تسيطر حالة من الضبابية على توقعات أسعار النفط خلال عام 2024، إذ تتأرجح الأسعار صعوداً وهبوطاً في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وبين روسيا وأوكرانيا من ناحية، والمخاوف من التباطؤ الاقتصادي في الدول الكبرى وضعف الطلب والإنتاج من ناحية أخرى.
وتؤثّر أسعار النفط في جميع مناحي الاقتصاد، إذ يسهم ارتفاع أسعار البنزين ومشتقاته في زيادة تكاليف النقل التي تنعكس مباشرة على أسعار السلع ومعدلات التضخم.
ضعف الإنتاج وارتفاع الأسعار
تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية، تراجع إنتاج النفط خلال النصف الأول من 2024 إلى مستويات أقل من الاستهلاك العالمي، ما يسهم في زيادة السحب من المخزونات العالمية لتلبية الطلب، ويضع ضغوطاً تصاعدية على أسعار الخام الأسود.
وخفّضت الإدارة توقعاتها لإنتاج النفط العالمي في الربع الثاني من عام 2024، إلى 101.3 مليون برميل يومياً من 102.2 مليون برميل يومياً في توقعات سابقة، بعد أن أعلنت ( أوبك بلس) في الثالث من مارس آذار الجاري، تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية الحالية حتى الربع الثاني من عام 2024.
وأسهمت تخفيضات الإنتاج الطوعية التي أجرتها أوبك بلس (منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاؤها) في 2023، التي تضخ 40 في المئة من إمدادات النفط العالمية، في الحفاظ على استقرار الأسعار خلال العام الماضي.
وكان نمو الاستهلاك العالمي للنفط خلال العامين الماضيين مدفوعاً بالنمو الاقتصادي والعودة إلى أنماط السفر قبل الوباء، وخاصة الرحلات الجوية الدولية.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يصل متوسط أسعار النفط إلى 88 دولاراً للبرميل في الربع الثاني من عام 2024، مع استقرارها نسبياً خلال بقية العام، قبل أن تنخفض إلى 82 دولاراً للبرميل بحلول نهاية عام 2025.
وترى الإدارة الأميركية أن التوترات الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر يمكن أن تسهم في زيادة أسعار النفط، لم تُفقد أي ناقلات نفط خام أو منتجات بسبب الهجمات المستمرة من قِبل الحوثيين على الشحن التجاري في البحر الأحمر، لكن العديد من السفن تغير مسارها لتجنب المنطقة، ويؤدي تغيير المسار إلى إطالة الرحلة وزيادة التكاليف.
انخفاض مخزونات النفط العالمية
تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يؤدي تمديد تخفيضات إنتاج (أوبك بلس) خلال الربع الثاني من 2024 إلى تقليص إمدادات النفط العالمية على المدى القريب.
وتتضمن اتفاقية (أوبك بلس) الحالية نوعين من تخفيضات الإنتاج، التخفيضات الأولى هي أهداف إنتاج معلنة رسمياً، والتخفيضات الثانية هي تخفيضات طوعية إضافية تعهد بها بعض المشاركين في المنظمة.
واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاؤها في نوفمبر تشرين الثاني على تخفيضات طوعية تصل في المجمل إلى نحو 2.2 مليون برميل يومياً.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تنخفض مخزونات النفط العالمية بمقدار 0.9 مليون برميل يومياً في الربع الثاني من عام 2024، وأن يسهم انخفاض المعروض النفطي في إبقاء سعر خام برنت فوق المستويات الحالية بمتوسط 88 دولاراً للبرميل في الربع الثاني من عام 2024.
وترجح وكالة الطاقة الدولية نمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.4 مليون برميل يومياً في عامي 2024 و2025، بينما تتوقع أوبك نمو الطلب على النفط في 2024 إلى 2.25 مليون برميل يومياً، ليصل إلى 104.46 مليون برميل يومياً.
وارتفع إنتاج الدول الأعضاء في منظمة أوبك بنحو 203 آلاف برميل يومياً خلال فبراير شباط 2024، على أساس شهري، ليصل الإجمالي إلى 26.571 مليون برميل يومياً.
أسعار النفط
يتوقع بنك غولدمان ساكس أن تتراوح أسعار النفط بين 70 و90 دولاراً للبرميل، بينما يرى محللون في دويتشه بنك أن سعر خام برنت قد يصل إلى 88 دولاراً للبرميل بحلول نهاية عام 2024، في حين تتوقع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن يصل سعر برميل النفط في 2024 إلى 80 دولاراً للبرميل.
ويرى المحللون في مورغان ستانلي أن الزخم الصعودي لأسعار النفط مستمر، إذ رفع البنك توقعاته لسعر خام برنت في الربع الثالث من العام الحالي عشرة دولارات للبرميل ليصل سعر البرميل إلى 90 دولاراً.
وتوقع نمو الطلب على النفط بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً هذا العام مدفوعاً بزيادة الطلب على وقود الطائرات والبتروكيماويات، وكذلك بارتفاع الطلب من الصين والهند.
وارتفعت أسعار النفط في التعاملات المبكرة يوم الاثنين، بفعل المخاوف بشأن شح الإمدادات العالمية الناجم عن تصاعد الصراعات في الشرق الأوسط وبين روسيا وأوكرانيا، وتقلص عدد منصات الحفر الأميركية.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 52 سنتاً إلى 85.95 دولار للبرميل، وقفزت العقود الآجلة للخام الأميركي 0.7 في المئة إلى 81.18 دولار للبرميل.
وانخفض عدد منصات النفط الأميركية بمقدار منصة واحدة إلى 509 الأسبوع الماضي، حسب ما أظهرت بيانات من شركة خدمات الطاقة (بيكر هيوز) ما يشير إلى انخفاض العرض المستقبلي.