مع اقتراب عيد الميلاد، يبدو أن العادات الاستهلاكية في المملكة المتحدة قد شهدت تحولاً جذرياً، حيث أصبح المزيد من البريطانيين يفضلون شراء الهدايا المستعملة، وهو ما يعكس وعياً متزايداً بتقليص النفقات ودعم الاقتصاد الدائري، من المتاجر الخيرية إلى منصات الإنترنت المتخصصة، بات شراء هدايا عيد الميلاد المستعملة خياراً محبباً، يحقق وفرةً مالية، ويعزز الممارسات المستدامة.
قبل أيام من احتفالات عيد الميلاد، يعجُّ حي ماريلبون الراقي في لندن بالمتاجر التي تعرض الملابس والألعاب المستعملة، ما يبرز تزايد التوجهات الجديدة لدى المستهلكين البريطانيين، فقد أصبح الكثيرون الآن أكثر اهتماماً بتقليص نفقاتهم، وفي الوقت ذاته دعم الاقتصاد الدائري الذي يعزز قيم الاستدامة ويحدُّ من إهدار الموارد.
في متجر «أوكسفام» الخيري البريطاني الذي تتزين نافذته بزخارف احتفالية، يمكن للمستهلكين العثور على مجموعة من المنتجات، تشمل الملابس والألعاب والكتب بأسعار معقولة، تقول أولي ميد التي تركز على تسليط الضوء على المنتجات المعروضة في المتاجر: «منذ نهاية سبتمبر، شهدنا زيادة كبيرة في عدد المتسوقين».
بينما تحظى المتاجر الخيرية بقبول دائم لدى البريطانيين طوال العام، فإن فترة عيد الميلاد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في إقبال الناس على شراء الهدايا المستعملة، ففي تقرير صادر عن منصة «فينتد» لبيع الملابس المستعملة، توقعت «ريتايل إيكونوميكس» أن ينفق البريطانيون نحو ملياري جنيه إسترليني (2.51 مليار دولار) على هدايا عيد الميلاد المستعملة في 2024، وهو ما يمثل 10% من إجمالي النفقات في هذه السوق، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.
أظهرت بيانات «أوكسفام» أن 33% من البريطانيين اشتروا هدايا مستعملة في 2023، مقارنة بـ25% في 2021، ويشير آدم جاي، مدير في «فينتد»، إلى أن هناك زيادة ملحوظة في عمليات البحث عن كلمة «هدية» على منصاتهم خلال فترة الأشهر الأخيرة من العام.
على الرغم من هذا التحول، يبقى بعض المستهلكين متمسكين بفكرة الهدايا الجديدة، فيقول إد بورديت، طبيب في الخمسينيات من عمره، والذي التقت به وكالة «فرانس برس» في متجر «أوكسفام»: «من الجيد أن تنفق أقل، وأن تعلم أن الأموال ستذهب لأغراض خيرية».
وتعكس تجربة واين همنغواي، المصمم والمشارك في تأسيس شركة «Charity Super.Mkt»، كيف أن هذه العادات بدأت تكتسب قبولاً أوسع، فقد بدأ همنغواي منذ عدة سنوات في تقديم هدايا مستعملة، قائلاً: «في البداية كان الأمر غريباً وغير مألوف، لكن الأمور تغيرت الآن بشكل كبير»، مشيراً إلى أن مبيعات المتاجر شهدت زيادة بنسبة 20% في الأسابيع التي تسبق عيد الميلاد.
وتعتبر تيتيانا سولوفي، الباحثة في علم الاجتماع بجامعة مانشستر، أن «التغيير الحقيقي سيكون عندما يتقبل الناس فكرة تقديم هدايا مستعملة خلال العطلات»، موضحة أن مثل هذه الهدايا يمكن أن تكون مستدامة ومؤثرة بطريقة تضامنية، ما يجعل الاحتفال أكثر «روعة».