«الإنفاق على اجراءات التكيف مع تغير المناخ لا يكفي». هذ ما أعلنته جوري سينغ، نائب المدير العام في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) في حديثها إلى «CNN الاقتصادية» على هامش «أسبوع أبوظبي للاستدامة».
قالت سينغ : «يجب أن يتضاعف الإنفاق الدولي على… قطاع الغذاء، والمياه، والصحة، والطاقة، على الأقل أربعة أو خمسة أضعاف من المبلغ الحالي. فالتمويل الحالي لا يكفي ملايين المزارعين حول العالم، واحتياجاتهم اليومية، خاصةً في الدول النامية التي يعتمد اقتصادها على الزراعة».
ومن المعروف أن استخدام الطاقة في قطاع الزراعة مسؤول عن حوالي 30 في المئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (GHG) من أنظمة الغذاء. ووفقاً لبيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، ارتفعت حصة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتعلقة بالطاقة المستعملة في الأنظمة الغذائية إلى 21 في المئة عام 2015، اي ما يمثل زيادة قدرها 31 في المئة عن عام 1990. علماً أن معالجة الأغذية وتوزيعها – والتي تشمل البيع بالتجزئة والتعبئة والنقل – شهدت أكبر الزيادات.
بالأرقام
أصبح أنظمة الأغذية الزراعية مصدراً مهيمناً لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم، إذ أكثر من الثلث الانبعاثات العالمية تأتي من الزراعة والحراجة الزراعية وتغيير استعمال الأرض، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة المتجددة.
ومن المرجح أن يزداد هذا في غياب إجراءات تخفيف التغير المناخي في هذا القطاع، وفقًا لتقارير هيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2019 و«ماكينزي» لعام 2020.
ومن بين 16.5 مليار طن من إجمالي الانبعاثات، تُفرز من أنظمة الأغذية الزراعية العالمية بعام 2019، جاءت 7.2 مليارات طن من داخل المزرعة، و3.5 مليارات من تغيير استخدام الأراضي، و 5.8 مليار ات من عمليات سلسلة التوريد، وفقًا لتحليل منظمة الأغذية والزراعة.
النظرة العامة
ونظراً لأن قطاعات الطاقة والنقل والزراعة والمياه مرتبطة ببعضها بشكل وثيق، فإن الآثار المتتالية لتغير المناخ في أحد القطاعات لها تأثير مباشر على القطاع الآخر، وفقًا لبحث أجرته المنظمة الدولية للطاقة المتجددة نُشر في أغسطس 2021.
وكان الترابط بين هذه القطاعات تاريخياً غير مهم نسبياً بأنظمة الطاقة التقليدية مثل الغاز والنفط، لكن هذا التفاعل مختلف أثناء استخدام أنظمة الطاقة المتجددة.
على سبيل المثال، ترتبط بعض عوامل الأرصاد الجوية الإقليمية مثل الإشعاع الشمسي ومستويات هطول الأمطار – والتي تؤثر بشكل كبير على إنتاج الطاقة الشمسية والطاقة المائية – بتوفر موارد المياه والقدرة على إنتاج الغذاء.
لذلك، فإن إدارة قابلية التأثر في قطاع واحد يمكن أن تقلل أو تزيد من قدرة القطاعات الأخرى المرتبطة على التكيف، في حين أن الفشل في إدارة هذه الأنظمة القطاعية في التآزر يمكن أن يؤدي إلى زيادة قابلية التأثر في القطاعات الأخرى.
خفض قابلية التأثر بالمناخ في هذه القطاعات المذكورة يمكن أن يعزز قدرة السكان المحليين على التأقلم على تغير المناخ من خلال توفير المنتجات والخدمات الأساسية. ولذلك تعتبر التقنيات المدعومة الطاقة المتجددة أفضل حل على المدى الطويل لأنه يخلق تكيفاً مرناً لنظام الطاقة. كما تعد أنظمة الطاقة الموزعة على نطاق صغير إحدى الطرق التي يمكن بها استخدام الطاقة المتجددة لإضاءة الشوارع، وأجهزة الري ومعالجة الأغذية.
وأوضحت سينغ «أن الطاقة المتجددة تعمل كوسيلة تمكين أكثر للمنتجات الزراعية، ولكنها ليست الغاية في حد ذاتها. وإذا نظرت إلى سلسلة القيمة الزراعية بأكملها، فهناك حاجة للكهرباء، لذلك يمكن أن تلعب الحلول اللامركزية للطاقة المتجددة في الواقع دوراً مهماً للغاية على طول سلسلة القيمة الزراعية».
«بينما يمكن تلبية متطلبات الطاقة للعمليات الزراعية من خلال مصادر الطاقة المتجددة ، لا توجد تدخلات سياسية كافية في البلدان حول العالم التي تدعم ذلك. هذا مجال يغفل عنه صانعو السياسة»، ختمت سينغ.