يواصل المنتدى الحضري العالمي فعالياته لليوم الثالث على التوالي في دورته الثانية عشرة بالقاهرة، بمشاركة أكثر من 30 ألف شخص من 180 دولة، وذلك عقب انطلاقه الاثنين الماضي تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وانطلقت أعمال الدورة الثانية عشرة للمنتدى الحضري العالمي «WUF12»، المؤتمر الرئيسي للأمم المتحدة المعني بالتنمية الحضرية المستدامة، الذي يُقام في مصر كأول دولة تستضيفه في إفريقيا منذ 20 عاماً تحت شعار «كل شيء يبدأ محلياً.. لنعمل معاً من أجل مدن ومجتمعات مستدامة»، وذلك بمشاركة وفود أممية ودولية رفيعة المستوى، ليوجه أنظار العالم صوب مصر وتجربتها التنموية الحديثة ولبحث معالجة قضية التحضر العالمي وإيجاد حلول لأزمة الإسكان العالمية.
وينعقد المنتدى الذي ينظمه برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) بالتعاون مع الحكومة المصرية، إلى جانب وزارة التنمية المحلية ووزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية خلال الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر 2024.
يأتي تنظيم مصر للمنتدى الذي يعد ثاني أكبر حدث على أجندة الأمم المتحدة، بعد مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي، إضافة كبيرة لرصيدها الحضاري، والعمراني محلياً وإقليمياً وعالمياً، حيث ستكون أول بلد إفريقي يستضيف المنتدى الحضري العالمي منذ الدورة الافتتاحية في نيروبي بدولة كينيا، وثاني الدول العربية بعد استضافة أبوظبي الدورة العاشرة.
ومن المقرر أن يضم المنتدى الحضري العالمي ما يقرب من 600 حدث تركز على توطين أهداف التنمية المستدامة، خاصة في معالجة أزمة الإسكان العالمية، وارتفاع تكاليف المعيشة، وحالات الطوارئ المناخية، وتشمل أبرز الأحداث حوارات رفيعة المستوى، وطاولة مستديرة وزارية حول الحوكمة متعددة المستويات لتسريع تنفيذ أجندة المدن الجديدة، وأجندة 2030 للتنمية المستدامة، وأجندات عالمية أخرى، وإطلاق تقرير المدن العالمية الرائد 2024 حول المدن والمناخ.
وتعكس إقامة هذا الحدث في مصر، الدور الريادي والاستراتيجي للبلاد على المستويين الدولي والإقليمي كمركز للتنمية والتحضر والسلام، ويعد دلالة على التطور الاستثنائي الذي قامت به الدولة المصرية خلال السنوات العشر الماضية تحت قيادة الرئيس السيسي في النهوض بملف التنمية الحضرية والعمرانية المتكاملة، كونها من أوائل الدول التي تبنت الأجندة الحضرية الجديدة، ونفذت العديد من المشروعات القومية والعمرانية الضخمة من مدن الجيل الرابع ومشروعات تحسين جودة الحياة وتطوير المرافق والبنية التحتية، التي انعكست بشكل إيجابي على حياة المواطنين وعززت من صورة مصر الحضرية كوجهة أساسية للسائحين ومقصد للرقي والسلام بمنطقة الشرق الأوسط.
وتتوقع التقارير الدولية أن تنجح هذه الدورة في توحيد جهود المشاركين وتعزيز الوعي بشأن التوسع الحضري المستدام من خلال المناقشات وتبادل المعلومات ومشاركة أفضل الممارسات والتشريعات، كما ستتناول الفعالية إمكانية التوصل إلى عقد اجتماعي جديد يوازن بين حقوق السكن والعدالة الاجتماعية، مع التأكيد على ضرورة التكيف المحلي والتخفيف والمرونة لضمان مناطق حضرية ثرية في مواجهة تغير المناخ غير المسبوق.
دعم جهود التنمية المستدامة
وأكدت الدكتورة منال عوض وزير التنمية المحلية، في تصريحات صحفية، أن انعقاد المنتدى الحضري العالمي في القاهرة يعكس حرص الحكومة المصرية على دعم جهود التنمية المستدامة وتحقيق الأهداف الطموحة للأمم المتحدة، ويمثل فرصة استثنائية للمساهمة في التغيير الإيجابي الذي يخدم سكان المدن والريف على حد سواء.
وأشارت وزيرة التنمية المحلية إلى أن الحكومة المصرية تؤمن بأهمية تمكين المحليات وإعطائها دوراً أكبر في قيادة التنمية المستدامة على المستويين المحلي والوطني، مشيرة إلى إننا ندرك أن إشراك مختلف الأطراف في عملية التنمية، مثل المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والشباب، والمرأة، هو أساس لتحقيق شمولية التنمية وعدالته.
وأوضحت د. منال عوض أن الوزارة تلعب دوراً محورياً في توجيه جهود الإصلاح والتنمية على المستوى المحلي من خلال تمكين الإدارات المحلية وتعزيز اللامركزية من خلال تفعيل دور الإدارات المحلية في مختلف المجالات، سواء في التعليم، أو الصحة، أو الاقتصاد، أو البنية التحتية، وهو ما يعزز من فرص تحقيق رفاهية حقيقية لجميع المواطنين.
ورحبت وزيرة التنمية المحلية بالحضور نيابة عن الحكومة المصرية، في الافتتاح المشترك للجمعيات في الدورة الثانية عشرة من المنتدى الحضري العالمي الذي يعد استجابة للتحديات المعاصرة وتأكيداً على ضرورة تكامل الأدوار بين مختلف الأطراف لتحقيق التوازن بين الموارد المتاحة والاحتياجات المتزايدة.. كما يعكس التزامنا بالتنمية الشاملة التي تعزز إشراك مختلف الفئات في عملية اتخاذ القرارات وتوجيه التنمية.
وأضافت عوض أن الجمعيات الرئيسية للمنتدى وما تتضمنه من الحكومات المحلية والإقليمية، والأطفال والشباب، والنساء، والقواعد الشعبية، بالإضافة إلى جمعية الأعمال والمؤسسات يوفر قاعدة ثرية للتشاور والتعاون من خلال رؤى متنوعة تسهم في إيجاد حلول عملية ومبتكرة، تستجيب للتحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية من خلال هذا التكاتف، يمكننا مواجهة التحديات الحضرية المتزايدة في ظل التحولات العالمية والمحلية التي تتطلب منا جميعاً العمل على دعم التنمية المستدامة وتحويل التحديات إلى فرص تلائم تطلعات الأجيال الحالية والمستقبلية .
وأوضحت الوزيرة المصرية أن الجمعيات تمثل منصة يلتقي من خلالها مجموعة من القادة والخبراء والممثلين عن مختلف الفئات لتبادل الأفكار حول بناء مستقبل حضري مستدام يشمل الجميع.
وقالت عوض إن إشراك جميع الأطراف في عملية التنمية ليس ضرورياً فقط على الصعيد الوطني، بل هو أيضاً مطلب عالمي لتوحيد الجهود نحو مدن مستدامة وقادرة على مواجهة تحديات المستقبل، لافتة إلى أن الحكومة المصرية تؤمن بأن تحقيق التحول الشامل والمستدام يتطلب تعاوناً بين الحكومات المحلية والدولية، إلى جانب الشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لتوحيد الجهود وتحقيق أهداف التنمية المستدامة بفاعلية.
وأشارت وزيرة التنمية المحلية إلى الجمعية الخاصة بالحكومات المحلية والإقليمية، التي تمثل صوت الحكومات المحلية في المحافل الدولية وتعتبر آلية مهمة لبناء زخم سياسي لتحقيق أجندات التنمية المستدامة التي تبدأ محلياً، وفرصة لتسليط الضوء على ضرورة تكامل الجهود العالمية مع الواقع المحلي، إذ إن الحلول المستدامة تبدأ من المدن والمستوى المحلي، وهو ما يتماشى مع موضوع الدورة الحالية للمنتدى الحضري العالمي.
التنمية الحضارية الشاملة
من جانبه استهل المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، كلمته بالترحيب بالسيدة أناكلوديا روسباخ، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، والحضور الكريم، في هذه الافتتاحية المهمة التي تأتى مع انطلاق فعاليات المنتدى، قائلاً: نجتمع الآن لإطلاق اجتماعات المجالس المجمعة، التي يتناول كل مجلس منها، موضوعاً على قدر كبير من الأهمية لارتباطه الوثيق بمصالح البشر والمواطنين، والتنمية الاقتصادية، لا سيما في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأوضح وزير الإسكان أن المجلس المجمع بشأن النساء يهدف للمساواة وتمكين المرأة، ومن ثم تحديد المعوقات المقيدة لها التي تحد من استفادتها من فرص التقدم، ويتوجب أن نصل إلى نتائج وتوصيات يمكن تطبيقها على المستويات المحلية لتساعدها على تخطي العقبات، ومن ثم فإن إتاحة فرص التعليم والتدريب المهني والعملي والرقمي وكذا الخدمات والسكن الملائم لهن يوفر أرضية مناسبة لتقدم المرأة في المجتمع.
وأضاف الوزير، أن المجلس المجمع بشأن الأطفال والشباب سيناقش دور الشباب في التنمية الحضرية المستدامة، خاصة من خلال توصيات قمة المستقبل الأخيرة، كما أنه من المهم أن تكون رعاية الطفل جزءاً محورياً في موضوعات التنمية الحضرية، وبطبيعة الحال سيتم ربط مصالح الأطفال والشباب بالتنمية المستدامة والتوصية بإجراءات تنفيذية بشأنها، ونتطلع للتوصل إلى خطوط عريضة لاستراتيجيات مبتكرة يتبناها الشباب لمواجهة التحديات الحضرية، ومساعدتهم لدعم التغيير الإيجابي في السياسات الحضرية وكذا دعم مبادراتهم وإشراكهم في مجالات العمل العام، إضافة إلى المجلس المجمع للحكومات المحلية والإقليمية، والمجلس المجمع لكل من الأعمال والمؤسسات، وفيهما يتبلور المبدأ الذي تبنته هذه الدورة من المنتدى الحضري العالمي؛ كل شيء يبدأ في المكان والموقع الذي نعيش فيه .
وأشار وزير الإسكان إلى أن سياسة مصر التي تنفذها وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية مع وزارات وأجهزة الدولة الأخرى، ومنظمات المجتمع المدني بما فيها جمعيات رجال الأعمال وتلك الخاصة بالمرأة والأطفال والشباب، تأخذ في الاعتبار تلك القضايا التي نناقشها اليوم في المجالس المجمعة المنعقدة، كما أنه من المهم أن نذكر أن المدن العمرانية الجديدة تأخذ في اعتبارها هذه المواضيع لارتباطها الوثيق باحتياجات المواطنين، وجودة الحياة، وتوفير حياة كريمة، وقابلية المدن للعيش والعمل والتعليم، وجذب المزيد من المواطنين وفرص العمل والاستثمار فيها .
وأكد المهندس شريف الشربيني، أنه مما لا شك فيه أن هذه المناقشات التي يشارك فيها العديد من السياسيين والأكاديميين والعلماء والباحثين، وكذا المنظمات الأهلية فضلاً عن المحافظين والعُمد وغيرهم من أصحاب المصلحة، سينتج عنها العديد من النتائج التي سيتم تضمينها في الإعلان الصادر عن المنتدى، متمنياً أن تكون المناقشات مثمرة ومفيدة، وأن يتم التوصل إلى نتائج وتوصيات لتحقيق الأهداف المنشودة لخدمة المجتمع وجميع عناصره.
جدير بالذكر أن المنتدى الحضري العالمي، الذي أنشأته الأمم المتحدة في عام 2001، هو أكبر مؤتمر عالمي حول التحضر المستدام، ويهدف إلى معالجة آثار التحضر السريع على المدن والمجتمعات والاقتصادات وتغير المناخ، ومنذ إنشائه استضافت المدن في جميع أنحاء العالم المنتدى، حيث عُقدت الدورة الأولى في نيروبي بكينيا في عام 2002.