تضرر النمو الاقتصادي العالمي بتباطؤ أحد أهم قاداته، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي الهندي ارتفاعاً بنسبة 5.4 في المئة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، وهذه أبطأ وتيرة للنمو الفصلي منذ ما يقرب من عامين.

ربما تكون هذه مجرد عثرة، ولكن هناك ضغوط واضحة يمكن أن تضر بالأحلام الوردية التي تبناها المحللون بخصوص أداء خامس أكبر اقتصاد في العالم.

أدى ضعف إنتاج المصانع، والطلب الاستهلاكي المترنح، إلى الفشل في تحقيق تقديرات بنك الاحتياطي الهندي للنمو، البالغة 7 في المئة.

قطاع التصنيع لم يكن ينمو، بل بالكاد يزحف مقارنةً بالعام الماضي، حيث حقق نمو 2.2 في المئة فقط، مقارنة بنحو 14 في المئة في العام المالي الماضي، هذا في الدولة التي تطمح إلى تجميع ربع إنتاج العالم من أجهزة آيفون بحلول عام 2028.

وخيبت أرباح الشركات الكبرى الآمال، حيث تجاوزت نصف الشركات المُدرجة في مؤشر «نفتي 50» تقديرات المحللين، بينما فشل النصف الآخر في تحقيق التوقعات بعد أن تسبب حرص المتسوقين في تآكل أرباح الشركات العملاقة، وهذا أسوأ أداء للشركات الهندية منذ مارس 2020، وفقاً للبيانات التي جمعتها شركة مجموعة بورصات لندن.

كما أدت الانتخابات الوطنية في أبريل ومايو إلى دفع ساسة الهند للضغط على المكابح فيما يتعلق بالإنفاق على البنية التحتية، الإنفاق الذي كان عاملاً رئيسياً في دفع النمو في السنوات الأخيرة، وقد خفض حُكام بعض ولايات البلاد الإنفاق الاستثماري من أجل تقديم إعانات نقدية للمواطنين لتسهيل فوزهم بالانتخابات، وتزامن كل ذلك مع حملة صارمة على الائتمان غير الموثوق من قبل البنك المركزي، الذي يجد نفسه الآن محاصراً بين تباطؤ النمو والتضخم الذي يبلغ 6.2 في المئة، وهو أعلى من النطاق المستهدف.

ومن المُقرر أن تجتمع لجنة تحديد الأسعار التابعة للمركزي هذا الأسبوع.

وتصف إدارة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، التوسع الأخير في طباعة النقد بأنه «حدث لمرة واحدة»، ولن يتكرر، وتأمل أن يدعم الإنفاق الاحتفالي للمواطنين، وأسعار النفط المعقولة، معدلات النمو في باقي السنة المالية.

ولكن هناك وجهة نظر أكثر تشككاً في الاقتصاد الهندي، مفادها أن الهند عادت إلى مسار النمو البطيء الذي كانت تسلكه قبل جائحة كوفيد- 19، بعد ثلاث سنوات من الإنفاق المُكثف بغرض التعافي، وهناك تفسير آخر لتباطؤ النمو، وهو أن طلب المواطنين توجه إلى لاعبين أصغر ينتمون إلى الاقتصاد غير الرسمي، والذي لا تجيد مؤسسات إعداد البيانات الحكومية إحصاءه.

مزيد من الألم

قد يؤدي التهديد بفرض رسوم أعلى في ظل إدارة ترامب إلى توجه الصين إلى أسواق أخرى وإغراق السوق الهندية المجاورة بالسلع الصينية، بل ومنافسة الهندق في الأسواق الخارجية، ما يضر بالميزان التجاري الهندي، كما قد يؤدي تباطؤ النمو إلى تسريع تدفقات الأموال خارج الاقتصاد الهندي لصالح جمهورية الصين الشعبية، التي تقدم حكومتها حوافز هائلة لدعم الاقتصاد.

عموماً ستؤدي البيانات الصادمة إلى طرح تساؤلات حول ما إذا كان الرهان على الاقتصاد البالغ 3.7 تريليون دولار كان رهاناً واقعياً ويعتمد على المؤشرات الصحيحة، لقد حانت لحظة الحساب للهند.