تسعى كندا والمكسيك إلى جذب عشرات المليارات من الدولارات من الاستثمارات لتعزيز صناعات تصدير الغاز الطبيعي المسال فيهما، في الوقت الذي يؤدي فيه تجميد التصاريح إلى إبطاء توسع القطاع في الولايات المتحدة، أكبر مورد في العالم.

ومن المقرر أن يتدفق نحو 63 مليار دولار من الاستثمارات الرأسمالية إلى القطاع في البلدين، وفقاً لشركة الاستشارات ريستاد إنرجي، بما في ذلك المشاريع قيد الإنشاء وتلك التي تنتظر قرارات الاستثمار النهائية.

يقول كيني شتاين، نائب رئيس السياسات في معهد أبحاث الطاقة: «يريد العملاء موردين بديلين.. وهم سعداء بالحصول على المزيد من الإمدادات في السوق من موردين غير أميركيين».

يأتي ازدهار الاستثمار في الغاز الطبيعي المسال في كندا والمكسيك وسط تباطؤ في التطورات الجديدة التي تم الإعلان عنها في الولايات المتحدة.

وقد تضرر الاستثمار بسبب حالة عدم اليقين في أعقاب وقف مؤقت لتصاريح التصدير الجديدة التي قدمتها إدارة بايدن أثناء تقييمها فوائد ومخاطر ارتفاع صادرات الغاز.

وتهدف الدول المجاورة للولايات المتحدة إلى الاستفادة من الطلب المتزايد على الوقود في السوق الآسيوية، وهو ما من شأنه أن يزيد من حدة المنافسة على تصدير الغاز الطبيعي المسال في أميركا الشمالية.

وتقع أغلب المشاريع المخطط لها في كندا والمكسيك على السواحل الغربية للبلدين، وهذا يعني أن السفن التي تحمل الغاز الطبيعي المسال لن تضطر إلى المرور عبر قناة بنما، التي أصبحت على نحو متزايد نقطة اختناق في تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية.

وهذا من شأنه أن يمنحها إمكانية الوصول بسهولة وبتكلفة أقل إلى الأسواق الآسيوية التي تعول عليها الصناعة في دفع النمو.

وتشير تقديرات وود ماكنزي إلى أن كندا والمكسيك لديهما القدرة على توريد 36.2 مليون طن سنوياً و36.7 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال، على التوالي، بحلول عام 2040.

وهذا ارتفاع من 0.49 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال في المكسيك وصفر في كندا هذا العام.

ومع ذلك، لا يزال من المتوقع أن يتضاءل إمداد كندا والمكسيك من الغاز الطبيعي المسال مقارنة بـ325.83 مليون طن سنوياً التي تمتلك الولايات المتحدة القدرة على توريدها بحلول ذلك الوقت؛ في العام الماضي، صدرت الولايات المتحدة 88 مليون طن.

ومن المتوقع أن تبدأ كندا تصدير الغاز الطبيعي المسال لأول مرة في العام المقبل من مشروع تدعمه شركة شل في كولومبيا البريطانية.

وقالت شركة شل التي تملك حصة 40 بالمئة في المشروع إن مشروع الغاز الطبيعي المسال في كندا، الذي من المتوقع أن تبلغ طاقته 14 مليون طن سنوياً، اكتمل بنسبة تزيد على 90 بالمئة وهو في طريقه لشحن أول شحنات بحلول منتصف عام 2025.

وستكون المرحلة الأولى من المشروع أكبر مشروع في البلاد وواحدة من العديد من الاستثمارات في صناعة تصدير الغاز الطبيعي المسال على طول ساحل المحيط الهادئ في أميركا الشمالية.

وتقدر شركة الاستشارات وود ماكنزي أن المشروع سيوفر 13.5 مليون طن في عام 2027 وسيكون مصدراً جديداً للإمدادات إلى آسيا.

وقال مارك بونوني، المحلل في وود ماكنزي: «ستكون كندا هي الأغنية على حلبة الرقص خلال العامين المقبلين مع طرح مشاريع جديدة على الإنترنت».

ومن المتوقع أن يضيف المشروعان المتبقيان قيد الإنشاء في كندا -Woodfibre LNG وCedar LNG -5.4 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، بالإضافة إلى ما يقرب من 14 مليون طن سنوياً من LNG Canada بحلول عام 2030، وفقاً لشركة وود ماكنزي.

وعلى نحو مماثل، بدأت المكسيك بناء صناعة تصدير خاصة بها على طول الساحل الغربي في إطار سعيها إلى تلبية الطلب المتزايد في آسيا.. وفي الشهر الماضي، قامت شركة نيو فورتريس إنرجي، المطورة لأول منشأة لتصدير الغاز الطبيعي المسال في المكسيك، بشحن شحنة أولية على طول الساحل الشرقي.

وتقترح المكسيك أربعة مشاريع على طول الساحل الغربي، ومن المتوقع أن يكون لديها القدرة على توريد 23.06 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2030، وفقاً لوود ماكنزي.. وهناك مشروع واحد فقط قيد الإنشاء، وهو مشروع إنيرجيا كوستا أزول للغاز الطبيعي المسال التابع لشركة سيمبرا.

ولكن صناعات الغاز الطبيعي المسال الناشئة في كلا البلدين تواجه عقبات؛ فكندا ليس لديها منشأة عاملة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، كما واجهت بعض المشاريع سنوات من التأخير، وقد تم الإعلان عن مشروع الغاز الطبيعي المسال في كندا لأول مرة منذ نحو 14 عاماً، ولكن مع تقدم المشاريع الأميركية، تأخرت كندا عن الركب.

وقال جريج إيبل الرئيس التنفيذي لشركة إينبريدج التي تمتلك حصة 30% في مشروع وودفايبر للغاز الطبيعي المسال: «لقد خسرت كندا عقداً كاملاً في مجال الغاز الطبيعي المسال لأنها لم تتمكن من الحصول على أي ترخيص، ولا يزال الأمر يمثل تحدياً بالنسبة لنا في كندا».

وعلى غرار الولايات المتحدة، تواجه كندا أيضاً بيئة تنظيمية صعبة، فقد تأخر تنفيذ العديد من المشاريع بسبب عدم الحصول على التصاريح اللازمة، وأدى هذا التأخير إلى ارتفاع التكاليف.

وقال كوشال راميش، رئيس تحليلات الغاز الطبيعي المسال في شركة ريستاد إنرجي: «تستغرق عملية الموافقة البيئية وقتاً أطول بكثير مما يستغرقه مشروع مماثل الحجم في الولايات المتحدة».

وتواجه المشاريع المكسيكية التحدي المتمثل في أن معظمها سيتعين عليه الحصول على الغاز الطبيعي من حوض بيرميان الأميركي، كما أنها تخضع لقانون الطاقة الأميركي، ما يجعلها خاضعة لتجميد التصاريح في واشنطن.

ولم يبدأ بعد تشييد أكبر مشروع في البلاد وهو مشروع ساجوارو إنيرجيا في مكسيكو باسيفيك أو يتلقى قرار الاستثمار النهائي.

ورغم حصوله على تصريح من وزارة الطاقة الأميركية، فإن لديه موعداً نهائياً لبدء تصدير الغاز الطبيعي المسال بحلول ديسمبر كانون الأول 2025.

وقال راميش «نعتقد أن الغاز الطبيعي المسال على الساحل الغربي للمكسيك سيكون أكثر [تنافسية من حيث] التكلفة من ساحل الخليج الأميركي»، مضيفاً أن المكسيك لم يكن لديها تاريخ من التأخيرات الطويلة في الموافقات على المشاريع، وليس لديها بنية تحتية باهظة الثمن وهي أقرب إلى السوق الآسيوية.

تواجه محطة تصدير الغاز الطبيعي المسال Energia Costa Azul التابعة لشركة Sempra ومقرها الولايات المتحدة والتي لا تزال قيد الإنشاء تأخيرات وزيادات في التكاليف بسبب تحديات العمالة والإنتاجية.

وقال بونوني من وود ماكنزي: «مثل الولايات المتحدة، ستكون هناك إدارة جديدة في المكسيك تبدأ في أكتوبر تشرين الأول.. وهذا يسبب بعض عدم اليقين للصناعة بشأن أولويات السياسة للإدارة الجديدة».