قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الثلاثاء إن الناخبين الفرنسيين سيُطلب منهم «البت في بعض القضايا الحاسمة» للبلاد في عام 2025، في ما يبدو أنه يقترح إجراء استفتاء واحد أو أكثر لكسر الجمود السياسي الحالي.
وجاء التعهد الذي قطعه ماكرون في خطابه المتلفز بمناسبة العام الجديد بعد انتخابات مبكرة جرت في الصيف وتركت البرلمان منقسماً بشكل يائس تقريباً، حيث أطاح النواب برئيس الوزراء ميشيل بارنييه أثناء مناقشة الميزانية في أوائل ديسمبر.
ويجلس خليفة بارنييه، فرانسوا بايرو، في موقف محفوف بالمخاطر على مقعد الرئاسة، ولا يدعمه سوى ائتلاف أقلية من الوسطيين والمحافظين.
وقال ماكرون للشعب الفرنسي «إن الأمل والازدهار والسلام في الربع قرن القادم تعتمد على خياراتنا اليوم، ولهذا السبب في عام 2025.. سأطلب منكم اتخاذ قرار بشأن بعض القضايا الحاسمة».
اتفاق أوروبا- ميركوسور
وفي إشارة إلى الصراعات العالمية وعدم الاستقرار، بما في ذلك في أوكرانيا والشرق الأوسط، حذر ماكرون من أن الأوروبيين ككل «يجب أن يتركوا السذاجة وراءهم» وخاصة في التجارة والزراعة، مشدداً على موضوع ميّز فترة وجوده في منصبه بالكامل.
جاءت هذه الرسالة في أعقاب توقيع بروكسل على اتفاقية تجارية مع كتلة ميركوسور التجارية لأميركا اللاتينية، والتي عارضتها باريس منذ فترة طويلة.
وأكد ماكرون أن أوروبا يجب أن «تقول لا لقوانين التجارة التي يمليها الآخرون والتي لا نزال الوحيدين الذين نتمسك بها» و«تقول لا لكل ما يجعلنا نعتمد على الآخرين دون أي معاملة بالمثل».
واعترف الرئيس بأن حل البرلمان الفرنسي «أدى في الوقت الحالي إلى المزيد من الانقسامات في الجمعية الوطنية (الغرفة السفلى للبرلمان) أكثر من الحلول».
لكنّه حثّ المشاهدين على النظر إلى الأحداث العالمية البارزة التي سيحتفل بها العالم في عام 2024 مثل دورة الألعاب الأولمبية في باريس وإعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام بعد حريق مدمر في عام 2019.
وقال ماكرون إن الشعب الفرنسي كان «متحداً وعازماً ومتضامناً» مع بعضه بعضاً على مدار العام، وأضاف «لقد أثبتنا معاً أن المستحيل ليس فرنسياً.. دعونا نتمسك بأفضل ما كنا عليه».
وتعهد ماكرون بـ«مراقبة» ما يراه إنجازاته الرئيسية منذ توليه السلطة في عام 2017 وإعادة انتخابه في عام 2022، بما في ذلك انخفاض معدلات البطالة وإعادة التصنيع.
وأكد أن فرنسا يجب أن تكون «أقوى وأكثر استقلالية في مواجهة الفوضى العالمية» في العام المقبل.
أزمة الميزانية
وشدد على أن أي استجابة جماعية للتحديات مثل أزمة الميزانية في الداخل والصراعات وعدم الاستقرار في الخارج ستكون بعيدة المنال.
وأكد أنه كان من المفترض أن تؤدي الانتخابات المبكرة التي جرت في يوليو تموز إلى توضيح الأمور بعد عامين من الجمود، ولكنها تركت مجلس النواب منقسماً بشكل أكبر بين تحالف يساري وأنصار ماكرون من الوسط والمحافظين واليمين المتطرف.
ولكن مع فقدانه الأغلبية الموالية في البرلمان، تضاءل دور الرئيس الفرنسي في الإدارة اليومية للبلاد، على الرغم من احتفاظ ماكرون بسلطات مهمة على السياسة الخارجية وبصفته رئيساً للقوات المسلحة، فضلاً عن امتلاكه سلطة الدعوة إلى الاستفتاءات.
وتعتقد مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف التي هزمها ماكرون مرتين في الانتخابات الرئاسية، أن المرشح الوسطي لن يتمكن من إكمال ولايته حتى عام 2027 كما وعد.
وفي رسالتها بمناسبة العام الجديد، قالت للشعب الفرنسي في وقت سابق إنها تتوقع «عاماً حاسماً في 2025»، وأضافت أن «الحل السعيد.. سيأتي من الشعب وبالتالي بقرار ديمقراطي».
وبعيداً عن الأسئلة المتعلقة بالشخصيات، فإن الطبقة السياسية في فرنسا لديها قضايا ملحة يجب معالجتها في العام المقبل، وعلى رأس القائمة العجز الهائل في الميزانية، والذي من المتوقع أن يصل إلى 6.1% في عام 2024.
فشل رئيس الحكومة بارنييه، الذي لم يستمر طويلاً، في محاولته لإقرار ميزانية لخفض التكاليف، وقال رئيس الوزراء الجديد بايرو إنه يأمل في تمرير مشروع قانون بحلول «منتصف فبراير»، لكنه يواجه العقبات نفسها التي واجهته من قبل في إقناع المشرعين المنافسين بالانضمام إليه.
(أ ف ب)