بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية خلال بداية نوفمبر تشرين الثاني الحالي، يستعد قطاع النفط والغاز في الولايات المتحدة للانتعاش مرة أخرى في ظل وعود الرئيس المنتخب بتحفيزهم، إذ أجمع عدد من المحللين في قطاع النفط والغاز على أنه من المرجَح أن تعطي إدارة ترامب الأولوية لإلغاء القيود التنظيمية، بهدف تعزيز صناعة النفط والغاز المحلية من خلال إزالة «الأعباء» المفترضة على شركات الوقود الأحفوري والحد من السياسات البيئية الفيدرالية.

وعلى الرغم من مقاومة صناعة النفط والغاز لأجندة بايدن المناخية، كانت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط والغاز في العالم طوال فترة ولاية الرئيس المنتهية ولايته التي استمرت أربع سنوات.

كثيراً ما ردد ترامب في التجمعات الانتخابية جملة «احفر يا عزيزي، احفر»، ووعد بزيادة الإنتاج الأميركي بسرعة وخفض تكلفة البنزين.. في خطابٍ ألقاه في 5 سبتمبر في النادي الاقتصادي في نيويورك، قال ترامب إنه لو كان رئيساً «لكان إنتاج النفط اليوم أعلى بأربع مرات مما هو عليه الآن».

ويقول ديفيد جوربناز، المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، لـ«CNN الاقتصادية»، إنه مع عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض «من المتوقع أن تنفذ إدارته تغييرات كبيرة في سياسات الطاقة، وخاصة في ما يتعلق بصناعة النفط والغاز.. بناءً على ولايته السابقة ومواقفه السياسية الحالية، حيث من المرجح أن يقلل ترامب من الرقابة الفيدرالية على عمليات النفط والغاز من خلال عكس أو تخفيف اللوائح المتعلقة بالمناخ».

وأضاف جوربناز، أنه من المرجح أن يعطي ترامب الأولوية لإعادة فتح تأجير الأراضي الفيدرالية أمام عمليات الاستكشاف والبحث عن النفط والغاز، مع التركيز على تعزيز الإنتاج المحلي، «وهذا عكس ما فعلته إدارة الرئيس الحالي جو بايدن حين حدت من تأجير الأراضي الفيدرالية للنفط والغاز».

وقال المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، إن ترامب يتمتّع بسجلٍ في دعم مشاريع خطوط الأنابيب، مثل خط أنابيب كيستون إكس إل، حيث من المرجّح أن تكون هناك دفعة جديدة لبناء خطوط الأنابيب، جنباً إلى جنب مع عمليات الترخيص المريحة، تحت قيادته، «بالإضافة إلى أنه قد يسعى ترامب إلى تقليل الدعم الحكومي لمشاريع الطاقة المتجددة، وتحويل التركيز بدلاً من ذلك إلى تعزيز إنتاج الوقود الأحفوري، واعتبار مصادر الطاقة المتجددة أقل توافقاً مع رؤيته للهيمنة الأميركية على الطاقة».

وعن السياسات التي سيبقي عليها ترامب، يقول جوربناز، «إذا كانت أي سياسات في عهد بايدن تدعم بشكلٍ غير مباشر استقلال الطاقة -مثل بعض الحوافز الضريبية التي تفيد قطاع الطاقة- فقد يختار ترامب الاحتفاظ بها، في حين يميل تفضيله نحو الوقود الأحفوري، فإن براجماتية ترامب لصالح تعزيز إنتاج الطاقة الأميركية قد تؤدي إلى بعض الاحتفاظ بالسياسات الانتقائية».

وأضاف، «من المتوقع أن تلعب شركات النفط والغاز دوراً بارزاً في إدارة ترامب الثانية، حيث من المرجّح أن يؤدي نهجه الصديق للأعمال إلى تعاون وثيق مع قادة الصناعة لتشكيل سياسات تفضل الاستكشاف والإنتاج والنمو الإجمالي، لقد دعا ترامب باستمرار إلى بيئة تنظيمية تعزز خلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية، ووضع قطاع النفط والغاز في مركز تحقيق هذه الأهداف».

وقال أرن لوهمان راسموسن، كبير المحللين ورئيس قسم الأبحاث في Global Risk Management، لـ«CNN الاقتصادية»، إن مع عودة ترامب لمنصبه، «من المرجح أن يتم رفع حظر الغاز الطبيعي المسال على تراخيص التصدير الجديدة في اليوم الأول حيث يمكن القيام بذلك باستخدام مرسوم رئاسي، كما سيعمل على أشياء تعمل على تحرير القطاع وتسهل التقدم للحصول على تراخيص جديدة والحصول على موافقة على المشاريع الجديدة.. لكن الأمر سيستغرق وقتاً أطول حيث يتعين على معظم هذا المرور عبر الكونغرس».

وأضاف راسموسن، أنه من المرجح أن يتم الاحتفاظ بقانون خفض التضخم، «لكنه قد يحاول التراجع عن بعض الدعم وتحويله نحو قطاع الوقود الأحفوري، حيث يرى ترامب أنه ليس من السهل إقناع شركات الحفر بتكثيف عمليات الحفر، وقد يستمر المستثمرون في تفضيل العائد النقدي المرتفع بدلاً من الاستثمارات الجديدة، لذلك سيحاول دعمهم».

وقال كبير المحللين ورئيس قسم الأبحاث في Global Risk Management، لـ«CNN الاقتصادية»، إنه من المؤكد أن خفض معدل ضريبة الشركات المقترح «سيفيد قطاع النفط لأنه يتمتع بتدفق نقدي حر كبير».

ويرى راجات كابور، مدير شؤون النفط والغاز في شركة سينرجي للاستشار، أنه المتوقع أن يسعى الرئيس المنتخب ترامب إلى اتباع سياسات تتماشى مع وعود حملته لدعم صناعة النفط والغاز المحلية، وبالتالي من المتوقع أن تتبنى الإدارة القادمة وجهة نظر أكثر إيجابية تجاه الصناعة، «حيث جعل ترامب سياسة الطاقة ركيزة من ركائز حملته، وتعهد بخفض البيروقراطية، وزيادة الإنتاج وخفض الأسعار للمستهلكين، فخلال حملته الانتخابية، وعد بإلغاء بعض لوائح التأجير التي تم إنشاؤها في عهد إدارة الرئيس بايدن، والتي اعتبرتها الصناعة مقيدة، وفتح أراضٍ فيدرالية إضافية لاستكشاف النفط والغاز».

وأضاف كابور، أنه مع توقع إزالة هذه القيود.. يأمل قادة الصناعة أن تؤدي هذه القيود إلى زيادة إنتاج النفط المحلي.

أسهم هذا التوقع في انخفاض بنسبة 4.83% في أسعار النفط الخام هذا الأسبوع، ما رفع الأسعار إلى 68.4 دولار للبرميل، كما من المرجح أن تسمح رئاسة ترامب برفع التوقف الحالي على الموافقات على مشاريع تصدير الغاز الطبيعي المسال، في حين أن هذا لا يغيّر التوقعات القصيرة إلى المتوسطة الأجل لسوق الغاز الطبيعي المسال العالمية، إلّا أنه سيساعد على إزالة بعض عدم اليقين الأطول أجلاً حول إمدادات الغاز الطبيعي المسال.