يعتبر الذكاء الاصطناعي من القطاعات التي تحتاج إلى استهلاك كبير للطاقة، وبينما تتسابق الشركات لتطويره، فإن تعطشها للكهرباء يزداد بشكل أكبر، ما يمثل أزمة أمام صناعة تروج لنفسها كأداة قوية لإنقاذ الكوكب من الانبعاثات الكربونية.
يرى سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي المطورة لأداة شات جي بي تي، أن تطوير توليد الطاقة باستخدام الاندماج النووي قد يكون حلاً لهذه المعضلة، لكن الخبراء لهم رأي آخر.
واستثمر ألتمان مئات الملايين في الاندماج النووي، وفي مقابلات أجريت معه مؤخراً، أشار إليه باعتباره التكنولوجيا المستقبلية، التي يُنظر إليها على أنها مصدر مهم يمكنه توفير كميات هائلة من الطاقة التي يحتاج إليها الجيل التالي من الذكاء الاصطناعي.
احتياج متزايد للطاقة
أظهر تحليل حديث أجرته وكالة الطاقة الدولية أن استهلاك الكهرباء من مراكز البيانات والعملات المشفرة والذكاء الاصطناعي يمكن أن يتضاعف خلال العامين المقبلين، وهو قطاع كان مسؤولاً عن نحو اثنين في المئة من الطلب العالمي على الكهرباء في عام 2022.
كما توقع التحليل نمو الطلب على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، ليزيد عشر مرات على الأقل بين عامي 2023 و2026.
يسلط هذا الضوء على احتياجات الطاقة لتطوير الذكاء الاصطناعي الذي يتطلب كميات كبيرة من القوة الحاسوبية لتدريب النماذج وتغذيتها بمجموعات البيانات الهائلة، فضلاً عن الطاقة اللازمة لصنع الرقائق وغيرها من الأجهزة.
على سبيل المثال، يمكن أن يتطلب البحث عبر الإنترنت باستخدام الذكاء الاصطناعي طاقة أكثر بعشر مرات على الأقل من البحث القياسي، وفقاً لحسابات دي فريس في تقرير حديث عن بصمة الطاقة للذكاء الاصطناعي.
وقال تقرير دي فريس إن احتياجات الطاقة المتزايدة هي المشكلة الرئيسية أمام الذكاء الاصطناعي، وهو أمر لا يتوافق بشكل أساسي مع الاستدامة.
ومن المتوقع أن يتضاعف استهلاك الكهرباء في مراكز البيانات ثلاث مرات بحلول عام 2030، أي ما يعادل الكمية اللازمة لتشغيل نحو 40 مليون منزل في الولايات المتحدة وفقاً لتحليل مجموعة بوسطن الاستشارية.
الاندماج النووي.. حل بعيد المدى
وقال ألتمان في مقابلة أجريت معه في يناير كانون الثاني «نحن بحاجة إلى الاندماج النووي لتلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي من الطاقة إلى جانب توسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة الأخرى».
كما أشار ألتمان مرة أخرى إلى الاندماج النووي في مارس آذار، عندما سأل مقدم البرامج وعالم الكمبيوتر ليكس فريدمان عن كيفية حل «لغز الطاقة» الخاص بالذكاء الاصطناعي.
لكن إعادة خلق ظروف الاندماج النووي التي تحدث في مركز الشمس على الأرض تمثل تحدياً كبيراً، ومن غير المرجح أن تتوفر هذه التكنولوجيا حتى النصف الأخير من القرن، كما تقول أنيقة خان، باحثة في مجال الاندماج النووي بجامعة مانشستر في المملكة المتحدة.
وبالنسبة لبعض الخبراء، فإن تركيز ألتمان على تحقيق طفرة في مجال الطاقة في المستقبل يوضح فشل صناعة الذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع في معرفة كيفية تلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي المتزايدة من الطاقة على المدى القريب.
وقالت أنيقة لشبكة CNN «فات الأوان بالفعل للاندماج النووي للتعامل مع أزمة المناخ.. على المدى القصير نحتاج إلى استخدام التقنيات الحالية منخفضة الكربون مثل الانشطار ومصادر الطاقة المتجددة».
وأضاف أليكس دي فريس، عالم البيانات والباحث في جامعة فريجي أمستردام، لشبكة CNN «سيكون من المنطقي أكثر التركيز على ما لدينا في الوقت الحالي، وما يمكننا القيام به، بدلاً من الأمل في حدوث شيء ما».
(لورا باديسون، CNN).
