عادت السياحة على قدم وساق هذا الصيف، ولكن عاد مع ذلك السلوك السيئ من قبل السياح، وشهدت الوجهات السياحية الشهيرة ارتفاعاً طفيفاً في الحوادث التي يتورط فيها السياح في السنوات الأخيرة، وقد أظهرت التقارير الرجل الذي قام بتشويه مدرج الكولوسيوم التاريخي في روما، عندما كتب على جدرانه، وتعكس هذه الحادثة أن السلوك العام قد تدهور حتى في الأماكن التي نادراً ما واجهت مشكلات في الماضي.

القبض على سائحين لقيامهما بكتابة شعارات لكرة القدم على معلم إيطالي عمره 460 عاماً

ولكن ماذا وراء هذه الأفعال الشنيعة؟

تعد وسائل التواصل الاجتماعي أحد الأسباب، إذ أسهم «إنستغرام» و«تيك توك» في عثور الأشخاص على «الجواهر الخفية» أي المعالم المميزة التي لا يعلم عنها الكثير، واكتشاف وجهات جديدة لإضافتها إلى قائمة الأماكن المستهدفة للزيارة، لكن إضفاء ذلك الطابع الديمقراطي على السفر كان له عواقب أخرى.

نظراً لأن الناس يرون الآن متابعيهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلف شاشات المحمول وهم يتنقلون لأماكن جديدة ومختلفة، في حين هم يقبعون داخل بيئتهم المنزلية، فإنهم بذلك يفترضون (بوعي أو بغير وعي) أن السلوك الذي يقومون به عادةً في المنزل مقبول أيضاً في الوجهة السياحية تلك.

تم القبض على المزيد من السياح وهم يشوهون الكولوسيوم القديم في روما

عندما ننظر إلى سلوكيات الآخرين لتوجيه أفعالنا فإن ذلك يُعرف بـ«الدليل الاجتماعي»، ومن المرجح أن يتصرف الناس بطريقة تمتعهم بشكل أكبر أثناء قضاء العطلة، لذلك يتطلع المسافرون أيضاً إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على دليل على كيفية تصرف الآخرين، ولكن إذا تصرف أقرانهم القابعون في المنزل بعشوائية أثناء إجازتهم، فقد يتسبب ذلك في تأثير «الدومينو» للسلوك السيئ.

أظهر فيديو سائحاً يتسلق إلى نافورة تريفي في روما لملء زجاجة ماء

ومن بين مواقف وعادات السفر السيئة التي ظهرت نتيجة للسياحة التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي، سلوك «عدم التعاطف» على سبيل المثال، والذي يفسر كيف من المرجح ألا يتعاطف متابعو وسائل التواصل مع الضحايا المحليين المتأثرين بسوء سلوك السائحين نظراً لعدم معرفتهم لأولئك الضحايا، ولسبب أن السائحين غالباً ما يقيمون في فنادق ومنتجعات بعيدة عن المجتمعات المحلية، ويعتقدون (خطأً) أن السفر إلى مكان بعيد عن المنزل يمثل فرصة للسلوك السيئ الخالي من العواقب، وبالتالي فإنهم يتجاهلون أو يقللون من تأثير العواقب التي يمكن أن تحدثها أفعالهم السيئة على السكان المحليين أو اقتصاد تلك البلدة السياحية.

تأثير «إنستغرام»

يتدفق الزوار إلى إيطاليا لمشاهدة عجائبها مثل معرض أوفيزي في فلورنسا، ولكن الجانب السلبي هو ارتفاع السلوك المعادي للمجتمع من قبل السياح

عندما يسافر الناس إلى مكان جميل، يكون هناك إغراء كبير لنشر الصور ومقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هذا يخلق حلقة مفرغة من المزيد من سفر الأشخاص الذين يريدون الانغماس في متعتهم بغض النظر عن عواقب أفعالهم.

يمكن أن تمثل القدرة على السفر إلى الأماكن نفسها التي شهدتها المجموعة الاجتماعية نفسها أو الأصدقاء عبر منصات التواصل ونشر هذا المحتوى الشبيه، شكلاً من أشكال الوجاهة الاجتماعية، ولكن هذا يعني أنه في بعض الحالات، سيبذل المسافرون المزيد من الطاقة لإنشاء المحتوى أكثر من استكشاف الأماكن السياحية أو احترام العادات المحلية.

إرشادات جديدة

رداً على سوء سلوك السائحين، قدمت بالي إرشادات جديدة للزوار في يونيو حزيران 2023، وتشمل هذه المبادئ التوجيهية قواعد حول السلوك السليم في المعابد المقدسة، وفي جميع أنحاء الجزيرة ومع السكان المحليين، واحترام البيئة الطبيعية، ويحتاج السائحون الآن إلى ترخيص لتأجير الدراجات النارية، ولا يجوز لهم أن يطؤوا أي جبل أو بركان في بالي بسبب طبيعتهم المقدسة، يجب على المسافرين الإقامة فقط في الفنادق والفيلات المسجلة، وشكلت بالي «فرقة عمل سياحية» لفرض القيود من خلال المداهمات والتحقيقات إذا لزم الأمر.

شروق الشمس فوق جبل أجونج المقدس في بالي في 18 مايو آيار2023

أحد المبادئ التوجيهية الجديدة هو عدم التصرف بعدوانية أو استخدام كلمات قاسية تجاه السكان المحليين أو المسؤولين الحكوميين أو غيرهم من السياح أثناء وجودهم في بالي، أو عبر الإنترنت بشكل خاص.

وقد اتخذت وجهات أخرى خطوات مماثلة، تبنت أيسلندا وهاواي وبالاو ونيوزيلندا وكوستاريكا وغيرها تعهدات للزوار بالالتزام بالقوانين والعادات المحلية.

وانتشرت الحملات الدعائية في سويسرا، والنمسا، وهولندا على سبيل المثال، التي تستهدف جذب السياح الملتزمين بالأدب والمبادئ العامة، وعندما لم تنجح هذه الجهود في بعض الأحيان، فقد اتخذت بعض الأماكن، مثل خليج مايا الشهير في تايلاند، خطوة أعنف وأُغلقت بالكامل أمام السياح، «على الأقل مؤقتاً».

يحتاج السائحون الآن إلى ترخيص لتأجير الدراجات النارية في بالي

سافر باحترام

تذكر أنك ضيف على المجتمعات المقيمة عندما تسافر، فيما يلي بعض الطرق التي يجب اتباعها.

قم بالبحث الجيد الخاص بك

حتى لو كنت مسافراً متمرساً، فقد لا تدرك تأثير أفعالك على المجتمعات المحلية، لكن بعض المعلومات –من بحثك الخاص أو الإرشادات المقدمة من الحكومات المحلية– قد تكون كافية لمساعدتك على التصرف بشكل أكثر ملاءمة، قبل أن تذهب ابحث عن الإرشادات أو المعلومات الأساسية حول المعايير الثقافية أو معايير السلامة المحلية.

سواء كنت توافق على الزي المحلي أم لا، فهذا غير ذي صلة، إذا كان المكان أكثر تحفظاً مما اعتدت عليه، فيجب أن تضع في اعتبارك ذلك، على عكس بعض المؤثرين الذين تم القبض عليهم بسبب سلوكهم غير اللائق في معبد في بالي.

تخلَّ عن هاتفك

تُظهر الأبحاث أنه عند السفر، يمكن أن يشعر الأشخاص بالغربة عن محيطهم إذا كانوا يركزون على هواتفهم المحمولة أكثر من التركيز على الوجهة نفسها.

غالباً ما تكون تجارب السفر التي لا تنسى هي عندما تتعرف على أشخاص جدد، أو تعلم شيئاً جديداً لم تجربه من قبل، ولكن يصعب تحقيق ذلك إذا كنت تنظر باستمرار في هاتفك.

كن مؤثراً

في منشورات «Instagram v Reality» الشهيرة، يكشف المؤثرون عن الحشود الضخمة وطوابير الانتظار خلف المواقع الأكثر قابلية للنشر على «إنستغرام»، إن عرض حقيقة الظروف غير الجذابة وراء تلك اللقطات المميزة يمكن أن يؤثر على متابعيك على وسائل التواصل الاجتماعي لإعادة التفكير في دوافع سفرهم الشخصية، هل يذهبون إلى مكان ما للحصول على الصورة المثالية أم للتمتع؟

إن وجود المزيد من الأدلة على هذه الظروف المؤرقة عبر الإنترنت يمكن أن يؤدي إلى تحول مجتمعي أكبر بعيداً عن السياحة المدفوعة بالركض وراء السياحة المبنية على وهم المحتوى الشيق على وسائل التواصل الاجتماعي.