مع اقتراب استضافة السعودية كأس العالم 2034، تتحول الأنظار العالمية نحو هذه الدولة التي تسعى إلى تحقيق قفزة نوعية في البُنية التحتية والاقتصاد.

يأتي هذا الحدث كجزء من رؤية السعودية 2030 الطموح، التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز مكانتها كوجهة رياضية وسياحية عالمية.

استضافة المونديال ليست مجرد بطولة رياضية، بل هي فرصة لإبراز التطورات الهائلة في المدن الذكية، والنقل المتقدم، والاستثمار في قطاعات جديدة تدفع عجلة النمو الاقتصادي.

وأعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، رسمياً أن السعودية ستستضيف بطولة كأس العالم لكرة القدم 2034، إذ حصل العرض على أعلى تقييم بـ419.8 درجة من أصل 500.

وسيكون هذا الحدث العالمي ثالث أضخم حدث تستضيفه السعودية خلال السنوات العشر المقبلة، بعد كأس آسيا 2027 ومعرض إكسبو 2030، وتعكس استضافة كأس العالم 2034 -إلى جانب الأحداث الكبرى الأخرى- الدور السعودي المتنامي على الساحة العالمية والتزامها بتعزيز الرياضة والتبادل الثقافي.

وكشفت شركة الأهلي كابيتال عن تأثير مونديال 2034 على الاقتصاد السعودي، إذ يؤدي الحدث إلى تسريع النمو الذي بدأ مع رؤية 2030.

مونديال 2034 والبنية التحتية للمملكة

أبرز القطاعات التي سيحدث فيها تطور كبير هي البنية التحتية، إذ ستتم استضافة البطولة في 5 مدن و15 ملعباً، ومن بين الإجمالي سيتم تجديد 4 ملاعب موجودة، فيما يتم إنشاء 11 ملعباً، وسيتم بناء الملاعب لاستيعاب أكثر من 770 ألف مشجع.

وتقدر «الأهلي كابيتال» أن متوسط ​​تكلفة الاستاد يبلغ مليار دولار أميركي، وذلك تماشياً مع متوسط التكلفة العالمية، بالإضافة إلى ذلك من المتوقع أن يتم تطوير البنية التحتية واللوجستيات الرئيسية، ومع ذلك فإن معظم الاستثمارات هي جزء من برامج أو رؤية 2030، ومشاريع أخرى مثل إكسبو 2030 وكأس آسيا 2027.

وبما أن المطارات ستلعب دوراً رئيسياً في نجاح البطولة، فمن المتوقع أن تتوسع مطارات المدن الخمس الرئيسية، مدعومة بالتوسع في أسطول الخطوط الجوية السعودية الكبرى، علاوة على ذلك ستتم توسعة مترو الرياض ليصل إلى 7 مسارات (من 5 حالياً) بسعة 3.6 مليون راكب.

أما مدينة جدة فسوف تعتمد على شبكة السكك الحديدية، وأنظمة الحافلات، بينما ستعتمد مدن أخرى بشكل أساسي على أنظمة الحافلات.

وتاريخياً، كان تأثير بطولة كأس العالم لكرة القدم على الاقتصادات المضيفة كبيراً، وذلك بسبب الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية والخدمات المرتبطة بالبطولة، مثل الفنادق والنقل والخدمات اللوجستية.

بشكل عام، الأحداث الكبرى تساعد في خلق فرص العمل الدائمة والمؤقتة وتحسين مناخ الاستثمار من خلال جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وبالتالي دعم النشاط الاقتصادي ونمو الناتج المحلي الإجمالي.

ومن المتوقع أن ينعكس التطوير في البنية التحتية بشكل إيجابي على سوق الأسهم، ما يؤدي إلى عائد إيجابي للسوق وتوسيع التقييم.

وفي حين ستشهد السياحة والخدمات الاستهلاكية وتأجير السيارات نمواً أعلى، فإن التحسن العام في النشاط الاقتصادي من شأنه أن يدفع قطاع الأغذية والمشروبات والسلع الاستهلاكية الأساسية أيضاً إلى الارتفاع.

التطوير في قطاع الفنادق والضيافة

ستساعد 10 مدن أخرى أيضاً في استضافة كأس العالم من خلال توفير الخدمات المختلفة الخاصة بالإقامة والضيافة، وهي؛ الباحة، وجازان، والطائف، والمدينة المنورة، والعلا، وأملج، وتبوك، وحائل، والأحساء، وبريدة، وستوفر السعودية 72 معسكراً تدريبياً للفرق ومعسكرين للحكام بإجمالي 134 منشأة.

وبالنسبة للفنادق، يوجد 96 فندقاً و38 قيد التخطيط، والغالبية العظمى من المرافق على بعد 20 دقيقة بالسيارة من الفنادق والمطارات، أما بالنسبة للمرافق فهناك 71 منشأة مخططة بينما 63 متاحة حالياً.

ومن المتوقع أن تتوفر أكثر من 500 ألف غرفة فندقية بحلول عام 2034 في جميع أنحاء المدن السعودية، مقارنة بـ280 ألف غرفة فندقية في عام 2023، ويشير هذا إلى استثمار كبير متوقع وفرصة في مجال الضيافة.

علاوة على ذلك، ستتضمن كل مدينة منطقتين لمهرجانات المعجبين (إجمالي 10 مناطق)، ومن المتوقع أن توفر السعودية مناطق كبيرة تتجاوز الحد الأدنى لمتطلبات السعة وهو 37,500 متر مربع و15 ألف شخص.

تأثير إيجابي طويل المدى على الاقتصاد

كشفت شركة «الأهلي كابيتال»، أنه من المتوقع أن يكون هناك تأثير إيجابي طويل المدى الاقتصادي، لأنه تاريخياً كان تأثير كأس العالم على الاقتصادات المضيفة كبيراً، وذلك بسبب استثمارات كبيرة في البنية التحتية والخدمات الأخرى المرتبطة بالبطولة، مثل الفنادق والنقل والخدمات اللوجستية.

علاوة على ذلك، فإن إنفاق السياح والمشجعين من جميع أنحاء العالم سيكون له تأثير إيجابي على قطاع السياحة، ما يؤدي إلى ارتفاع الإيرادات.

سيقوم الحدث أيضاً بإضافة وظائف دائمة ومؤقتة في مختلف القطاعات، ما يقلل من البطالة ويعزز الإنفاق المتاح.

ومن بين الدول المضيفة السابقة كانت قطر هي الدولة الأكثر استثماراً بإجمالي 240 مليار دولار أميركي، وتجاوزت بذلك النفقات المجمعة للمضيفين الأربعة السابقين، إذ ركزت على البناء على المدى الطويل للبنية التحتية.

وبالنسبة للآخرين، أنفقت البرازيل 19.7 مليار دولار لاستضافة كأس العالم 2014، تلتها روسيا بإجمالي 16 مليار دولار، وجنوب إفريقيا 7.2 مليار دولار، وبلغ إجمالي الإنفاق في ألمانيا 5.2 مليار دولار.

أما بالنسبة للسعودية، فتبلغ التقديرات الأولية 26 مليار دولار، ومع ذلك، تتوقع شركة الأهلي كابيتال أنه من المعتقد أن التكلفة الإجمالية لكأس العالم أقل، وذلك لأن الاستثمار في البنية التحتية هو بالفعل جزء من خطط رؤية 2030، ويأتي بعد حدث عالمي كبير آخر وهو «إكسبو 2030».