اختتمت الأسواق الأميركية عام 2024 بتحقيق إنجاز نادر لم يحدث سوى بضع مرات في التاريخ الحديث، وعلى الرغم من إغلاق الأسهم الأميركية في جلسة الثلاثاء 31 ديسمبر كانون الأول آخر أيام 2024 على انخفاض، في الشهر المخيب للآمال الذي شهد انخفاض مؤشر «داو جونز» بأكثر من 2000 نقطة، أي نحو 5%، وانخفاض مؤشر «S&P 500» بنسبة 2.74%، فإن هذا العام كان عاماً استثنائياً للأسواق.

وحظي مؤشر «S&P 500» بزيادة تقارب 24% هذا العام، بعد أن ارتفع بالنسبة نفسها في 2023، ويمثل ذلك أفضل أداء للمؤشر منذ عامي 1997 و1998، وفقاً لبيانات من «فاكت سيت».

يعد هذا حدثاً استثنائياً للمؤشر في نسخته الحديثة، (كما سجلت المؤشرات السابقة النوع نفسه من الأداء ثلاث مرات أخرى، في 1927 و1928، وفي 1935 و1936، وفي 1954 و1955، وفقاً لتحليل من «بنك أميركا»).

هذا يعني أن مدخرات التقاعد الخاصة بك قد تكون أكثر أماناً من المعتاد، إذ تُستثمر خطط التقاعد مثل «401(k)» أو صناديق المعاشات في المؤشرات مثل «S&P 500». لذلك، عندما يشهد السوق عاماً مميزاً، سيستفيد رصيد حسابك.

على الرغم من التراجع في ديسمبر وفشل التوقعات بحدوث «انتعاشة سانتا كلوز» في نهاية 2024، فقد حققت الأسواق عاماً مذهلاً بناءً على الأداء القوي لعام 2023.

شهدت وول ستريت عوائد مثيرة هذا العام مع تباطؤ التضخم واستمرار قوة الإنفاق الاستهلاكي، بينما ظلت سوق العمل قوية ولكن بوتيرة أبطأ، وكان المستثمرون متفائلين بنمو الأرباح القوي لشركات التكنولوجيا، وارتفعت الأسهم بعد إعادة انتخاب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في نوفمبر.

ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بأكثر من 12% هذا العام، بينما حقق مؤشر «ناسداك» الذي يركز على التكنولوجيا زيادة تجاوزت 30%.

مؤشر «S&P 500» ارتفع بنحو 53% في العامين الماضيين، بعد أداء ضعيف في 2022 شهد انخفاضاً بنسبة 20%.

كما تفوقت الأسواق الأميركية على أسواق الأسهم في أوروبا وآسيا هذا العام.

قال تيري ساندفين، كبير استراتيجيي الأسهم في «US Bank Wealth Management»: «التضخم يتراجع، وتقليص أسعار الفائدة جارٍ، والأرباح في اتجاه مرتفع، وكل ذلك يعزز المعنويات ويوفر دعماً للتقييمات».

ويبدو أن التوقعات بين البنوك الكبرى والمحللين تشير إلى استمرار النمو في عام 2025 وسط بيانات اقتصادية قوية، ونمو الأرباح، وتوقعات بإدارة تجارية ملائمة بقيادة ترامب، ويتوقع المحللون أن يرتفع «S&P 500» بنسبة 14.8% في 2025، وفقاً لبيانات من «فاكت سيت».

لكن بعض المحللين يرون أن الأسهم قد تكون مبالغاً في تقييمها حالياً، وأن عدم اليقين حول سرعة تقليص أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي والمخاطر الجيوسياسية قد يؤدي إلى عمليات بيع، مع هذه المكاسب المذهلة في العامين الماضيين، يبقى من غير المؤكد ما إذا كانت السوق الصاعدة يمكن أن تستمر.

وقال جيفري بوكبيندر، كبير استراتيجيي الأسهم في «LPL Financial»، في ملاحظة بتاريخ 30 ديسمبر: «نعتقد أن فرص استمرار السنة الإيجابية في 2025 قوية بالنظر إلى الاحتمال المرتفع للنمو الاقتصادي، والفيدرالي الذي من المرجح أن يقلل الفائدة العام المقبل»، «لكن إذا أدت عودة التضخم إلى رفع أسعار الفائدة، أو إذا خرجت التكهنات عن السيطرة، فقد تواجه هذه السوق الصاعدة صعوبة في الاستمرار».

كان ديسمبر أسوأ شهر منذ أبريل بالنسبة لمؤشر «S&P 500» و«ناسداك»، وفقاً لبيانات من «فاكت سيت»، حيث سحبت عمليات البيع في أسهم التكنولوجيا المؤشرات للأسفل.

في الحقيقة، من النادر أن نرى ثلاث سنوات متتالية من المكاسب بنسبة 20% في سوق الأسهم، وفقاً لكالي كوكس، كبير استراتيجيي السوق في «Ritholtz Wealth Management».

وقالت كوكس لـCNN «الجميع يتوقعون عاماً جيداً في العام المقبل، ما يترك الكثير من الفرص للخيبة».

مراجعة الأسواق

في سبتمبر، بدأ الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة بعد أن أبقاها عند أعلى مستوياتها في عقود منذ صيف 2023، وكان بدء الفيدرالي في تقليص الفائدة مع استمرار النمو الاقتصادي علامة إيجابية للأسهم الأميركية.

ساعد تباطؤ التضخم في زيادة التفاؤل بين المستثمرين، ولكن بعد الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية للفيدرالي في العام، أشار الفيدرالي إلى أن التخفيضات ستكون أقل في 2025 مما كان متوقعاً، ما قد يبطئ الزخم السوقي العام المقبل.

مؤشر «S&P 500»

حققت الشركات التقنية في الولايات المتحدة عاماً استثنائياً ودفعت مؤشر «S&P 500» نحو ارتفاع بنسبة 24%.

لقد أسهمت شركات التقنية الكبرى السبع («Alphabet»، «Amazon»، «Apple»، «Meta»، «Microsoft»، «Nvidia»، «Tesla») بأكثر من 50% من إجمالي عوائد «S&P 500» هذا العام، وفقاً لبيانات من «S&P Dow Jones Indices».

ومنذ 5 نوفمبر، مثّلت أسهم الشركات السبع الكبرى أكثر من 96% من مكاسب «S&P 500»، وكانت أسهم «Nvidia» من أفضل الأسهم أداءً هذا العام، حيث ارتفعت بنحو 180%.

على الرغم من أن أسهم «القطاعات الكبرى» عززت المكاسب، فإن نطاق السوق كان ضعيفاً، فقد تراجعت أسهم معظم الشركات في «S&P 500» منذ نوفمبر، بينما استفاد المؤشر من مكاسب الشركات السبع الكبرى، وفقاً لـ«S&P Dow Jones Indices».

مؤشر «داو جونز» الصناعي

ارتفع «داو» بأكثر من 12% خلال العام، بلغ المؤشر مستوى قياسياً فوق 45,000 نقطة في 4 ديسمبر قبل أن ينخفض بنسبة 5% في ديسمبر.

مؤشر «ناسداك» المركب

قفز «ناسداك» بأكثر من 30% في 2024، كان المؤشر الذي يركز على التكنولوجيا هو نجم المؤشرات الرئيسية وارتفع بفضل ثقة المستثمرين في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

انضمت «Palantir»، شركة البيانات التي تركز على الذكاء الاصطناعي، إلى «ناسداك» في ديسمبر، مع تسجيل أسهمها ارتفاعاً بلغ تقريباً 360% هذا العام.

سندات الخزانة الأميركية

ارتفعت عوائد السندات الأميركية لمدة 10 سنوات إلى 4.57% يوم الثلاثاء، ارتفعت العوائد على السندات لمدة 10 سنوات بنسبة تزيد على 15% في 2024، ما يشير إلى توقعات النمو الاقتصادي والتضخم المستقبلي.

كما ارتفع الدولار الأميركي قرب نهاية العام مع توقعات النمو الاقتصادي، سجل مؤشر الدولار الأميركي، الذي يقيس قيمة الدولار مقابل سلة من العملات الأخرى، زيادة تزيد على 6% عبر العام.

بيتكوين

تراجع سعر بيتكوين إلى 93,400 دولار حول الساعة 4 مساءً يوم الثلاثاء، منخفضاً بنحو 4% لشهر ديسمبر، شهدت العملة الرقمية الكبرى عاماً مميزاً، حيث ارتفعت بنسبة تقارب 120% في 2024.

وكان ذلك تحولاً في الحظوظ مقارنةً بعامين مضيا، عندما كانت بيتكوين تتداول تحت 17,000 دولار بعد انهيار صناعة العملات الرقمية.

الذهب

شهد الذهب أيضاً عاماً مميزاً، حيث ارتفع بنسبة تزيد على 26% وكان في طريقه لتجاوز أداء «S&P 500».

غالباً ما يُنظر إلى الذهب كملاذ آمن ضد الاضطرابات الاقتصادية والتضخم، وعندما يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة، يصبح الذهب أكثر جاذبية من الأصول التي تدفع دخلاً مثل السندات.

السلع

أما بالنسبة لأفضل العوائد التي حققتها الاستثمارات هذا العام، فقد كانت من نصيب «الكاكاو»، وارتفعت عقود الكاكاو في بورصة نيويورك بنسبة تقارب 200% خلال العام.

ارتفعت أسعار عقود الكاكاو بسبب قضايا مناخية أثرت على حصاد الكاكاو في غانا وساحل العاج، حيث يتم إنتاج أكثر من 70% من الكاكاو عالمياً.