قال محللون إن الضوابط التصديرية الانتقامية التي فرضتها الصين على تدفق البضائع إلى الولايات المتحدة ستؤثّر سلباً في قطاع الطاقة النظيفة المتنامي في الولايات المتحدة وصناعة الدفاع الراسخة، مع تصاعد الصراع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.

وأعلنت بكين الأسبوع الماضي أنها ستحظر صادرات الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون إلى الولايات المتحدة، وهي المواد المستخدمة في إنتاج أشباه الموصلات والخلايا الشمسية، كما شددت الصين القيود على الغرافيت، وهو معدن أساسي في صناعة السيارات الكهربائية.

وتأتي هذه الخطوات، التي قالت بكين إنها تهدف إلى حماية الأمن القومي، في أعقاب القيود التي فرضتها واشنطن على قدرة الصين على تصنيع الرقائق المتقدمة، الحيوية للغاية في تقنية الذكاء الاصطناعي.

ومن المرجّح أن يؤدي وصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير كانون الثاني إلى تصعيد التوترات التجارية، مع تعهد الرئيس الجمهوري بالفعل بفرض تعريفات جمركية شاملة على الواردات الصينية.

وقال محللون إن الأمر سيستغرق بعض الوقت لتقييم التأثير الإجمالي للقيود الصينية الجديدة على الصناعات الأميركية، وإن كان التأثير الآني المتوقع محدوداً.

قال أرون سيرافين من الرابطة الوطنية للصناعات الدفاعية «من المؤكد أن هذا من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع التكاليف، وقد يخلق مواقف لا يمكنك فيها إنتاج ما تحتاج إليه»، وأضاف لوكالة الأنباء الفرنسية «من المؤكد أنه سيؤدي إلى الكثير من عدم اليقين للشركات التي تريد التخطيط لسلسلة التوريد الخاصة بها».

التكنولوجيا الدفاعية

ترى جريسلين باسكاران وميريديث شوارتز من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في تقرير تحليلي حديث، أن «الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون هي مدخلات حيوية لتقنيات الدفاع»، لأن هذه المواد لها خصائص تعزّز أداء الأجهزة وسرعته وكفاءة الطاقة.

ويُستخدم الأنتيمون في الأجهزة المقاومة للحرائق وله استخدامات مرتبطة بالدفاع.

وحذّر التقرير من أن الصين تستثمر في الذخائر وتشتري أنظمة أسلحة متطورة بسرعة أكبر من الولايات المتحدة، بينما تفتقر القاعدة الصناعية الأميركية إلى القدرة على تلبية احتياجات إنتاج التكنولوجيا الدفاعية من هذه المعادن، لهذا يرى التقرير «أن الحظر المفروض على المدخلات المعدنية الحيوية سيسمح للصين بالتفوق على الولايات المتحدة في بناء هذه القدرات».

وتُقدّر هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أنه إذا تم تقييد صادرات الصين من الغاليوم والجرمانيوم في وقتٍ واحد، فقد ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بمقدار 3.4 مليار دولار.

الطاقة النظيفة

بالإضافة إلى الدفاع، تُستخدم أشباه الموصلات القائمة على الغاليوم في إلكترونيات التردد اللاسلكي، وخلايا (إل. إي. دي.) المُستخدمة في الإضاءة والخلايا الشمسية عالية الكفاءة، كما أشارت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

وعلى الرغم من أن السيارات التي تعمل بالبنزين لا تحتاج إلى الغرافيت، فإن السيارات الكهربائية تتطلب في المتوسط 136 رطلاً (61.7 كيلوغرام) من هذه المادة، بحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

وسيتسبب الحظر الصيني في مخاطر بالنسبة للولايات المتحدة، التي حفّزت مليارات الدولارات من استثمارات القطاع الخاص للتحول إلى إنتاج السيارات الكهربائية محلياً من خلال الإعانات عبر (قانون خفض التضخم) الذي أقره بايدن، وهو عبارة عن حزمة من سياسات تشجيع التحول في مجال الطاقة بالإضافة إلى بعض الإصلاحات الاجتماعية.

وقال أرون سيرافين إنه على الرغم من أن واشنطن دفعت أيضاً لجذب الاستثمار وبناء القدرات على تصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة من خلال قانون الرقائق والعلوم، فإن هذه الجهود لا تستهدف بعد توفير مكونات مثل الجرمانيوم.

التحديات

تعمل الإجراءات الانتقامية التي اتخذتها بكين هذا الأسبوع على تكثيف القيود المفروضة على الغاليوم والجرمانيوم التي أُعلن عنها عام 2023، إذ ترد الصين على ضوابط التصدير الأميركية السابقة على تصدير أشباه الموصلات إلى الصين.

وقال بول تريولو، من مجموعة ألبرايت ستونبريدج «من المرجّح أن الصناعة فوجئت إلى حد ما بسرعة فرض حظر أوسع نطاقاً، على الرغم من توقعها بعض القيود»، وأشار إلى أن وزارة التجارة الصينية طبقت بالفعل نظام ترخيص لهذه المعادن الرئيسية، بما في ذلك «تراخيص يتم تجديدها كل ثلاثة أشهر لمحاولة منع التخزين».

وفي حين يشهد العالم بعض الجهود لتخزين المعادن مثل الجرافيت والغاليوم، لا يبدو أن هذه الجهود تتم بالتنسيق بين السلطات الأميركية وحلفائها للحد من الاعتماد على الصين على المدى الطويل.

ويعتقد تريولو أنه سيكون من الصعب خلق القدرة على معالجة وإنتاج المنتجات القائمة على هذه المعادن خارج الصين، بسبب التكاليف والتحديات التنظيمية، وقال «الشركات مترددة في دخول هذه الأسواق دون دعم وضمانات طويلة الأجل، نظراً لهيمنة الشركات الصينية».