا الضريبية الرئيسية للمستثمرين الذين يشترون 50 أو أكثر من المنازل المعروضة للإيجار، «تشعر التجمعات السكنية الواحدة تلو الأخرى بأنها مستغلة من قبل مستثمري وول ستريت وملاك العقارات من الشركات الذين اشتروا آلاف المنازل العائلية خلال فترات الركود الأخيرة»، كما جاء في برنامج هاريس الانتخابي.
ووجد تحليل لشبكة سي إن إن أن زيادات الإيجار تجاوزت مؤخراً نمو الأجور في المدن التي بها حضور كبير للشركات المستثمرة في شراء العقارات.
ولكن بشكل عام من الصعب قياس نفوذ هؤلاء المستثمرين في سوق الإسكان، كما قال مايكل سيلر، أستاذ العقارات والتمويل في كلية ويليام آند ماري، «لا أعرف ما إذا كنا سنتمكن حقاً من فهم تأثيرهم، لأنهم يشكلون حصة صغيرة جداً من السوق، ومع ذلك فإنهم جميعاً يخلقون الطلب على الإسكان، وفي أي وقت تخلق فيه هذا الطلب سترى أسعار المساكن ترتفع».
جاذبية الاستثمار
في عام 2021 كان 71 في المئة من العقارات القابلة للإيجار مملوكة لأفراد وليس شركات، وفقاً لأحدث البيانات المتاحة من تعداد الولايات المتحدة، بينما بلغت ملكية الشركات، والتي تساوي ملكية الكيانات ذات المسؤولية المحدودة وشركات العقارات وصناديق الاستثمار العقاري، نحو 16 في المئة.
يمتلك المستثمرون الكبار، أو الملاك الذين لديهم ما لا يقل عن ألف عقار، نحو 3 في المئة من المنازل في الولايات المتحدة، وفقاً لتحليل أجراه معهد أوربان في منتصف 2022، وفي حين أن حصتهم تبدو صغيرة على المستوى الوطني، فقد اشترى هؤلاء المستثمرون الكبار جزءاً أكبر من المنازل المتاحة للإيجار العائلي في مدن مثل أتلانتا (حصتهم 27 في المئة) وجاكسونفيل بولاية فلوريدا (22 في المئة) وشارلوت بولاية نورث كارولينا (20 في المئة)، وفقاً لبيانات معهد أوربان.
شهدت بعض المدن ذات النشاط الاستثماري العالي زيادات كبيرة في الإيجار، وفقاً لتحليل شبكة سي إن إن للبيانات في أغسطس.
من بين 20 منطقة حضرية ذات حضور كبير للمستثمرين الذين ينتمون لمؤسسات، شهدت 13 منطقة ارتفاعاً في إيجارات العقارات العائلية بمعدل أسرع من نمو الأجور.
لكن البيانات تُظهر أن المستثمرين من المؤسسات يميلون إلى اختيار الأسواق التي ترتفع فيها الإيجارات بالفعل، وفقاً لتقرير شارك في إعداده لوري غودمان، مؤسس مركز سياسة تمويل الإسكان في معهد أوربان.
قال غودمان لشبكة سي إن إن «لا يمكننا الجزم بأن الملاك التابعين للمؤسسات هم السبب في الزيادة، قد لا يكونون السبب، إنما حدث هذا الارتباط لأن هؤلاء المستثمرين يستهدفون المناطق ذات الزيادات القوية في عدد السكان والوظائف».
قضية انتخابية
تُظهر استطلاعات الرأي أن المستأجرين مرتبطون بشكل حاد بمشكلات الإسكان في البلاد، ووفقاً لاستطلاع أجرته شبكة سي إن إن بين 19 و 22 سبتمبر، قال 24 في المئة من الناخبين المحتملين الذين يستأجرون منازلهم إن «تكلفة السكن» هي القضية الاقتصادية الأكثر أهمية التي يفكرون فيها عندما يقررون إلى من يذهب صوتهم الانتخابي، مقارنةً بنسبة 8 في المئة فقط بين الناخبين الذين يمتلكون منازلهم.
على الجانب الآخر تجنب الرئيس السابق دونالد ترامب إلى حد كبير موضوع امتلاك الشركات للعقارات في الحملة الانتخابية، لكن منصة الحزب الجمهوري قالت في عام 2024 إنها «ستعزز ملكية المساكن من خلال الحوافز الضريبية ودعم مشتري المنازل لأول مرة»، ويحتفظ جاريد كوشنر، صهر ترامب، بمحفظة عقارات عائلية في 13 ولاية.
تباطؤ النمو
تباطأت عمليات شراء المنازل من قبل المستثمرين الأفراد في أول عامين من الوباء، وقتها اشترى المستثمرون التابعون للمؤسسات مئات الآلاف من المنازل العائلية، وبلغت ذروة الشراء 149 ألف وحدة سكنية في يونيو حزيران 2021، وفق حسابات شركة كورلوجيك، التي تعتبر أي فرد أو شركة لديها ثلاثة عقارات أو أكثر «مستثمر عقاري».
ثم تباطأت عمليات الشراء عموماً مع ارتفاع أسعار الفائدة، ما خفض جاذبية الاستثمار في العقارات، بالطبع هناك أسباب أخرى قد تؤدي إلى ارتفاع الإيجار، أحدها نقص الوحدات المتاحة، فقد انخفض عدد المنازل العائلية قيد الإنشاء بشكل كبير بعد الأزمة المالية في عام 2008، ولم يعد البناء إلى مستويات ما قبل الأزمة المالية حتى الآن.
ووفقاً لمكتب الإحصاء، وصل معدل الشواغر الإيجارية في عام 2021 إلى أدنى مستوى له منذ الثمانينيات، ورغم أنها انتعشت منذ ذلك الحين، فإنها لا تزال عند مستويات منخفضة.