أشار زعماء صينيون إلى استعدادهم لنشر أي حافز مطلوب لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية التجارية الأميركية المتوقعة على النمو الاقتصادي في العام المقبل.

ووفقاً لرويترز، تدل هذه التصريحات إلى أن الصين مستعدة للتعمق أكثر في الديون، وإعطاء الأولوية، على الأقل في الأمد القريب، للنمو على المخاطر المالية.

وقال المسؤولون إنهم سيتحولون إلى موقف «مرن بشكل مناسب» للسياسة النقدية، وروافع مالية أكثر استباقية، وهي واحدة من أكثر تصريحاتهم تشاؤماً منذ أكثر من عقد من الزمان.

تزامن الموقف السابق الذي تبناه البنك المركزي على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية مع ارتفاع الدين الإجمالي، بما في ذلك ديون الحكومات والأسر والشركات، بأكثر من 5 مرات، كما توسع الناتج المحلي الإجمالي بنحو ثلاثة أمثال خلال الفترة نفسها.

يقول تانج ياو، الأستاذ المشارك في الاقتصاد التطبيقي بجامعة بكين، إن إعادة ضبط السياسة أمر ضروري، لأن النمو الأبطأ من شأنه أن يجعل خدمة الدين أكثر صعوبة.

«لقد تصالحوا إلى حد كبير مع حقيقة أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي سترتفع بشكل أكبر، مضيفاً أن هذا لم يعد قيداً ملزماً»، قال كريستوفر بيدور، نائب مدير أبحاث الصين في جافيكال دراجونوميكس.

ولكن من غير الواضح إلى أي مدى يمكن للبنك المركزي أن ينشر التيسير النقدي وإلى أي مدى يمكن لوزارة المالية أن تصدر المزيد من الديون العام المقبل، ولكن المحللين يقولون إن هذا يعمل لصالح بكين.

علام يتوقف رد فعل بكين على تهديدات ترامب؟

إن توقيت ومستوى الرسوم النهائي، الذي توقع استطلاع أجرته رويترز الشهر الماضي أن يبلغ نحو 40% في البداية، سوف يحدد رد فعل بكين.

كما سيتوقف رد فعل الصين في قراراتها خلال 2025 على مقدار التعريفات الجمركية الأميركية وأيضاً الناتج المحلي الإجمالي المستهدف خلال العام، كما قال لاري هو، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في ماكواري.

وسوف تتم مناقشة النمو والعجز في الميزانية وغير ذلك من الأهداف في العام المقبل 2025، ولكن لن يتم الإعلان عنها، في الأيام المقبلة في اجتماع سنوي لقادة الحزب الشيوعي، المعروف باسم مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي.

وأفادت وكالة رويترز الشهر الماضي بأن أغلب مستشاري الحكومة يوصون بأن تحافظ بكين على هدف نمو يبلغ نحو 5%، على الرغم من أن هذه الوتيرة بدت صعبة المنال طوال هذا العام.

ويقول زونغ ليانغ، كبير الباحثين في بنك الصين المملوك للدولة، إن نبرة بيان المكتب السياسي تشير إلى أن الصين لن تخفّض طموحاتها في النمو لعام 2025، ولكنها تشير أيضاً إلى أن الصين من المرجّح أن تحدد هدفاً أولياً لعجز الميزانية بنحو 4 بالمائة، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق.

وقال تينج لو، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في نومورا، والذي يتوقع أيضاً عجزاً مالياً بنسبة 4 بالمئة، ارتفاعاً من 3 بالمائة عام 2024.

أضاف: «قد ترغب بكين في استخدام هدف النمو 5 بالمائة لإظهار أنها لن تستسلم للتعريفات الجمركية التي هدد بها ترامب بنسبة وغيرها من التدابير التقييدية المفروضة على الصين».

كيف يزيد الحافز من عجز الصين؟

إن زيادة نقطة مئوية واحدة في العجز تعادل حافزاً إضافياً يبلغ نحو 1.3 تريليون يوان (179.4 مليار دولار)، لكن الصين يمكنها أن تضيف إلى ذلك إذا لزم الأمر من خلال إصدار سندات خاصة خارج الميزانية أو السماح للحكومات المحلية بذلك.

من المتوقع أن تتولى بكين تدريجياً مسؤولية مالية أكبر، حيث إن البلديات المحلية غارقة في الديون.

يتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاعاً حاداً في ديون القطاع الحكومي في الصين.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية مع شعور المستهلكين بانخفاض ثرواتهم بسبب أزمة العقارات المطولة وضعف الرعاية الاجتماعية، ويشكّل انخفاض الطلب من الأسر خطراً رئيسياً يهدد النمو، وفي إشارة واضحة إلى هذا الخطر، تعهد المكتب السياسي «بإجراء تعديلات غير تقليدية مضادة للدورة الاقتصادية» و«تعزيز الاستهلاك إلى حد كبير».

كيف قرأ محللو غولدمان ساكس بيان الزعماء الصينيين؟

ويشير الصياغة الجديدة إلى أن تركيبة التحفيز «من المرجح أن تختلف بشكل كبير عن الدورات الماضية، مع التركيز بشكل أكبر على الاستهلاك والتصنيع عالي التقنية واحتواء المخاطر بدلاً من البنية الأساسية التقليدية والاستثمار العقاري»، كما قال محللو غولدمان ساكس في مذكرة.

كما قرأ مورجان ستانلي البيان على أنه يشير إلى أن رفع الاستهلاك سيكون «المهمة الرئيسية لعام 2025»، لكنه حذّر من أن «التنفيذ لا يزال غير مؤكد».

أصدرت الصين تصريحات قوية بشكل متزايد بشأن تعزيز الاستهلاك طوال العام، لكنها لم تقدم سوى القليل من حيث السياسات باستثناء نظام الدعم لشراء السيارات والأجهزة وبعض السلع الأخرى.