قد تكون محاولات تركيا للتفاهم والتوافق مع مجموعة بريكس هي الأولى من نوعها بالنسبة لدولة عضو في حلف شمال الأطلسي، لكن الخبراء يقولون إن هذه الخطوة مدفوعة بالطموحات الاقتصادية، وتتماشى مع رغبة أنقرة في تحقيق «الاستقلال الاستراتيجي».

ينضم الرئيس رجب طيب أردوغان إلى قمة مجموعة بريكس في مدينة قازان الروسية، اليوم الأربعاء، بدعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتن، وسيلتقي أيضاً زعماء البرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا.

وبريكس هو اختصار لأسماء الدول المؤسسة الخمسة، على الرغم من أن التحالف استقبل أربع دول هذا العام، منها ثلاث من الشرق الأوسط.

قالت تركيا الشهر الماضي إنها طلبت الانضمام إلى مجموعة دول الأسواق الناشئة، وإذا تم قبولها فستكون أول دولة عضو في حلف شمال الأطلسي تنضم إلى كتلة أخرى ترى نفسها بمثابة ثقل موازن للقوى الغربية، ومعظم أعضائها على خلاف حاد مع الغرب بشأن الصراع الدائر في الشرق الأوسط، وفي حالة بكين وموسكو يمتد الخلاف إلى الموقف من الحرب الأوكرانية.

لكن الخبراء قالوا إن محاولة تركيا الانضمام لا تعني أنها ستدير ظهرها للغرب، ولا لأوكرانيا، التي زارها كبير دبلوماسي تركيا الاثنين الماضي.

وقال سينان أولغن، الباحث في مركز كارنيغي للأبحاث، لوكالة فرانس برس «تواصل الحكومة التركية تعميق علاقاتها مع الدول غير الأعضاء في التحالف الغربي، بما يتماشى مع الاستقلال الاستراتيجي الذي تسعى تركيا إلى تحقيقه، كما أن التعاون مع دول بريكس من المتوقع أن يكون له تأثير اقتصادي إيجابي أيضاً».

عالم متعدد الأقطاب

تمثل دول بريكس ما يقرب من نصف سكان العالم، ونحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهي لا تفرض التزامات اقتصادية على الأعضاء كما يفعل الاتحاد الأوروبي، الذي تطرق أنقرة بابه منذ عام 1999.

وأثار أردوغان نقطة مهمة الشهر الماضي، حيث قال «أولئك الذين يقولون لا تنضموا إلى بريكس هم الأشخاص أنفسهم الذين أبقوا تركيا تنتظر على باب الاتحاد الأوروبي لسنوات»، وأضاف «لا يمكننا قطع العلاقات مع العالم لمجرد أننا دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، إن مجموعة بريكس ورابطة دول جنوب شرق آسيا توفران لنا فرص لتطوير التعاون الاقتصادي».

وقال أولغن إنه من الواضح أن القضيتين مترابطتان، «لم تكن تركيا لتتخذ هذه الخطوات للتقرب من مجموعة بريكس لو كانت قادرة على مواصلة محادثات التكامل مع أوروبا، أو حتى التوسع في الاتحاد الجمركي» الذي تعطل منذ عام 1996.

وقال سولي أوزيل، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قادر هاس في اسطنبول، لوكالة فرانس برس، إن تركيا تستجيب لتحول متوقع في مركز الثقل العالمي، «إن الحكومة التركية ترى أن هيمنة الغرب لا يمكن أن تستمر كما هي، لذلك تحاول إعادة التموضع في موقف يسمح لها بأن يكون لرأيها أهمية أكبر إذا نشأ نظام متعدد الأقطاب»، مضيفاً أن أنقرة تريد الاستفادة من «ضعف» النفوذ الغربي، و«معرفة ما إذا كان بوسعها خلق المزيد من مساحة المناورة»، دون الانفصال عن القضايا الأمنية والاقتصادية الأوروبية.

وبحسب جوكول ساهني، وهو محلل مقيم في سنغافورة، فإن أنقرة تريد الأفضل من العالمين، «إن تركيا تريد الاستفادة من كونها مجاورة للغرب، ولكن -وهي تعلم أنها لا يمكن أن تصبح جزءاً من الغرب أبداً- تريد الشراكة الوثيقة مع دول بريكس غير الغربية»، وهي مغامرة خالية من المخاطر لأن الانضمام إلى بريكس «لا يترتب عليه أي تأثير أمني».

(أ ف ب)