تعهدت أربعة عشر بنكاً ومؤسسة مالية عالمية بزيادة دعمها للطاقة النووية، وهي الخطوة التي تأمل الحكومات والصناعة أن تفتح الباب أمام التمويل لموجة جديدة من محطات الطاقة النووية.
في فعالية تقام اليوم الاثنين في نيويورك مع مستشار سياسة المناخ في البيت الأبيض جون بوديستا، ستقول مؤسسات، بما في ذلك بنك أوف أميركا، وباركليز، وبي إن بي باريبا، وسيتي، ومورغان ستانلي، وغولدمان ساكس، إنها تدعم الهدف الذي تم تحديده لأول مرة في مفاوضات المناخ COP28 في العام الماضي لزيادة قدرة الطاقة النووية في العالم إلى ثلاثة أمثالها بحلول عام 2050.
ولن يوضح المسؤولون بالضبط ما سيفعلونه، لكن خبراء الطاقة النووية قالوا إن هذا العرض العام للدعم كان بمثابة اعتراف طال انتظاره بأن القطاع لديه دور حاسم يلعبه في التحول إلى الطاقة منخفضة الكربون.
لقد شكلت صعوبة تمويل المشاريع النووية وتكلفتها المرتفعة عقبة أمام إنشاء محطات جديدة وأسهمت في تباطؤ كبير في الدول الغربية منذ بناء موجة من المفاعلات في السبعينيات والثمانينيات.
وقال جورج بوروفاس، رئيس قسم الممارسات النووية في شركة هانتون أندروز كيرث للمحاماة وعضو مجلس إدارة الرابطة النووية العالمية: «إن هذا الحدث سوف يغير قواعد اللعبة».
وأضاف أنه حتى الآن، كانت البنوك تجد صعوبة سياسية في دعم المشاريع النووية الجديدة، التي كانت تتطلب في كثير من الأحيان موافقة مكتب الرئيس التنفيذي.
وأضاف أن «البنوك على مستوى الإدارة العليا ستقول ببساطة: نحن لا نفهم أي شيء عن الطاقة النووية، نحن نعلم فقط أنها صعبة للغاية ومثيرة للجدل»، وأضاف أن الدعم من البنوك من شأنه أن يساعد في تطبيع الطاقة النووية باعتبارها «جزءاً من الحل لتغير المناخ» وليس «شراً لا بد منه».
وبإمكان البنوك أن تدعم المحطات الجديدة من خلال زيادة الإقراض المباشر وتمويل المشاريع للشركات النووية، أو ترتيب مبيعات السندات، أو تعريف الشركات بصناديق الأسهم الخاصة أو صناديق الائتمان.
وانقسمت المؤسسات المالية منذ فترة طويلة بشأن الطاقة النووية، وذلك بسبب تعقيدات تمويل المشاريع وارتفاع مستوى المخاطر، ولكن أيضاً بسبب التساؤلات حول ما إذا كانت الطاقة النووية تتوافق مع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة التنظيمية.
ولا يقدم البنك الدولي وغيره من المؤسسات المتعددة الأطراف أي تمويل للمشاريع النووية.
وقال بنك «بي إن بي» لصحيفة فاينانشال تايمز إنه «لا يوجد سيناريو» يمكن للعالم من خلاله تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 بدون الطاقة النووية، مستشهداً باللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة.
وقال بنك باركليز إنه يشارك لأن الطاقة النووية يمكن أن تكون حلاً لانقطاع طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وتم بناء معظم محطات الطاقة النووية الجديدة في العالم في آسيا والشرق الأوسط، بقيادة الصين، ولكن الحكومات في البلدان المتقدمة بدأت تزعم أن الطاقة النووية يمكن أن تكون حلاً لالتزاماتها بتحقيق صافي صفري.
وكانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان والسويد والإمارات من بين الدول التي وقعت على التزام مؤتمر المناخ بمضاعفة القدرة ثلاث مرات.
كما بدأت الطاقة النووية تحظى بدعم من شركات التكنولوجيا الكبرى، التي ترى فيها حلاً منخفض الكربون لتشغيل مراكز البيانات.
ففي يوم الجمعة، أعلنت شركة مايكروسوفت عن صفقة مدتها 20 عاماً مع شركة كونستليشن إنيرجي لإعادة تشغيل مفاعل نووي بقوة 835 ميغاوات في جزيرة ثري مايل في بنسلفانيا كان في طور إيقاف تشغيله.
وقال لاري إليسون، المؤسس المشارك والمدير التقني لشركة أوراكل، هذا الشهر إن الشركة كانت تصمم مركز بيانات ضخماً «بتصاريح لثلاثة مفاعلات نووية صغيرة قابلة للتركيب».
وقال جيمس شايفر، وهو مصرفي استثماري في جوجنهايم سيكيوريتيز، الذي يوقع على التعهد: «بمجرد أن ترى تلك الشركات [التكنولوجية] تبدأ في دعم أقوالها من خلال الاستثمار في الطاقة النووية من خلال العقود، فهذا هو الوقت الذي يبدأ فيه كل هذا في الحدوث».
وأضاف شايفر «إننا نجري محادثات معهم، إن ما تفعله البنوك هو ربط العملاء والمستثمرين بالمنتجين وأصحاب هذه التكنولوجيا.
وسوف تقوم وول ستريت بربط النقاط»، مشيراً إلى أن «هذه هي اللحظة التي تسبق الفجر» لتمويل موجة جديدة من محطات الطاقة النووية.
ومع ذلك، لا تزال هناك درجة عالية من الحساسية حول هذا الموضوع داخل البنوك.
وقبل الحدث، أرسلت البنوك المشارِكة تعهدات غير ملزمة بشأن الطاقة النووية إلى شركاء من القطاع الخاص، وفقاً لشخص مطلع على الإعلان، حسب ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز.
لكن العديد من البنوك رفضت التعليق قبل الحدث، ما يؤكد هذه الحساسية، حتى مع تزايد الرأي العام بشأن الطاقة النووية في الولايات المتحدة وأوروبا.
المؤسسات المالية الأخرى التي أعربت عن دعمها للطاقة النووية هي بنك أبو ظبي التجاري، وآريس مانجمنت، وبروكفيلد، وكريدي أجريكول سي آي بي، وجوجنهايم سيكيوريتيز، وروتشيلد آند كو، وسيجرا كابيتال مانجمنت، وسوسيتيه جنرال.