تواجه اليابان (أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم) تحديًا جديدًا يتمثل في تأمين إمدادات الغاز الحيوية من روسيا، بعد أن قالت شركات إعادة التأمين الغربية إنها ستوقف التأمين البحري ضد مخاطر الحروب للسفن التي تبحر في المياه الروسية اعتبارًا من الأول من يناير/ كانون الثاني 2023.
بعد أن انضمت اليابان إلى دول مجموعة السبع في فرض عقوبات شاملة على موسكو بسبب غزو أوكرانيا، قلّصت طوكيو اعتمادها على النفط والفحم الروسي، لكنها استمرت في شراء الغاز المسال الروسي، في ظل ارتفاع الأسعار في سوق محدود الإمدادات، وتقلص للواردات الأوروبية.
أخبرت الشركات «طوكيو مارين آند نيشيدو» للتأمين ضد الحرائق و«سومبو جابان إنشورنس»، و«ميتسوي سوميتومو إنشيورنس»، مالكي السفن الأسبوع الماضي، أنهم سيتوقفون عن توفير التغطية التأمينية لأضرار السفن الناجمة عن الحرب في المياه الروسية، حيث تقوم شركات إعادة التأمين بالتراجع عن التغطية التأمينية.
وقالت مصادر صناعية: بدون التأمين البحري، فإن سفنًا مثل «ميتسي أو إس كيه لاينز» و«نيبون يوسين» قد تضطر إلى وقف العمليات في المياه الروسية، بما في ذلك تحميل الغاز الطبيعي المسال من حقل «سخالين 2» في أقصى شرق روسيا.
وتستقبل اليابان 9% من وارداتها من الغاز الطبيعي المسال من حقل «سخالين-2»، المملوك لشركة “غازبروم” وشركات التجارة اليابانية.
قد يجبر فقدان الإمدادات من حقل “سخالين-2″، مرافق الطاقة والغاز اليابانية مثل جيرا وطوكيو للبحث عن بدائل أخرى، حسب ما ذكرت “رويترز” في تقرير تحليلي.
واجهت اليابان بالفعل تحديات عديدة في تأمين إمدادات الغاز منذ أن أرسلت روسيا قواتها العسكرية إلى أوكرانيا في فبراير/ شباط من العام الجاري، إذ اضطرت إلى إقناع شركائها في مجموعة السبع، للسماح لها بالاستمرار في استيراد الغاز المسال من روسيا، كما قررت الحكومة الروسية في يونيو/ حزيران إحكام السيطرة على حقل “سخالين 2″، واضطرت شركات التجارة اليابانية إلى الموافقة على الاحتفاظ بأسهمها في الشركة تحت إدارة المُشغل الروسي الجديد.
كيفية مواجهة الأزمة
لتجنب اضطرابات الإمداد، تتفاوض شركات التأمين اليابانية الثلاث مع شركات إعادة تأمين مختلفة للإبقاء على التغطية التأمينية للأضرار الناجمة عن الحروب.
وفي خطاب مشترك نادر، طالبت وكالة الخدمات المالية ووكالة الموارد الطبيعية والطاقة اليابانية، شركات التأمين بتحمل مخاطر إضافية للاستمرار في توفير التأمين البحري ضد مخاطر الحروب للسفن التي تقوم بنقل الغاز الطبيعي المسال من حقل “سخالين-2”.
وقال مسؤول بارز في وزارة الصناعة: «الأولوية القصوى الآن هي ضمان الاستمرار في التغطية التأمينية ضد مخاطر الحروب».
ولا يزال الأمر مبهمًا حول ما إذا كانت شركات التأمين تستطيع توفير خدمات إعادة تأمين كافية، خاصة في وقت معظم نظرائها الغربيين في عطلة نهاية العام.
ما البدائل الأخرى؟
يمكن أن يواصل مالكو السفن نقل الغاز الروسي، بدون التغطية البحرية مع تحمل المخاطر، خاصة أن الرحلات بين اليابان وجزيرة سخالين قصيرة، عادة ما تستغرق أيامًا معدودة، فضلًا عن وجود منشأة تصدير الغاز الطبيعي المسال في منأى عن ساحات القتال بين روسيا وأوكرانيا.
على الرغم من ذلك فهم يخاطرون بفقدان ناقلاتهم التي قد تتعرض للمصادرة في روسيا لأسباب غير متوقعة.
وتبلغ قيمة ناقلة الغاز الطبيعي المسال نحو 20 إلى 30 مليار ين (ما يعادل 150 إلى 220 مليون دولار أميركي).
وقال مصدر في الصناعة: الشركاء الآخرون، مثل الحكومة والمرافق اليابانية (مشتري الوقود الروسي)، يجب أن يتقاسموا المخاطر، رغم تأكيد مصادر حكومية ومشترين أنهم لم يفكروا في هذه الخطوة بعد.
وأشار مصدر في أحد المرافق اليابانية إلى أن «شركات التأمين والشحن تحاول حل الأزمة، ونحن نراقب الموقف عن كثب».
سيكون الخيار الآخر المتاح هو استخدام ضمانات المسؤولية السيادية، مثل تلك التي اسُتخدمت لتغطية الشحنات من شركات النفط الإيرانية إلى اليابان في عام 2012، بعد أن توقفت شركات التأمين الغربية عن التغطية في أعقاب فرض عقوبات على طهران.
وطبقًا للمسؤول في وزارة الصناعة اليابانية فإن «التشريع الذي أجاز الضمان السيادي اقتصر على واردات النفط الإيرانية فقط، لذلك سيتطلب تغطية الشحنات من روسيا إصدار قانون جديد».
المخاطر المحتملة لإمدادات الغاز اليابانية
قال مصدر آخر في مرفق للطاقة: «الوقت يمر، لكن أي مخاطر مباشرة تتعلق بنقص إمدادات الطاقة والوقود تبدو ضئيلة، حتى لو تأخرت بعض شحنات الغاز الطبيعي المسال حتى أوائل الشهر المقبل».
وأضاف: يرجع السبب إلى أن المخزونات التي تم بناؤها قبل ذروة الطلب الشتوي كانت أكبر من المعتاد، وبلغت مخزونات الغاز الطبيعي المسال في مرافق الطاقة الرئيسية في اليابان نحو 2.41 مليون طن في 25 ديسمبر/ كانون الأول، وهو مستوى أعلى من متوسط الخمس سنوات السابقة والبالغ 1.84 مليون طن للوقت ذاته من العام، وفقًا لبيانات وزارة الصناعة.
وأنشأت اليابان آلية جديدة تسمح لوزارة الصناعة بإعادة توجيه إمدادات الغاز الطبيعي المسال في حالات الطوارئ، بحيث لا تواجه شركات الغاز والطاقة أي نقص في الإمدادات.
وقال مصدر في شركة لتوريد الغاز إلى المناطق الحضرية، إن شركته قد تلجأ للحصول على إمدادات إضافية من السوق الفورية، إذا استطاعت تحمل الأسعار.
يدفع المشترون اليابانيون 15.75 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، للغاز المسال الروسي في نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو أقل من متوسط سعر الغاز الطبيعي المسال المستورد البالغ 17.86 دولار، وكذلك متوسط سعر الشحن الفوري للتسليم إلى اليابان البالغ 18.40 دولار، وفقًا لمنظمة اليابان للمعادن والطاقة.
يبلغ متوسط أسعار الغاز الطبيعي المسال لشحنات فبراير/ شباط 2023 المتجه إلى دول شمال شرق آسيا نحو 31 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية.
جدير بالذكر أن اليابان تستخدم الغاز الطبيعي المسال في توليد 39% من الكهرباء.