تستحوذ الطاقة النووية على نحو 10 في المئة من إجمالي توليد الكهرباء على مستوى العالم، وسط توقعات بوصول طاقتها الإنتاجية إلى مستويات قياسية عام 2025.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقرير لها صدر يوم الثلاثاء أن تنمو إنتاجية الطاقة النووية بنحو 3.5 في المئة إلى مستوى قياسي عام 2025 لتبلغ أكثر من 2900 تيراواط في الساعة في جميع أنحاء العالم، بعد نمو بحوالي 1.6 في المئة أو ما يقارب إنتاج 2800 تيراواط في الساعة.
وأضاف التقرير أن الإنتاج المتوقع مدعوم من ارتفاع إنتاج أسطول الطاقة النووية الفرنسي مع اكتمال أعمال الصيانة، ومن خلال إعادة تشغيل المفاعلات في اليابان، ودخول مفاعلات جديدة في أسواق مختلفة، بما في ذلك الصين والهند وكوريا وأوروبا.
وتأتي هذه التوقعات وسط ما يشهده القطاع النووي من اهتمام عالمي متزايد حول تفعيل دور الطاقة النووية أكثر في مختلف الدول لتكون مزود كهرباء موثوقاً في تحقيق الطموحات المناخية وخفض الانبعاثات الكربونية.
الطاقة النووية وتوليد الكهرباء
في خضم أزمة الطاقة العالمية التي نعيشها اليوم، أصبح الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري على رأس أولويات أمن الطاقة، بجانب الحاجة إلى زيادة توليد الكهرباء لتلبية الطلب العالمي المتزايد مع تصاعد درجات الحرارة.
وتسهم الطاقة النووية، التي تبلغ طاقتها الإنتاجية نحو 413 غيغاواط في 32 دولة، في تحقيق كلا الهدفين من خلال تجنب 1.5 غيغاطن من الانبعاثات العالمية و180 مليار متر مكعب من الطلب العالمي على الغاز سنوياً، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
وباعتبارها ثاني أكبر مصدر للطاقة منخفضة الانبعاثات اليوم بعد الطاقة الكهرومائية، ومع قابليتها للتوزيع وإمكانات النمو، يمكن للطاقة النووية -في البلدان التي تقبل فيها- أن تساعد على ضمان أنظمة كهرباء آمنة ومتنوعة ومنخفضة الانبعاثات.
وتعتمد بعض الدول على الطاقة النووية في توليد أكثر من نصف الطاقة الكهربائية، إذ استحوذت الطاقة النووية على نحو 64.8 في المئة من إجمالي توليد الكهرباء في فرنسا خلال 2023، مقابل 61.3 في المئة في سلوفاكيا، فيما تصل حصتها داخل المجر وفنلندا وبلجيكا إلى 48.8 في المئة، و42 في المئة، و41.2 في المئة على الترتيب من إجمالي توليد الكهرباء في البلاد.
على جانب آخر، تتصدر الولايات المتحدة أكبر دول العالم إنتاجاً للطاقة النووية مع إنتاج 779.9 تيراواط في الساعة عام 2023، تليها الصين التي أنتجت 406.48 تيراواط في الساعة، ثم فرنسا وروسيا مع إنتاج 323.77 و203.96 تيراواط في الساعة على التوالي.
تبني الطاقة النووية
اتخذت العديد من الدول مؤخراً خطوات لتوسيع العمليات في محطات الطاقة النووية القائمة وبناء محطات جديدة، ويشمل ذلك قرار بلجيكا بتمديد تشغيل مفاعلين قائمين من عام 2025 إلى عام 2035، وهو ما سيلبي نحو 15 في المئة من الطلب على الكهرباء.
كما قدمت كندا ائتماناً ضريبياً على الاستثمار يصل إلى 30 في المئة لتقنيات الطاقة النظيفة في أواخر عام 2022، وأكملت فنلندا «أولكيلوتو 3» عام 2023، وهو أول مفاعل نووي جديد في أوروبا الغربية منذ 15 عاماً.
ووافقت فرنسا عام 2022 على بناء 6 مفاعلات نووية كبيرة جديدة تلبي نحو 10 في المئة من الطلب على الكهرباء، مع خيار بناء 8 أخرى، على أن يبدأ تشغيل المفاعل الأول عام 2035.
في غضون ذلك وضعت اليابان قانوناً عام 2023 في إطار مبادرة التحول الأخضر يسمح لشركات الطاقة بتشغيل الأصول النووية فترة أطول، في بعض الحالات أكثر من 60 عاماً.
وبشكل عام، بلغ متوسط الاستثمار العالمي في الطاقة النووية ما يزيد قليلاً على 40 مليار دولار سنوياً في الفترة بين عامي 2016 و2022.
وتقول وكالة الطاقة الدولية إنه «للتوافق مع سيناريو الانبعاثات الصفرية، يحتاج العالم إلى زيادة الاستثمار النووي إلى نحو 125 مليار دولار سنوياً في أواخر عشرينيات القرن الحالي، أي أكثر من ثلاثة أضعاف المستوى الحالي، ولتحقيق هذا الهدف، سيكون من الأهمية بمكان أن تعمل الحكومات على الحد من مخاطر الاستثمار في الطاقة النووية حيثما أمكن ذلك».