استطاعت منصات خدمات البث الرقمي مثل « نتفليكس»، و« ديزني بلس» وغيرها على مدار سنوات جذب العملاء بأسعارها التنافسية البسيطة، مقابل تقديم خدمة ترفيهية مميزة، تعرض للجميع مجموعة من أشهر الأعمال الدرامية والسينمائية، حتى أصبحت منتجة لبعضها بالفعل.
مع زيادة اشتراك العملاء، ازداد عدد منصات خدمات البث الرقمي وبدأت تتنافس في تقديم المحتوى الترفيهي للجمهور، متسلحة بسعر الباقة الشهري.
لكن خلال الآونة الأخيرة، أعلنت العديد من هذه الخدمات الشهيرة عن رفع أسعارها بشكل ملحوظ، ووفقاً للخبير الاقتصادي تشارلي بيليلو، فإن منصات خدمات البث الرقمية سترفع قيمة الاشتراك بنسبة 25 في المئة خلال العام الحالي مقارنة بالعام الماضي.
وشارك كبير استراتيجيي السوق لدى «كرياتيف بلانينغ» في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع «إكس» -تويتر سابقاً-، رسماً بيانياً يوضح كيفية ارتفاع أسعار الاشتراك مقارنة بالفترة التي انطلقت فيها هذه الخدمات.
على سبيل المثال، عندما أطلق الرئيس التنفيذي لشركة «ديزني» بوب إيغر، خدمة «ديزني بلس» في 2019، قال إنه عمد إلى تحديد سعر الخدمة لتكون أقل بكثير من المنافسين، وذلك بهدف الوصول إلى أكبر عدد ممكن من العملاء، لكن مؤخراً كشف عن رفع الأسعار بشكل كبير.
فخلال تقرير أرباح الشركة ربع السنوي، أعلن إيغر عن رفعه مرة أخرى أسعار «ديزني بلس» للمرة الثانية في أقل من عام، ما يزيد التكلفة الشهرية لخطتها الخالية من الإعلانات من 3 دولارات إلى 13.99 دولار في أكتوبر تشرين الأول.
ومن المقرر أيضاً أن تزيد «هولو» التي تمتلك «ديزني» حصة الأغلبية فيها، التكلفة الشهرية لاشتراكها الخالي من الإعلانات من 3 دولارات إلى 17.99 دولار.
هل يتخلى العملاء عن خدمات البث الرقمي؟
يأتي ذلك في الوقت الذي تكافح فيه البنوك المركزية في العالم موجات التضخم، عن طريق رفع أسعار الفائدة، وعلى الرغم من تباطأ معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة خلال شهر يونيو الماضي إلى 3 في المئة من 4 في المئة خلال مايو أيار، فإن الاحتياطي الفيدرالي سيحتاج على الأرجح إلى رفع أسعار الفائدة بشكلٍ أكبر لخفض معدلات التضخم.
كان بيليلو سلط الضوء على الاقتصاد الأميركي، في يوليو تموز الماضي، محذراً من ارتفاع الديون الحكومية وتراجع مؤشر مديري المشتريات إلى مستويات خطيرة.
وقال في تغريدة «لقد ارتفعت الديون الأميركية القومية بنحو 865 مليار دولار منذ تعليق سقف الدين قبل أربعة أسابيع»، مضيفاً أن «الديون الأميركية تخطت 32 تريليون دولار».
على الرغم من تباطؤ التضخم مؤخراً، فمع ارتفاع أسعار الفائدة، هل يتخلى العملاء عن بعض الرفاهية في مقابل الحفاظ على مستلزمات الحياة الضرورية؟ وبالتالي، كيف ستتأثر خدمات البث الرقمية بهذا الأمر؟
يبدو أن الأمر يتعلق بالمعلنين أيضاً إلى جانب العملاء، إذ قال إيغر للمستثمرين في مكالمة الأرباح الفصلية «إن سوق الإعلانات للبث ينتعش، إنه أكثر صحة من سوق الإعلانات للتيلفزيون العادي، نحن نؤمن بمستقبل الإعلان على منصات البث لدينا، مثل (ديزني بلس) و(هولو)».
وكانت كل من «باراماونت»، و«ديسكفري»، و«نتفليكس» رفعوا الأسعار هذا العام في محاولة لتحقيق الربحية، ومع تزايد تكلفة مكتبات المحتوى الضخمة هذه خلال العام الجاري، سيجد العملاء أن التكلفة النهائية هي نفس التكلفة الفعلية لما أنفقوه سابقاً على «الكابل» مع الكثير من الإعلانات.
الأمر المثير للسخرية وفقاً لتقرير أوليفر دارسي في شبكة «CNN» أنه بعد إنفاق المليارات من الدولارات في بناء منصات بث غير تقليدية، وتدمير نماذج الأعمال التي وفرت استقرار الصناعة لعقود، سيصبح المنتج النهائي مشابهاً إلى حد كبير لما كانت عليه القنوات التليفزيونية القديمة، وهو الأمر الذي كان يسعى العملاء للتحرر منه.