رفع العقوبات عن سوريا طوق نجاة لقطاع النفط والغاز.. و20 مليار دولار استثمارات مطلوبة

قد يسهم رفع العقوبات الدولية عن سوريا في عودة قطاع النفط والغاز للعمل مرة ثانية بعد توقف سنوات بسبب الحرب، إلّا أن تكلفة العودة قد تبلغ نحو 20 مليار دولار خلال السنوات المقبلة بسبب الضرر الكبير الذي تعرض له القطاع، وفقاً لمحللين تحدثوا إلى CNN الاقتصادية.

ولنحو 14 عاماً عانى قطاع النفط والغاز في سوريا خسائر فادحة أدّت إلى خروج الشركات العالمية من سوريا وتوقف الإنتاج في بعض المناطق ليتراجع إنتاج البلاد بأكثر من 70 في المئة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ويقول محللون إن رفع العقوبات عن سوريا سيعطي الثقة للشركات العالمية للعودة مرة ثانية لسوريا وإعادة تطوير القطاع النفطي، ما قد يسهم في عودة الإنتاج لسابق عهده.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وخلال جولة للرئيس الأميركي دونالد ترامب لمنطقة الخليج الأسبوع الماضي، أعلن نيته رفع العقوبات الأميركية على سوريا، كما تبعه الاتحاد الأوروبي في 20 مايو أيار الجاري بإعلان نيته رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، مع الإبقاء على بعض الإجراءات ضد شخصيات مرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان.

وبدأت العقوبات الأميركية على سوريا عام 1979 حين أدرجت واشنطن سوريا على قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتوسعت بشكلٍ كبير بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، لتشمل قطاعات حيوية مثل النفط والبنوك والطيران والقطاع العسكري، بالإضافة إلى تجميد الأصول ومنع التصدير والاستيراد، وذلك بهدف الضغط على نظام بشار الأسد بسبب انتهاكات تتعلق بحقوق الإنسان ودعمه لجماعات مسلحة.

في عام 2019، أقرّ الكونغرس الأميركي «قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين»، الذي فرض عقوبات صارمة على أي جهة تتعامل مع النظام السوري، بما في ذلك كيانات روسية وإيرانية، ما أعاق جهود إعادة الإعمار وأدّى إلى تدهور اقتصادي حاد في البلاد.

قطاع النفط والغاز في سوريا

ألحقت الحرب التي طال أمدها خسائر فادحة بقطاع النفط في سوريا، وكان إجمالي إنتاج النفط والغاز عام 2011 يبلغ نحو 500 ألف برميل من مكافئ النفط يومياً لينخفض الآن إلى نحو 50 ألف برميل يومياً، وفقاً لبيانات شركة ريستاد إنرجي.


ويقول ديفيد جوربناز، الخبير في سوق النفط ومحلل أسواق النفط في ICI لـ CNN الاقتصادية، إن إنتاج النفط السوري بلغ قبل الحرب نحو 400 ألف برميل يومياً، لكن أكثر من عقد من الصراع ترك البنية التحتية في حالة سيئة للغاية.

ويُقدّر جوربناز الإنتاج الحالي بأقل من 100 ألف برميل يومياً، لذلك ستتطلب استعادة الطاقة الإنتاجية حتى نصف مستويات ما قبل الحرب استثمارات ضخمة تتراوح على الأرجح بين 10 مليارات إلى 20 مليار دولار على مدى السنوات الخمس إلى العشر القادمة، وذلك رهناً بوتيرة الاستقرار السياسي، والتحسن الأمني، وثقة المستثمرين.

بينما يُقدّر أديتيا ساراسوات، مدير الأبحاث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ريستاد إنرجي، قيمة ما تحتاج إليه سوريا في الوقت الحالي لإعادة إنتاج حقول النفط المتوقفة وتنفيذ بعض أنشطة التوسع ما بين 3 إلى 4 مليارات دولار.

وفي ظل الصراع السوري الذي استمر سنوات، لم تنفق دمشق أي نفقات رأسمالية جديدة على قطاع النفط، إذ ضغط الحرب على البلاد لتصبح معتمدة بشكل كبير على واردات النفط الإيرانية.

وبحسب ساراسوات فإن سوريا كانت تعتمد على واردات النفط الخام الإقليمية والقادمة في الغالب من إيران، كما أن الصناعة المحلية كانت تعاني بسبب عدم قدرتها على الذهاب إلى الأسواق الدولية للحصول على النفط والغاز.

رفع العقوبات عن سوريا

ويمثّل رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا طوق نجاة لقطاع النفط والغاز الذي عانى سنوات خلال الحرب، إذ سيمنح الثقة للشركات الأجنبية العاملة في مجال النفط للعودة مرة أخرى إلى دمشق.

ويقول ساراسوات: «الآن بعد تشكيل الحكومة رُفِعت العقوبات وأصبح في استطاعة كبار مشغلي النفط في المنطقة العودة وبدء عمليات التشغيل كالعادة في سوريا».

ووفقاً للخبير في سوق النفط ومحلل أسواق النفط في ICI، فإن رفع العقوبات الأميركية على قطاع النفط السوري بالإضافة لتنصيب حكومة سورية جديدة أعاد فتح الباب أمام إعادة مشاركة المستثمرين الأجانب في قطاع النفط في البلاد.

لكن رفع العقوبات ليس كافياً بحد ذاته، إذ تتبنى معظم شركات النفط العالمية الكبرى نهجاً حذراً قائماً على الانتظار والترقب نظراً لهشاشة الانتقال السياسي في سوريا، والتهديدات الأمنية المتبقية، وعدم اليقين المؤسسي، بحسب جوربناز.

وأضاف أن اللاعبين الإقليميين -وخاصةً من دول الخليج، مثل الإمارات وربما قطر- بالإضافة إلى تركيا يبدو أنهم في وضع أفضل للمشاركة مبكراً في قطاع النفط السوري، مستفيدين من التواصل الدبلوماسي والتوافق الاقتصادي مع الإدارة الجديدة.

ويرى مدير الأبحاث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ريستاد إنرجي، أن الجانب الرئيسي التالي الذي ستبحث عنه شركات النفط العالمية هو بناء هيكل تنظيمي وخارطة طريق تجارية واضحة للشركات للعودة وإعادة تشغيل وتطوير الأنشطة.

جدير بالذكر أن قبل بدء الصراع في سوريا كانت عدة شركات عالمية تعمل في البلاد مثل توتال إنرجيز وشل وغلف ساندز بتروليوم  سنكور للطاقة، لكن هذه الشركات أوقفت أعملها على تطور الصراع في البلاد.