مع اقتراب بدء موسم الشتاء وزيادة الطلب على الغاز في أوروبا لمواجهة انخفاض درجات الحرارة، تلجأ دول الاتحاد الأوروبي إلى تخزين كميات من الغاز الطبيعي خلال فترة الصيف، وذلك بعد تعرضها لتوقف إمدادات الغاز من روسيا في أعقاب الحرب في أوكرانيا من عام 2022.
ويقول محللون لـCNN الاقتصادية، إن القارة العجوز نجحت في ملء خزاناتها بالغاز الطبيعي، إلّا أنها في حاجة إلى تأمين المزيد من الكميات من خلال الاتفاق على كميات يتم تسليمها خلال فصل الشتاء.
ويقول أندرياس شرودر، رئيس تحليلات الطاقة في مؤسسة إندبندنت كوموديتي إنتليجنس سيرفيسز ICIS، لـCNN الاقتصادية، إن أوروبا نجحت بالفعل في ملء خزاناتها بالغاز الطبيعي لتلبية احتياجاتها في فصل الشتاء «وهذا مبكر نسبياً».
ويقول شرودر، إن أوروبا قد أمّنت أكبر قدر ممكن من الغاز من خلال التخزين، «ولكن عليها تأمين كميات إضافية من الغاز من خلال الاتفاق على تم تسليمها في الوقت المحدد من خلال الغاز الفوري أو من خلال شحنات الغاز الطبيعي المسال المتعاقد عليها».
وأضاف رئيس تحليلات الطاقة في مؤسسة إندبندنت كوموديتي إنتليجنس سيرفيسز ICIS، «نرى حالياً انخفاضاً في الغاز الطبيعي المسال القادم إلى أوروبا إلى جانب ضعف الطلب على التخزين، ولكن بحلول الشتاء، نتوقع انتعاش الطلب على تخزين الغاز مرة أخرى، حيث يمكن لأوروبا بالتأكيد التعامل مع شتاء معتدل أو شتاء بدرجات حرارة طبيعية، إلّا أنه في حال الشتاء الأكثر برودة سيحرك بعض أسعار عقود عام 2025 للأعلى نظراً لأن المخزون سوف ينضب بشكلٍ أسرع من المتوقع».
وعانت أوروبا خلال عام 2022 أزمة حادة في الطاقة بسبب توقف إمدادات الغاز من روسيا في أعقاب الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى تلف خطي «نورد ستريم» لنقل الغاز الروسي، وهو ما دفعها خلال العام الماضي إلى تخزين كميات كبيرة من الغاز الطبيعي لتلبية الطلب المتزايد على الغاز خلال فصل الشتاء مع انخفاض درجات الحرارة.
وتقول كاتيا يافيمافا، الباحثة في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، إن خزانات الغاز الأوروبية ممتلئة تقريباً، «لذلك، يزال الطلب الأوروبي على الغاز ضعيفاً، كما نري انخفاضاً في شحنات الغاز المسال المتجهة إلى أوروبا مع زيادة الشحنات المتجهة إلى آسيا بدلاً من ذلك».
وأضافت يافيمافا، أنه على الرغم من أن سوق الغاز متوازنة الآن، فإنها لا تزال ضيقة والمعنويات متوترة ما ينعكس على ارتفاع الأسعار، حيث من الصعب أن نرى تعافي الطلب الأوروبي على الغاز عند هذا النوع من الأسعار، وأي عامل يمكن أن يضغط السوق (مثل الطقس الشتوي الأكثر برودة من المعتاد، والخسارة المحتملة لنقل الغاز عبر خط الأنابيب الروسي عبر أوكرانيا)، ما يضع ضغوطاً إضافية على الأسعار.
وتتوقع الباحثة في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، أن يظل الضغط الصعودي على الأسعار قائماً حتى تصل الموجة الجديدة من الغاز الطبيعي المسال العالمي إلى الأسواق في عامي 2025 و2026.
وكالة الطاقة الدوليةقالت في تقريرها الشهر الماضي، إن مرافق تخزين الغاز في أوكرانيا يمكنها توفير نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز للسوق الأوروبية خلال فصل الشتاء القادم، «وهو ما يترك مساحة لأوروبا لتخزين كميات إضافية بالإضافة إلى الاستعانة بالكميات المخزنة في أوكرانيا».
وتقول آنا سوباسيك، محللة سوق الغاز الطبيعي المسال والغاز الطبيعي لدى كبلر، لـCNN الاقتصادية، إنه من المتوقع انخفاض أسعار الغاز خلال الشهر الحالي على أن يستمر الانخفاض حتى بدء التدفئة الشتوية، وذلك على خلفية وصول تخزين الغاز في أوروبا إلى سعته الكاملة وتراكم تخزين الغاز الطبيعي المسال.
وتضيف سوباسيك، أن بافتراض درجات حرارة موسمية طبيعية في الشتاء القادم في دول الاتحاد الأوروبي، «نتوقع أن ينتهي التخزين في شتاء 2024-2025 عند نحو 54% ممتلئاً، أقل من الشتاءين السابقين بسبب درجات الحرارة الأكثر برودة من خلال العاميين الماضيين وفقدان الغاز عبر خط الأنابيب الروسي عبر أوكرانيا، والذي يتم تعويضه إلى حد ما من خلال واردات الغاز الطبيعي المسال الأقوى، كما أنه من المتوقع زخم صعودي للأسعار مع بدء فصل الشتاء وظهور عدم اليقين بشأن الغاز عبر خط الأنابيب الروسي».
وتقول محللة سوق الغاز الطبيعي المسال والغاز الطبيعي لدى كبلر، إنه قد ترتفع أسعار الغاز الأوروبية في أغسطس مدفوعة بعدم اليقين الجيوسياسي في الشرق الأوسط والذي قد يعرض إنتاج الغاز في المنبع في إسرائيل للخطر.
وكانت مؤسسة إندبندنت كوموديتي إنتليجنس سيرفيسز ICIS، توقعت نمو إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية، بنسبة 5.14 في المئة، لتصل إلى 439.1 مليون طن من الغاز بنهاية عام 2025، كما توقعت تراجع إمدادات الغاز المسال من أوروبا خلال عام 2025 بنسبة 17.7 في المئة، لتصل إلى 5.1 مليون طن، مقابل 6.2 مليون طن خلال العام الحالي، كما أنه من المتوقع انخفاض إمدادات الغاز المسال من الشرق الأوسط خلال العام المقبل بنسبة 1.86 في المئة، لتصل 94.9 مليون طن من الغاز، مقابل 96.7 مليون طن من الغاز خلال عام 2024.