غاب النقاش حول خط أنابيب كركوك- جيهان النفطي، خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعراق ولقائه مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.

ورغم الإنجازات التي آلت إليها الزيارة التركية الأخيرة إلى العراق، وتوقيع اتفاقية رباعية بين الإمارات وقطر وتركيا والعراق حول خط التنمية العراقي، تكثر التساؤلات عن استئناف تصدير النفط عبر خط الأنابيب الذي يربط شمال العراق بجيهان التركية وتأثيره على أسعار النفط في ظل استمرار مجموعة أوبك+ بسياسة خفض الإنتاج والتزامات العراق النفطية في مجموعة أوبك.

وأكد بشار الحلبي، خبير النفط لدى شركة Argus أن خط أنابيب كركوك-جيهان موجود منذ سبعينيات العقد الماضي ولكن استئناف تجارة النفط عبره الذي سيتم بعد حل التوتر بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان يُعدُ جزءاً من طريق التنمية الذي تم الاتفاق عليه وذلك لنقل البضائع بين تركيا والخليج وأوروبا، وهو الطريق التي تسعى كل من بغداد وأنقرة بحسب الحلبي أن تخلق من خلاله ثقلاً موازياً لممر الشرق الأوسط الجديد الذي وقعته فعاليات الـG20 في الهند العام الماضي.

وتابع الحلبي قائلاً إنه من الواضح أن زيارة الرئيس التركي لم تتطرق علناً لعودة الصادرات من كردستان إلى تركيا لأن الموضوع لم يحسم بعد، وأكّد أن تركيا أعلنت منذ أكتوبر الماضي عن جهوزيتها لإعادة الضخ في الأنبوب الذي كان قد أغلق من أجل تفقد الأضرار التي قد يكون سببها الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد العام الماضي.

وتمثل صادرات النفط العراقية نقطة توتر مع إغلاق خط أنابيب رئيسي لأكثر من عام بسبب نزاعات قانونية وقضايا فنية نتيجة زلزال تركيا المدمر.

وكانت الصادرات تُباع في السابق بشكل مستقل من قبل إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي، دون موافقة أو إشراف الإدارة المركزية في بغداد، عبر ميناء جيهان التركي.

أبرز تحديات استئناف التصدير عبر خط أنابيب جيهان-كركوك؟

يقول سامي نادر، رئيس مركز المشرق للدراسات الاقتصادية في مقابلة مع CNN الاقتصادية إنه بغض النظر عن المحادثات التي تمت في العراق، يبقى التحدي الحقيقي متعلقاً بتأمين الأموال اللازمة لتحقيق الاتفاقيات، مؤكداً أن المهم في الزيارة هو التعويل على دور تركيا في إعادة تشغيل أنابيب جيهان-كركوك الذي يتوقع أن يكون الزلزال الذي ضرب البلاد العام الماضي دمر جزءاً منه، مشيراً أن 450 ألف برميل نفط يومياً كان يمر عبر هذه الأنابيب قبل إغلاقها.

ويقول حارث حسن، الباحث غير المقيم في مركز كارنيغي الشرق الأوسط للدراسات والباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إن تركيا ثاني أكبر شريك تجاري للعراق ولكن توقف تصدير النفط العراقي من إقليم كردستان ومنطقة كركوك سببه خلاف الأقاليم مع حكومة بغداد.

وفي مقابلة مع CNN الاقتصادية، قال بشار الحلبي خبير النفط لدى شركة Argus إن وجود بعض العوامل كالعقود الموقعة بين أربيل وشركات النفط العالمية العاملة في الإقليم والتي تنتج النفط من حقول أربيل وتقوم ببيعه عائق أمام تفعيل التصدير عبر الأنابيب، كما أن هناك بعض العوامل -بحسب الحلبي- مثل العلاقة المتوترة بين بغداد وكردستان، مع تعليق الملف المتعلق بالنفط والغاز في كردستان والملف المتعلق بميزانية العراق ودفع رواتب العاملين في الإقليم.

هل يؤثر استئناف التصدير عبر جيهان-كركوك على أسعار النفط عالمياً؟

بحسب حسن، وفي حال تم الاتفاق على استئناف التصدير، يمكن أن يكون لذلك انعكاس على أسعار النفط، ولكن هذا يعتمد بشكل أساسي على الاتفاق بزيادة حصة العراق من هذا التصدير وإن كان سيتم بالتنسيق مع مجموعة أوبك أم لا.

ويؤكد حسن أنه إذا تم الاتفاق على استئناف صادرات النفط، فذلك سيكون له انعكاس إيجابي على الأسواق العالمية، ولكن إتمام الاتفاق بحاجة إلى وقت وإلى وساطة تركية بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان، حسب قوله.

ومن جهته، قال الحلبي إنه بسبب العوامل التي تحول دون عودة 450 ألف من براميل النفط في هذه الأنابيب إلى الأسواق، لن يكون هناك انعكاس على أسعار النفط عالمياً على المدى القريب.

وعقب الحلبي بأن العراق ملتزم أمام أوبك بإنتاج 4 ملايين برميل من النفط يومياً، وتخطى إنتاجه ذلك في الأشهر الماضية ويتوجب عليه خفض الإنتاج للتعويض.

وأضاف الحلبي أنه في الأشهر القادمة سيحدد العراق صادراته النفطية إلى 3.3 برميل نفط يومياً، وسيحاول الالتزام بقواعد أوبك، ما قد يؤدي إلى إزالة كمية من النفط العراقي من الأسواق.

وتابع الحلبي قائلاً إن زيارة الرئيس أردوغان إلى العراق والمحادثات التي حصلت بشأن أنابيب جيهان-كركوك لن تؤثر على أسعار النفط الخام عالمياً نظراً لمجموعة من العوامل التي تحول دون العودة إلى التصدير.

من جهته، قال رجب يورلماز الخبير الاقتصادي التركي إن الأنبوب ليس له تأثير حقيقي على سعر النفط بسبب القدرة الاستيعابية المحدودة له ولكنه لم يستبعد إمكانية تأثير هذا الممر على سعر التجزئة للنفط في حال تم زيادة الطاقة الاستيعابية على المدى الطويل.