في اجتماعه الأخير لعام 2024، قرر البنك الفيدرالي الأميركي خفض الفائدة للمرة الثالثة على التوالي بـ25 نقطة أساس ليصل سعر الفائدة إلى 4.5– 4.25 في المئة، وجاء ذلك متوافقاً مع توقعات المستثمرين.

وقبل صدور القرار كان 95.4 في المئة من المستثمرين يتوقعون خفض الفائدة 25 نقطة أساس، فيما توقع نحو 4.6 في المئة تثبيت السعر عند 4.5-4.75 في المئة، وفقاً لأداة فيد ووتش.

وصوت مجلس الاحتياطي الفيدرالي لصالح خفض أسعار الفائدة بأغلبية 11 صوتاً مقابل صوت واحد، وعارض رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند هاماك القرار مفضلاً ترك أسعار الفائدة دون تغيير.

وتضمن بيان السياسة النقدية الصادر اليوم الأربعاء أنه عند النظر في «حجم وتوقيت» تعديلات أسعار الفائدة الإضافية، سيقيم بنك الاحتياطي الفيدرالي البيانات الواردة والتوقعات المتطورة وتوازن المخاطر.

التوقعات الاقتصادية للفيدرالي

رفع أعضاء لجنة الاحتياطي الفيدرالي توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.1 في المئة في عام 2025 مقابل 2 في المئة المتوقعة في سبتمبر، بينما أبقوا على توقعات عام 2026 دون تغيير عند 2 في المئة.

كما رفعت اللجنة توقعاتها لمعدل التضخم لعامي 2025 و2026، لتصل إلى 2.5 في المئة، و2.1 في المئة على الترتيب، بدلاً من 2.1 في المئة، و2 في المئة المتوقعة سابقاً.

على جانب آخر، خفضت اللجنة توقعات معدل البطالة لعام 2025 إلى 4.3 في المئة، لكنها أبقت على توقعات عام 2026 دون تغيير عند 4.3 في المئة.

وفيما يخص توقعات سعر الفائدة، توقعت لجنة الاحتياطي الفيدرالي تخفيضات إضافية بواقع 50 نقطة أساس خلال 2025، بدلاً من75 نقطة أساس المتوقعة سابقاً، ما يعني خفضين فقط، بدلاً من ثلاثة تخفيضات.

أسباب خفض الفائدة

أثبت الاقتصاد الأميركي مرونته مع تباطؤ معدل التضخم من ذروته في عام 2022 عندما بلغ 9.1 في المائة، ليصل إلى 2.7 في المئة في نوفمبر الماضي.

ويتوقع المستثمرون في وول ستريت أن ينهي التضخم هذا العام عند 2.8 في المئة، ولا يزال التضخم بعيداً عن مستهدف المركزي البالغ 2 في المئة.

ولا تزال سوق العمل في الولايات المتحدة في حالة جيدة، حيث لا تزال البطالة عند مستويات منخفضة تاريخياً ويستمر أصحاب العمل في إضافة وظائف.

وسجل معدل البطالة 4.2 في المئة في نوفمبر مرتفعاً عن مستوى 4.1 في المئة في أكتوبر، ومن المرجح أن ينهي معدل البطالة العام دون مستوى 4.4 بالمئة الذي حدده صانعو السياسة في توقعاتهم لشهر سبتمبر.

كما أضاف الاقتصاد الأميركي الشهر الماضي أن 227 ألف وظيفة غير زراعية مقابل 36 ألف وظيفة في أكتوبر.

ومع عودة التضخم تقريباً إلى هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى تباطؤ سوق العمل، يحاول المسؤولون إعادة تقويم السياسة للتأكد من أن تكاليف الاقتراض المرتفعة لا تلحق أضراراً لا داعي لها بالاقتصاد، كان التخفيضان في أسعار الفائدة حتى الآن مجرد بداية لتلك العملية.

«هناك عامل يدعم المزيد من خفض أسعار الفائدة، وهو أن سوق العمل تبدو أخيراً في حالة توازن، ويجب أن نهدف إلى إبقائه على هذا النحو»، قال محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر.

قال دونالد كون، نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق، «إن مهمة باول الرئيسية هي استكمال الهبوط الناعم مع التضخم عند 2 بالمئة والتوظيف الكامل، في طقس من المحتمل أن يكون أكثر صعوبة».

فوز دونالد ترامب يضيف ضبابية للمشهد

وبعدما أنهى الفيدرالي العام بسلسلة التخفيضات، يظهر في المشهد حالة من الضبابية حول مسار الفائدة في 2025، وشكوك حول حالة الاقتصاد للعام المقبل، بعد تسلم دونالد ترامب الرئاسة الأميركية في يناير المقبل، وما ستجلبه سياسته الجديدة، القائمة على فرض التعريفات الجمركية والضرائب ومنع الهجرة، إلى معدلات النمو والتضخم للبلاد.

يتوقع المستثمرون الآن أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ربما يخفض سعر الفائدة القياسي بمقدار نصف نقطة مئوية فقط العام المقبل، بعد فوز ترامب ومع معدل التضخم البعيد عن المستهدف.

وقال خبراء اقتصاديون في TD Securities، «بينما سيظل بنك الاحتياطي الفيدرالي حريصاً على توقع تيسير إضافي لعام 2025، فمن المرجح أن تكون الإرشادات المتعلقة بوتيرة خفض أسعار الفائدة أكثر حذراً في المستقبل».

باول أكثر حذراً

تظهر الأرقام الاقتصادية أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يحتاج إلى أن يكون في عجلة من أمره لخفض تكاليف الاقتراض بعد هذا الأسبوع، وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في نيويورك في وقت سابق من هذا الشهر، «يمكننا أن نكون أكثر حذراً، وأشعر بالرضا عن مكان الاقتصاد وأين توجد السياسة النقدية».

في 20 يناير المقبل سيتولى ترامب منصبه، ويعقب ذلك اجتماع للفيدرالي في 28-29 يناير، وتوقع نحو 60 في المئة من المستثمرين التي استطلعت رويترز آراءهم أن يبقي البنك على سعر الفائدة في هذا الاجتماع، لتكون هناك فرصة ليقوم صناع السياسة بتقييم كيفية تطور الاقتصاد.