قالت وكالة الطاقة الدولية إن الصراعات الإقليمية والتوترات الجيوسياسية كشفت نقاط الضعف الكبيرة في نظام الطاقة العالمي؛ ما يتطلب من الدول سياسات أقوى واستثمارات أكبر لتسريع وتوسيع الانتقال إلى تقنيات أنظف وأكثر أماناً
وأضافت الوكالة، في تقريرها لتوقعات الطاقة العالمية لعام 2024، أن العالم على وشك الدخول في سياق سوق طاقة جديدة في السنوات القادمة، تتسم بالمخاطر الجيوسياسية المستمرة، ولكن أيضاً بالإمدادات الوفيرة نسبياً من الوقود والتقنيات المتعددة، يشمل ذلك فائضاً في إمدادات النفط والغاز الطبيعي المسال التي ستظهر خلال النصف الثاني من عشرينيات القرن الحادي والعشرين، إلى جانب فائض كبير في القدرة التصنيعية لبعض تقنيات الطاقة النظيفة الرئيسية، ولا سيما الطاقة الشمسية الكهروضوئية والبطاريات.
وقال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول «في النصف الثاني من هذا العقد، فإن احتمال وجود إمدادات أكثر وفرة -أو حتى فائضة- من النفط و الغاز الطبيعي، اعتماداً على كيفية تطور التوترات الجيوسياسية، من شأنه أن يدفع إلى عالم طاقة مختلف تماماً عن العالم الذي شهدناه في السنوات الأخيرة خلال أزمة الطاقة العالمية».
وأضاف بيرول «هذا يعني ضغوطاً هبوطية على الأسعار؛ ما يوفر بعض الراحة للمستهلكين الذين تضرروا بشدة من ارتفاع الأسعار، حيث يمكن أن توفر مساحة التنفس من ضغوط أسعار الوقود لصناع السياسات مساحة للتركيز على تكثيف الاستثمارات في تحولات الطاقة النظيفة وإزالة إعانات الوقود الأحفوري غير الفعالة».
وأضاف التقرير أن الوكالة وضعت 3 سيناريوهات لمسار أسعار النفط والغاز على الرغم من مخاطر التقلبات المستمرة.
ويشير سيناريو السياسات الحالية إلى ضغوط هبوطية على أسعار النفط -متوسط مرجح لأسعار واردات الدول الأعضاء في الوكالة الدولية- تدفعها إلى مستوى 79 دولاراً بحلول 2030، قبل أن يبلغ 77 دولاراً و75 دولاراً في عامي 2040 و2050 على التوالي.
وفي سيناريو التعهدات المناخية المعلنة -يفترض التزام الحكومات بجميع الأهداف المناخية- تقدر وكالة الطاقة الدولية وصول أسعار النفط إلى 72 دولاراً و63 دولاراً و58 دولاراً للبرميل في 2030 و2040 و2050 على التوالي.
أمّا سيناريو تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، فمن شأنه أن يدفع أسعار النفط إلى انخفاض حاد عند مستوى 42 دولاراً عام 2030، قبل أن يبلغ 30 دولاراً و25 دولاراً للبرميل على الترتيب.
وارتفعت أسعار النفط قليلاً خلال تعاملات اليوم الأربعاء مع استمرار حالة الغموض بشأن تطورات الصراع في الشرق الأوسط وبعد أن دفعت مخاوف الطلب السوق إلى أدنى مستوياتها منذ أوائل أكتوبر تشرين الأول في الجلسة السابقة.
ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 19 سنتاً، أو 0.3 بالمئة، إلى 74.44 دولار للبرميل. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 24 سنتاً، أو 0.3 بالمئة، إلى 70.82 دولار للبرميل.
وهبطت أسعار النفط أكثر من أربعة بالمئة إلى أدنى مستوياتها في نحو أسبوعين أمس الثلاثاء بسبب ضعف توقعات الطلب وبعد تقرير في صحيفة ذكر أن إسرائيل لن تضرب المواقع النووية والنفطية الإيرانية؛ ما هدّأ القلق حيال اضطراب الإمدادات.
ويقول التقرير إن المصادر منخفضة الانبعاثات من المقرر أن تولد أكثر من نصف كهرباء العالم قبل عام 2030، حيث لا يزال من المتوقع أن يصل الطلب على الوقود الأحفوري الثلاثة (الفحم والنفط والغاز) إلى ذروته بحلول نهاية العقد.
ويظهر تقرير آفاق الطاقة العالمية 2024 أن ملامح نظام طاقة جديد أكثر كهربة أصبحت واضحة مع ارتفاع الطلب العالمي على الكهرباء، حيث نما استخدام الكهرباء بمعدل ضعف وتيرة الطلب الإجمالي على الطاقة على مدى العقد الماضي، حيث جاء ثلثا الزيادة العالمية في الطلب على الكهرباء على مدى السنوات العشر الماضية من الصين.
ويتوقع التقرير تسارع نمو الطلب العالمي على الكهرباء بشكل أكبر في السنوات المقبلة، بإضافة ما يعادل الطلب الياباني إلى استخدام الكهرباء العالمي كل عام في سيناريو قائم على إعدادات السياسة الحالية، ويرتفع بشكل أسرع في السيناريوهات التي تلبي الأهداف الوطنية والعالمية لتحقيق صافي انبعاثات صفرية.
ويقول التقرير إنه على الرغم من الزخم المتزايد وراء التحولات في مجال الطاقة النظيفة، لا يزال العالم بعيداً عن المسار المتوافق مع أهدافه في مجال صافي الانبعاثات الصفرية، ولكي تستمر الطاقة النظيفة في النمو بوتيرة سريعة، هناك حاجة إلى استثمارات أكبر بكثير في أنظمة الطاقة الجديدة، وخاصة في شبكات الكهرباء وتخزين الطاقة، حيث مقابل كل دولار يتم إنفاقه على الطاقة المتجددة يتم إنفاق 60 سنتاً على الشبكات والتخزين.
وتوقع التقرير استثمار نحو تريليوني دولار في الطاقة النظيفة في عام 2024، وهو ما يقرب من ضعف المبلغ المستثمر في الوقود الأحفوري.
كانت الوكالة خفضت أمس الثلاثاء توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في العام الجاري، مرجعة ذلك إلى ضعف مستوى الطلب في الصين.
وقالت إن السوق ستشهد فائضاً كبيراً في عام 2025 إذا لم يحدث أي اضطراب كبير للإمدادات.
وتوقعت الوكالة، التي تتخذ من باريس مقراً لها، أن ينمو الطلب الصيني بنحو 150 ألف برميل يومياً فقط في عام 2024، بعد أن انخفض الاستهلاك بنحو 500 ألف برميل يومياً في أغسطس مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وهو انخفاض للشهر الرابع على التوالي.