يهدد النقص الحاد في عمال البناء خطط الحكومة البريطانية لبناء 1.5 مليون منزل بحلول عام 2029 في إنجلترا للمساعدة على دفع النمو الاقتصادي.

وفاز حزب العمال بزعامة رئيس الوزراء كير ستارمر في انتخابات يوليو بناءً على تعهد بتعزيز النمو وتحسين البنية التحتية، فضلاً عن إصلاح الخدمات العامة، ويمثّل البناء 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما يدعم النمو في القطاعات الأخرى.

رحّب المطورون بتفاصيل خطط الحكومة لإصلاح نظام التخطيط البريطاني وتخصيص المزيد من الأراضي للبناء، ولكن الكثيرين يرون أن طموحات حكومة ستارمر غير قابلة للتحقيق ما لم تعالج أزمة نقص العمال.

أثارت هذه الفجوة تساؤلات بشأن ما إذا كانت بريطانيا بحاجة إلى إعادة التفكير في نظام الهجرة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب التدريب الأفضل لدمج المزيد من الشباب في القوى العاملة المتقدمة بالفعل في السن.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة ليونكورت هومز، كولين كول «ليس لدينا ما يكفي من العمال لبناء المنشآت التي نريد بناءها الآن، ناهيك عن التفكير في أننا سنصل إلى 1.5 مليون منزل على مدى السنوات الخمس المقبلة»، مضيفاً «لذا فهي مشكلة كبيرة».

وأوضح كول أن عمال ليونكورت البالغ عددهم 1000 عامل، ومعظمهم من المقاولين من الباطن، يعملون بكامل طاقتهم للتعامل مع عبء العمل الحالي.

وتابع كول، الذي من المقرر أن تفتتح شركته ثاني أكبر موقع إنشاء مساكن لها حتى الآن في مدينة ووستر بوسط إنجلترا الشهر المقبل «سنكافح للحصول على أعداد المقاولين لتلبية هذا الطلب».

التحديات

افتقرت بريطانيا منذ فترة طويلة إلى المرشحين لشغل الوظائف، وهي المشكلة التي تفاقمت بسبب تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016 وجائحة كورونا، وفي الوقت نفسه بلغ عدد الوظائف الشاغرة أعلى من مستواها قبل الجائحة.

يجب على قطاع البناء، كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى، أن يتعامل أيضاً مع مشكلة أن العديد من العمال المهرة يقتربون من سن التقاعد، وتتوقع جمعية مواد البناء أن يخسر القطاع 500 ألف عامل بسبب التقاعد خلال ما بين 10 و15 سنة، وهو ما يمثل نحو 25 في المئة من إجمالي القوى العاملة.

قال كول إن 65 في المئة من عمال البناء في ليونكورت تزيد أعمارهم على 45 عاماً ونحو 45 في المئة أكبر من 55 عاماً، بينما أقل من 10 في المئة تتراوح أعمارهم بين 25 عاماً أو أقل.

وقال خبراء الصناعة والشركات إن نظام التعليم في بريطانيا لا يوفر للجيل المقبل من عمال البناء المهارات اللازمة.

تظهر بيانات اتحادات بُناة المنازل أن واحداً فقط من كل أربعة طلاب يكملون دورات البناء يدخل سوق العمل بعد الانتهاء من الدورة.

أعلنت الحكومة عن 32 مركزاً للمهارات لتوفير تدريب سريع لخمسة آلاف متدرب إضافي في مجال بناء المنازل سنوياً بحلول عام 2028 في مهن مثل البناء بالطوب والسقالات.

قال مجلس تدريب صناعة البناء، الذي يمثّل قطاعي البنية التحتية وبناء المنازل، إن هناك نحو 33600 متدرب في برامج التدريب طويلة الأجل في 2022-2023، وهو أقل من 50 ألف متدرب مطلوب كل عام للحفاظ على النشاط.

كما لا يعكس القطاع تنوع سكان بريطانيا، فوفق بيانات معهد البناء المعتمد إن 6 في المئة فقط من العمال يأتون من الأقليات العرقية، و15 في المئة فقط من النساء.

الهجرة

ستجبر أزمة نقص العمال الحكومة البريطانية على إيجاد طريقة للتوفيق بين وعودها بخفض مستويات الهجرة القياسية واحتياجات أصحاب العمل.

وقال الخبير الاقتصادي البريطاني في كابيتال إيكونوميكس، آشلي ويب «العمال الأجانب سيكونون بمثابة ضرورة لدعم المعروض من العمالة المطلوبة».

قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كان لمواطني الاتحاد الأوروبي حقوق غير مقيدة للعيش والعمل في بريطانيا، ولكن بعد الخروج أصبح من الصعب للغاية سد النقص في سوق العمل.

وقالت الحكومة إنها تريد تدريب الأشخاص الموجودين بالفعل في بريطانيا، لتقليل الاعتماد على العمال الأجانب، وصرح وزير الإسكان، ماثيو بينيكوك، يوم الخميس «نحن لا نتطلع إلى تخفيف القيود، لكننا سنعتمد جزئياً على بعض العمال الأجانب»، وأضاف لإذاعة إل بي سي الأميركية «يتعين علينا أن نبذل المزيد من الجهود لتدريب وتطوير مهارات شعبنا للعمل في هذه الصناعة».