أكد الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) اليوم الأربعاء استضافة السعودية كأس العالم 2034، وستأتي استضافة الحدث الأبرز في عالم كرة القدم بعد أربع سنوات من تحقيق المملكة رؤية 2030 الرامية لتنويع اقتصاد البلاد بعيداً عن النفط لتكون البطولة بمثابة محرك للعديد من المشروعات الاقتصادية الكبرى خلال الفترة الحالية.
وينتظر أن تكون قطاعات السياحة والرياضة والبناء والتشييد الأكثر استفادة من استضافة السعودية كأس العالم 2034، مع توقعات باستثمارات ضخمة في هذه القطاعات لضمان بطولة ناجحة.
الرياضة
يُعد الاقتصاد الرياضي محوراً رئيسياً ضمن رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، استخدمت السعودية في السنوات الأخيرة نجوم الرياضة لتعزيز مكانتها العالمية وتعاقدت مع أسطورتي كرة القدم ليونيل ميسي و كريستيانو رونالدو ليكونا سفراء غير رسميين لملف استضافة كأس العالم.
في مقابلة عام 2023 مع فوكس نيوز قال الأمير محمد بن سلمان «إذا كانت الرياضة ستزيد من ناتجنا المحلي الإجمالي فسنستمر في الاستثمار بالرياضة، لدي نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1 في المئة من الرياضة، وأريد 1.5 في المئة أخرى وسنحصل على هذه النسبة».
وفي السياق نفسه قال المسؤول عن ملف استضافة كأس العالم حماد البلوي في مقطع فيديو «نتوقع أفضل كأس عالم على الإطلاق، لا تفكر في بطولة كرة قدم فكر في مهرجان كرة قدم حيث الغناء والرقص والتكاتف والشعور بالأمان، سنجلب المزيد من الفرق والمزيد من المشجعين إلى مكان واحد أكثر من أي وقت مضى».
في عام 2023 وحده استضافت السعودية 50 حدثاً رياضياً دولياً واستقطبت أكثر من 2.5 مليون زائر وخلقت أكثر من 70 ألف فرصة عمل.
ويمتد هذا الانخراط إلى أحداث شهيرة مثل دبليو دبليو إي و يو أف سي وتشكيل تحالفات استراتيجية تهدف إلى وضع السعودية وجهةً رئيسية للرياضة والترفيه، ولم ترفع هذه الأحداث من شأن القطاع الرياضي السعودي فحسب، بل حفّزت أيضاً التدفق المالي من خلال مبيعات التذاكر والرعاية وحقوق البث ومبيعات البضائع.
وسيستفيد القطاع الرياضي بشدة من بناء 11 ملعباً جديداً وتجديد أربعة ملاعب موجودة بالفعل.
التشييد والبناء
تكلفت قطر نحو 220 مليار دولار لاستضافة كأس العالم 2022 معظم هذه التكلفة ذهب إلى بناء سبعة ملاعب وإضافة 130 ألف غرفة فندقية لاستيعاب جمهور البطولة، وبينما لم تعلن السعودية بعد عن الميزانية الموضوعة لتطوير البنية التحتية لاستضافة كأس العالم 2034 فإنها أعلنت عن نيتها بناء 11 ملعباً جديداً وتجديد أربعة ملاعب موجودة بالفعل بالإضافة لزيادة 185 ألف غرفة فندقية جديدة، ما يشير إلى تكلفة ضخمة.
وستعمل كأس العالم 2034 على تسريع طفرة البناء في السعودية، مع مشاريع كبرى مثل الملاعب الحديثة وأنظمة المترو المطورة وسعة المطارات الموسعة التي تؤكد على جاهزية البنية التحتية للبلاد لهذا الحدث العالمي.
ومن المتوقع أن يزدهر القطاع، الذي يعد بالفعل ثاني أكبر صناعة غير نفطية، بأكثر من 5200 مشروع، وتمثل هذه المشاريع التي تبلغ قيمتها 819 مليار دولار 35 في المئة من إجمالي المشاريع النشطة في دول مجلس التعاون الخليجي اليوم، وذلك بفضل تعهد الحكومة بأكثر من تريليون ريال (نحو 266 مليار دولار) للعقد المقبل وكأس العالم 2034 المقبلة.
وتسعى الرياض إلى إعادة تشكيل مكانة المملكة على المستوى العالمي من خلال تطوير مطار الملك سلمان الدولي الذي من المتوقع أن يستوعب 120 مليون مسافر سنوياً بحلول عام 2030.
ويشكل هذا التوسع الذي يزيد من سعة المطار بنسبة 380 في المئة شهادة على استعداد الدولة لاستضافة تدفقات من السياح، وخاصة خلال بطولة كأس العالم.
ومن المتوقع أن يسهم المطار الجديد، الذي من المقرر أن يكون من بين أكبر المطارات في العالم بمبلغ إضافي قدره 7.18 مليار دولار سنوياً في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة.
السياحة
تهدف رؤية 2030 إلى تحويل السعودية إلى مركز سياحي عالمي، وبحلول نهاية العقد، تريد المملكة جذب 80 مليون سائح محلي سنوياً و70 مليون سائح دولي.
ويسير قطاع السياحة في السعودية على مسار نمو سريع مع زيادة هائلة بنسبة 378 في المئة في عدد السياح الدوليين الوافدين في عام 2022 ما يعني 16.6 مليون زائر.
ولن تعمل كأس العالم إلا على تضخيم هذا الإغراء مع توقع زيادة في عدد المتفرجين الدوليين في إشارة إلى 3.4 مليون شخص حضروا كأس العالم في قطر في عام 2022، ومع تصاعد حماس كرة القدم العالمية تقف السعودية على أعتاب ذروة السياحة.
إن تسليط الضوء العالمي على السعودية خلال كأس العالم سوف يجذب الشركات الدولية والإقليمية لتوسيع آفاقها في المملكة، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030 لزيادة مساهمة القطاع الخاص من 40 في المئة إلى 65 في المئة ومساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في الناتج المحلي الإجمالي من 3.8 في المئة إلى 5.7 في المئة.
سيحوّل الحدث المملكة إلى ساحة أعمال عالمية مع فرص لا حصر لها للتعاون والشراكات والمشاركة الاقتصادية، ويمثل كأس العالم 2034 دعوة مفتوحة من السعودية للعالم لسردها الثقافي والتاريخي الغني.