تعرض عدد من دول العالم لانقطاعات في التيار الكهربائي بشكلٍ كبير خلال الأسبوع الحالي نتيجة ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، وقد أجمع عدد من محللي سوق الغاز والنفط على أن هذا الصيف سيكون الأكثر سخونة وقد يؤدي إلى اضطراب في سوق الغاز المسال العالمية، وذلك لتحول بعض مصدري الغاز إلى مستورد مثل مصر بجانب زيادة الطلب على استخدام الغاز الطبيعي.
ارتفعت درجات الحرارة خلال الأسبوع الماضي في عدد من الدول، ما دفع مصر والكويت والعراق إلى تطبيق سياسات تخفيف الأحمال من خلال قطع الكهرباء.
وتقول آنا سوباسيك، محللة سوق الغاز الطبيعي المسال والغاز الطبيعي لدى كبلر، لـCNN الاقتصادية، إنه «على الرغم من أن السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال تبدو متوازنة في الوقت الحالي، فإننا نتوقع أن يكون هذا الصيف الأكثر سخونة في آسيا، وقد يؤدي إلى تشديد توازن السوق العالمية».
وارتفعت أسعار الغاز المسال خلال تعاملات الشهر الحالي لتصل إلى 12.6 دولار لكل مليون وحدة حرارية، مقابل 10.9 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية خلال تعاملات الشهر الماضي.
إمدادات محدودة
وتضيف سوباسيك، أن نمو إمدادات الغاز الطبيعي المسال محدود هذا العام، «وقد شهدنا بالفعل بعض الانقطاعات غير المخطط لها في إمدادات الغاز الطبيعي المسال ما أدى إلى زيادة التوتر في أسعار الغاز مع ارتفاع الطلب على الغاز للتبريد، حيث يشهد الطلب على الغاز الطبيعي المسال من جانب كبار المستهلكين الآسيويين ارتفاعاً بسبب موجات الحر المستمرة، في حين تشهد البلدان الحساسة للأسعار مثل الهند بالفعل درجات حرارة مرتفعة إلى مستويات قياسية».
وتقول محللة سوق الغاز الطبيعي المسال والغاز الطبيعي لدى كبلر، «في أوروبا، انخفض فائض تخزين الغاز على أساس سنوي، وهناك توقعات بانقطاع تدفقات خط الأنابيب الروسي المتبقية عبر أوكرانيا إلى أوروبا في وقت مبكر مما كان متوقعاً هذا الصيف، وهو ما سيدفع أوروبا إلى الاحتياج للمزيد من شحنات الغاز الطبيعي المسال لتلبية أهداف التخزين التي يفرضها الاتحاد الأوروبي وكذلك لتلبية الطلب على التبريد هذا الصيف».
وتضيف سوباسيك، «ما يزيد من قلق السوق هي مصر، التي تحولت من التصدير إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال هذا العام بسبب مشكلات الإنتاج المحلي المستمرة، وتسعى الآن للحصول على شحنات متعددة للتسليم في الصيف وسط ارتفاع درجات الحرارة».
أزمة كهرباء في مصر
ففي مصر أعلنت وزارتا الكهرباء والبترول تخفيف الأحمال أو قطع التيار الكهربائي نحو 4 ساعات يومياً خلال الأسبوع الحالي بسبب زيادة معدلات الاستهلاك.
يأتي القرار في وقت تعيش فيه أغلب المدن المصرية موجة حارة تتخطى خلالها الحرارة الـ40 درجة مئوية في مدن مثل القاهرة وأسوان والأقصر.
وبدأت وزارة البترول المصرية في أبريل نيسان الماضي الماضي استيراد شحنات من الغاز المسال لمواجهة الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي من قِبل قطاع الكهرباء، والحد من انقطاعات الكهرباء خلال فترة الصيف، واتفقت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» التابعة لوزارة البترول المصرية على استيراد شحنات غاز مسال، على أن يتم تسليمها في ميناء الشيخ صباح الأحمد الصباح بمدينة العقبة الأردنية وتغويزها من خلال وحدة التغويز العائمة للغاز الطبيعي في المملكة الأردنية، على أن يتم نقلها عبر خط الغاز الواصل بين مصر والأردن، وذلك لحين بدأ وحدة التغويز العائمة «هوج جاليون» للغاز الطبيعي المسال التابعة لشركة هوج النرويجية المتخصصة في وحدات تغويز الغاز.
ويقول أمجد خشمان، وهو محلل أول في شركة إندبندنت كوموديتي إنتليجنس سيرفيسز ICIS، في اتصال مع CNN الاقتصادية، «سلّطت موجة الحر المستمرة في العديد من البلدان الضوء بشكلٍ صارخ على نقاط الضعف في شبكات الطاقة العالمية، حيث يمكن أن تعزى ضرورة عمليات الإغلاق المخطط لها إلى سببين رئيسيين يتمثلان في مشكلات فنية داخل شبكة الطاقة مثل عدم كفاية قدرة التوليد أو خطوط النقل المعيبة، أو نقص الوقود والغاز الطبيعي لتشغيل المحطات».
ويضيف خشمان، أن موجة الحر الحالية ستؤدي إلى زيادة الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال، ليس فقط في البلدان التي تشهد حالياً انقطاعات في الكهرباء، ولكن أيضاً في كبار المستهلكين مثل اليابان والصين، «ويدعم هذا الطلب المتزايد أسعار الغاز الطبيعي المسال ويمنع انخفاضات الأسعار التقليدية التي تحدث عادة خلال فترة الصيف خارج أوقات الذروة».
ويقول المحلل أول في شركة إندبندنت كوموديتي إنتليجنس سيرفيسز ICIS، إن القضية الرئيسية لانقطاعات الكهرباء في الكويت جاءت نتيجة قلة الاستثمار في توليد الطاقة، بالإضافة إلى مواجهة محطات توليد الطاقة عمليات طرح طويلة للمناقصات، ما يؤدي إلى تأخيرات كبيرة، بالإضافة إلى «مواجهة مصر وباكستان تحديات اقتصادية تعوق قدرتهما على شراء كميات كافية من الغاز الطبيعي أو الغاز الطبيعي المسال اللازم لتشغيل محطات توليد الطاقة لديها».
وعن الهند، يقول خشمان، إنها قامت بتأمين إمدادات كافية من الغاز الطبيعي المسال تحسباً لذروة الطلب في الصيف، إلّا أن درجات الحرارة المرتفعة إلى مستويات غير مسبوقة ضغطت على الشبكة إلى أقصى حدودها، ما أدى إلى أعطال فنية وانقطاع التيار الكهربائي لاحقاً، «في حين الوضع في العراق يعد أكثر تعقيداً، إذ يشمل نقص الاستثمار في شبكة الكهرباء وصعوبات في تأمين كميات إضافية من الغاز من إيران المجاورة».