أصيب مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، بخيبة أمل لأنه اضطر للتنازل عن سياسته السابقة برفض التعامل مع البيت الأبيض إلّا عند الضرورة، ومنع مؤسسته الخيرية من تقديم أي برامج يمكن اعتبارها حزبية، وكبح النشاط السياسي للموظفين في ميتا، بيد أنه الآن يحاول تلطيف علاقته المتوترة منذ فترة طويلة مع دونالد ترامب، حسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز.
ويسعى زوكربيرغ إلى «دور نشط» في تشكيل السياسات الخاصة بالتكنولوجيا في الإدارة القادمة، أي إنه يريد العمل مباشرةً مع دونالد ترامب وإيلون ماسك، الرئيس الذي هدده مؤخراً بالسجن مدى الحياة، والملياردير المنافس في مجال التكنولوجيا الذي تحداه لنزال في قفص.
وسبب التحول في توجهات زوكربيرغ من الرفض الشديد للانخراط في السياسة إلى محاولة استرضاء الرئيس، هو سبب بسيط: لقد فاز ترامب، ويبدو أن زوكربيرغ لا يمتلك خياراً وإلا سيغضب الرئيس الجديد، القادر على تدمير أسهم شركة أو إشعال حملة مقاطعة بمنشور واحد على وسائل التواصل الاجتماعي.
دور ماسك
يرحب ترامب بوجود صديقه المخلص إيلون ماسك في دائرته الداخلية، حيث يبدو أن ماسك يستمتع بدوره كحارس باب دخول المديرين التنفيذيين إلى الرئيس.
ووفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه أي، والمتحدث الأكثر شهرة باسم صناعة الذكاء الاصطناعي، شخص غير مرغوب فيه في منتجع «مار إيه لاغو» لأن ماسك «يكرهه».
ومنتجع «مار إيه لاغو» في بالم بيتش بفلوريدا، هو المقر المُفضل لمالكه ورئيس الولايات المتحدة المنتخب دونالد ترامب.
والأمر لا يخص مارك زوكربيرغ وسام التمان وحدهما، إذا نظرنا إلى الأمر من منظور أوسع فإنه يعكس تحولاً أوسع نطاقاً في السنوات الأخيرة في الطريقة التي يتعامل بها قادة الأعمال للحفاظ على مؤسساتهم.
خلال فترة ترامب الأولى كان من الرائع التحدث عن القضايا السياسية، كما فعل العديد من المديرين التنفيذيين، لكن الآن يُفضل الخضوع الكامل أو الصمت الكامل على أمل ألّا يلاحظك ترامب.
والأمر لا يرتبط فقط بتغريدات التهنئة لترامب، ولكن هناك قرارات مؤسسية تم اتخاذها.
في الأسبوع الماضي، أعلنت شركة وول مارت أنها ستنهي برامج تدريب الموظفين المصممة لتعزيز المساواة العرقية، فبعد أن حجز ترامب مقعده لفترة ولاية ثانية، تشعر الشركات بضغوط أقل للتظاهر بالانضمام لجبهة التنوع والإنصاف والشمول.
من المؤكد أن الكثير من الشركات لا تزال ملتزمة ببرامج التنوع والإنصاف والشمول، وليس كل المديرين التنفيذيين يتحولون إلى أشخاص متملقين، ولكن «ضغوط الشمول» أصبحت أقل.
وقال أستاذ التعليم والأعمال في جامعة جنوب كاليفورنيا شون هاربر «إن انتخاب ترامب يمنح قادة الأعمال الذين لم يلتزموا أبداً بالتنوع والإنصاف والشمول مخرجاً سهلاً».
بعبارة أخرى، يمكن القول إن مفهوم «رأسمالية أصحاب المصلحة»، الشامل للمجتمع يخسر معركته أمام مفهوم «رأسمالية المساهمين» المتركز على تحقيق الأرباح فقط.
الصداقة أو المخاطر
يعرف زوكربيرغ المخاطر المرتبطة بولاية ترامب أفضل من أي شخص آخر، في الربيع الماضي اتصل ترامب بشبكة (سي إن بي سي) للهجوم على فيسبوك، واصفاً الموقع بأنه «عدو الشعب» ما دفع أسهم ميتا إلى الانهيار، ولكن هناك ما يقلق زوكربيرغ أكثر من مجرد يوم سيئ واحد في وول ستريت.
لقد أصبحت ميتا شركة بقيمة 1.5 تريليون دولار بفضل البيئة التنظيمية التي سمحت لها بالتهام المنافسين المحتملين، بما في ذلك إنستغرام وواتساب، وقد يكون هذا هو المفتاح لنمو ميتا في المستقبل حيث تتنافس مع قبضة تيك توك ويوتيوب الخانقة على الجيل زد.
وبالطبع يحتاج زوكربيرغ إلى استمرار هذه البيئة التنظيمية المتساهلة مع توجهاته، أو ربما يحصل على دعم أكثر لمزيد من السيطرة على الأسواق.