أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية اليوم الخميس أنها لا تملك معلومات حول فرض الجزائر أي قيود على وارداتها وصادراتها، لكنها أكدت أنها تراقب الوضع عن كثب، وتأتي هذه التصريحات في وقت تشير فيه مصادر دبلوماسية إلى احتمال فرض الجزائر قيوداً تجارية على فرنسا.
وتصاعدت التوترات بين باريس والجزائر في الأسابيع الأخيرة، عقب اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية المتنازع عليها، وهي منطقة يسعى المغرب للاعتراف الدولي بها كأراضٍ مغربية، وقد أثار هذا الموقف غضب الجزائر، التي تدعم جبهة البوليساريو المطالبة باستقلال الصحراء الغربية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، كريستوف لوموان، في مؤتمر صحفي أسبوعي «لا علم لدينا بمثل هذه الإجراءات، لكننا نراقب عن كثب وضع الشركات الفرنسية في الجزائر»، وفقا لرويترز.
من جانبه، أصدر مكتب رئيس الوزراء الجزائري، نادر العرباوي، بياناً نفى فيه صحة ما نشره السفير الفرنسي السابق في الجزائر، كزافييه درينكور، عبر منصة (إكس)، والذي أرفق لقطة شاشة لوثيقة يُعتقد أنها تتعلق بفرض قيود على التجارة بين البلدين، ولم تتمكن وكالة «رويترز» من التحقق من صحة الوثيقة، ولم يرد درينكور على طلبات التعليق.
وأوضح البيان «بعد المزاعم الكاذبة التي روّج لها السفير الفرنسي السابق، يود المكتب الصحفي لرئيس الوزراء التأكيد أن المعلومات المتعلقة بالإجراءات التقييدية على التجارة الخارجية لا أساس لها من الصحة».
وأكدت مصادر دبلوماسية أن الجزائر تعمل على تكثيف جهودها في الأشهر الأخيرة لتشديد بيئة الأعمال بالنسبة للشركات الفرنسية، بما في ذلك الشركات المصدرة للقمح، وأضافت المصادر أن هناك إشارات تفيد بأن الجزائر قد تستهدف واردات وصادرات فرنسية، رغم أنه لا يوجد تأكيد رسمي لهذا في الوقت الراهن.
وفي وقت سابق من عام 2022، أصدرت جمعية البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية تعليمات بوقف المدفوعات من وإلى إسبانيا بعد توجيه رسمي من وزارة التجارة، على الرغم من استثناء صادرات الغاز الأساسية، وكان هذا القرار قد نشأ نتيجة لموقف مدريد من الصحراء الغربية، ولكن التوترات قد هدأت منذ ذلك الحين.
في سياق متصل، أفادت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية اليوم الخميس بأن البنوك الجزائرية قد تستعد لفرض قيود محتملة، مشيرة إلى أن جمعية البنوك الجزائرية قد أبلغت المصارف في الرابع من نوفمبر الجاري بإمكانية اتخاذ إجراء في هذا الشأن، إلا أن دبلوماسيين حذروا من أن الجمعية لا يمكنها اتخاذ قرار من هذا النوع بشكل منفرد.
من جهتها، أكدت عدة شركات فرنسية تعمل في الجزائر أنها لم تتلقَ أي توجيهات جديدة، مشيرة إلى أنه لا يوجد أي تواصل رسمي حتى الآن بشأن مواجهة صعوبات تجارية معينة.
وفي السياق ذاته، أشار تجار الحبوب إلى أن الجزائر استبعدت فرنسا من مناقصات القمح الشهر الماضي، في ظل التوترات الدبلوماسية، إلا أن الديوان المهني الجزائري للحبوب أكد أنه تعامل مع جميع الموردين على قدم المساواة وطبق متطلبات فنية لتغطية احتياجاته من الواردات.
ويُذكر أن التوترات التجارية بين البلدين تشبه النزاع الذي نشأ قبل ثلاث سنوات، حيث تم استبعاد فرنسا من مناقصات القمح في الجزائر لعدة أشهر بسبب خلافات دبلوماسية.
ورغم هذه التوترات، أظهرت التجارة بين البلدين نمواً بنسبة تتجاوز خمسة بالمئة في عام 2023، مع زيادة صادرات الهيدروكربونات الجزائرية إلى فرنسا بنسبة 15%، بينما سجلت الواردات الفرنسية إلى الجزائر انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0.5%، وفقاً لبيانات وزارة المالية الفرنسية.