يواجه النفط الخام عدداً من الضغوط التي تزامنت في آن واحد ودفعته لسقوط حر تجاه أدنى مستوياته منذ ديسمبر كانون الأول 2023، بينما يقيم المستثمرون توقعات اجتماع منظمة أوبك والبيانات السلبية ومصير الإمدادات الليبية.
وخسرت أسعار النفط أكثر من أربعة في المئة في جلسة يوم الثلاثاء، ويستمر التراجع خلال تعاملات يوم الأربعاء، إذ هبطت العقود الآجلة لخام برنت صباحاً بنحو 0.56 في المئة عند 73.37 دولار للبرميل، في حين انخفضت عقود الخام الأميركي نحو 0.60 في المئة عند 69.92 دولار للبرميل، بضغط من البيانات السلبية في الصين التي زادت المخاوف بشأن تباطؤ الطلب على النفط الخام.
لماذا هبط النفط بهذه القوة؟
قال توشيتاكا تازاوا المحلل لدى شركة فوجيتومي للأوراق المالية المحدودة «استمرت عمليات بيع النفط في الفترة الآسيوية وسط توقعات باتفاق محتمل لحل النزاع في ليبيا، وظلت السوق تحت ضغط أيضاً بسبب المخاوف بشأن تباطؤ الطلب على الوقود في أعقاب المؤشرات الاقتصادية الضعيفة من الصين والولايات المتحدة»، بحسب تصريحاته لوكالة رويترز.
من جانبه، أوضح يب جون رونغ، استراتيجي السوق لدى شركة إيه جي أنه من المحتمل أن يؤدي تخفيف التوتر السياسي في ليبيا إلى عودة بعض الإمدادات، مشيراً إلى أن الضعف الاقتصادي في أكبر مستهلكي النفط في العالم، الولايات المتحدة والصين، بمثابة ملتقى للرياح المعاكسة لأسعار النفط.
وخفض بنك مورغان ستانلي مؤخراً توقعاته لأسعار النفط، ما يعكس توقعات زيادة العرض من المنتجين من أوبك وخارجها وسط مؤشرات على ضعف الطلب العالمي.
ويتوقع البنك الآن أن تظل سوق النفط الخام ضيقة خلال الربع الثالث، قبل أن تبدأ في الاستقرار في الربع الأخير وربما تتحرك نحو تحقيق فائض بحلول عام 2025.
بيانات سلبية
كشفت بيانات معهد إدارة التوريد أمس الثلاثاء، انكماش النشاط الصناعي في الولايات المتحدة للشهر الخامس على التوالي في أغسطس، إذ سجل مؤشر مديري المشتريات الصناعي 47.2 نقطة، وهو ما يشير إلى انكماش النشاط نظراً لانخفاض القراءة عن المستوى 50 نقطة.
وقال رونغ «يبدو أن الانكماش الأسرع في الطلبيات الجديدة والإنتاج، في بيانات مؤشر مديري المشتريات التصنيعي في الولايات المتحدة، يجدد مخاوف النمو، وهو ما لا يقدم الكثير من الطمأنينة حول توقعات الطلب على النفط».
في غضون ذلك، تباطأ نشاط القطاع الخدمي الصيني في أغسطس، لكنه واصل النمو للشهر الـ19 على التوالي، في حين اضطرت الشركات لخفض مستويات التوظيف في ظل مخاوف ارتفاع التكاليف، الأمر الذي عزز المخاوف من احتمالية مشاهدة تباطؤ في الطلب من الصين، أحد أكبر مستهلكي النفط في العالم.
انفراجة من ليبيا
توقفت صادرات النفط الليبية في الموانئ الرئيسية يوم الاثنين وخفض الإنتاج في جميع أنحاء البلاد، وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا حالة القوة القاهرة في حقل الفيل النفطي بدءاً من الثاني من سبتمبر أيلول.
لكن بحلول يوم الثلاثاء، اتفقت الهيئتان التشريعيتان في ليبيا، على تعيين محافظ مشترك للبنك المركزي في غضون 30 يوماً بعد محادثات ترعاها الأمم المتحدة، ما قد يؤدي إلى نزع فتيل معركة السيطرة على عائدات النفط التي أثارت النزاع.
من جهة أخرى، لا تزال صادرات النفط الليبية متوقفة من الموانئ الرئيسية، بحسب ما ذكره ستة مهندسين لرويترز، لكن التفاؤل بإمكانية حل النزاع السياسي كانت كافية لدفع أسعار النفط للانخفاض.
توقعات اجتماع أوبك
حتى أيام قليلة مضت، اعتقد معظم المحللين أن منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) ستؤخر الرفع التدريجي للإنتاج، في ظل تباطؤ الطلب المتوقع، والبيانات المتباينة التي تضغط على الأسعار.
لكن التقارير وتكهنات السوق في الأيام الأخيرة تشير إلى أن خطة مجموعة أوبك+ التي كشفت عنها في يونيو حزيران الماضي تظل تتضمن زيادة لإنتاج النفط بمقدار 180 ألف برميل يومياً في أكتوبر، كجزء من خطة للبدء في التقليص التدريجي لتخفيضات الإنتاج البالغة 2.2 مليون برميل يومياً، مع الإبقاء على التخفيضات الأخرى سارية حتى نهاية عام 2025.
ويمكن لمنظمة أوبك وحلفاؤها وعلى رأسهم روسيا اختيار زيادة العرض حتى في ظل تراجع الطلب الحالي على أمل زيادة الطلب على المدى المتوسط مع انخفاض أسعار النفط، حسب ما يقول كاتب عمود رويترز كلايد راسل في عموده.
لكن هذه الخطوة تزيد من الضغوط التي تواجه أسعار النفط، في ظل المخاوف من وفرة المعروض وتباطؤ الطلب، لذا سيكون التركيز خلال الأيام المقبلة على مراقبة تطورات النزاع في ليبيا والتكهنات بشأن اجتماع أوبك+، فضلاً عن انتظار خفض للفائدة الأميركية في وقت لاحق من سبتمبر الجاري.