سوق الذهب في مصر بين جني الأرباح وتأجيلها

«نحن التجار نتبادل مبيعات الذهب فيما بيننا، ولكن العملاء لا يقومون بالشراء فكل عملياتهم تتسم بالبيع فقط من مبدأ جني الأرباح» بهذه الجملة لخّص رئيس شركة سليم غولد، عادل سيلم مشهد تجارة المعدن الثمين في مصر في الوقت الحالي.

وأضاف سليم في لقاء مع CNN الاقتصادية أن «أغلب من يقومون بالبيع في الوقت الحالي هم من اشتروا غرام الذهب بنحو 3000 جنيه ويبيعونه اليوم بـ4200 جنيه»، يتحدث سليم عن سعر الذهب عيار 21 فقد جرت العادة بتسعير الذهب في مصر على أساس هذا العيار وليس عيار 24 الذي يتسم بنسبة نقاء 999 في الألف، ويستخدم عيار 21 بشكل أساسي في صناعة المشغولات الذهبية بفضل سهولة تشكيله، ووصل سعر الذهب عيار 24 في مصر إلى نحو 4855 جنيهاً نحو 96 دولاراً أميركياً.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

حققت مبيعات الذهب في مصر نمواً كبيراً منذ ربيع عام 2022 ويربطه سليم بحرب أوكرانيا وبعمليات التعويم الكبيرة التي شهدها الجنيه أمام العملات والتي كان أولها في التوقيت نفسه، وشهد الجنيه أربع عمليات تخفيض لقيمته بين مارس آذار 2022 ومارس آذار 2024، و«من هنا ظهر عملاء جدد لم يهتموا من قبل بشراء الذهب» بحسب سليم.

اضطراب العملة المحلية في مصر دفع الكثير ممن يملكون المال للتحوط بالذهب وهي حال سميرة التي اشترت قبل عامٍ ونصف العام جنيهات ذهبية بكل مدخرات عائلتها بغرض التحوط، وجاءت اليوم إلى متاجر الصاغة بشارع المعز لبيعها وإعادة تسييل أموالها.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

ويتفق مستشار شعبة الذهب والرئيس الأسبق لها، واصف أمين، مع سليم بشكل جزئي، إذ إن مَن يبيعون المعدن الثمين الآن يقومون بجني الأرباح، ولكنه أكد في لقائه مع CNN الاقتصادية أن «أغلب حائزي الذهب لا يزالون يحتفظون به وهم يدركون جيداً أن الأسعار ستزيد، فكل غرام من الذهب حقق أرباحاً بين 13 و14 في المئة منذ بداية العام الحالي الذي لم ينقضِ منه سوى أقل من ثلاثة أشهر»، وعبارة أمين تنم عن إمكانية ارتفاع سعر الذهب بشكل أكبر.

دفع ارتفاع أسعار الذهب الصاغة بحسب أمين إلى تصنيع محابس الزواج بغرامين فقط من الذهب بدلاً من أربعة في الماضي، قائلاً إن «من يشترون المصوغات الذهبية لا يأتون إلينا إلا عندما يتوفر لديهم فائض إنفاق، وهو أمرٌ صعب في ظل الأزمة الاقتصادية، ونحن لا نبيع سلعة أساسية».

وعلى شاشات أسواق الذهب العالمية تحقق الأونصة مكاسب جديدة، ووصل سعر كل أوقية من المعدن الأصفر وقت كتابة التقرير إلى 3037 دولاراً أميركياً وهو أعلى سعر وصل إليه سعر الأونصة على الإطلاق، فكل 31.1 من المعدن الثمين ربحت منذ صباح الثلاثاء 18 مارس آذار 2025 نحو 38 دولاراً.

ويرى المراقبون أن حالة الترقب التي يعيشها العالم والخوف من احتدام حرب تجارية تسبب حالة من انعدام اليقين الذي تسببه تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

لا يعرف أحد أين ستتوقف أسعار الذهب وهل ستنزل من جديد إلى المستويات التي ارتضاها المستثمرون، لا يستبعد المتفائلون أن يصل سعر الأونصة إلى 4000 دولار في نهاية ولاية الرئيس ترامب، أما المتشائمون فلا يفضلون الإفصاح عن الرقم الذي ستقف عنده الأسعار.

وبحسب التقرير السنوي للمجلس العالمي للذهب بلغت مشتريات المصريين من الذهب 50.1 طن في عام 2024 وهو ما يشير إلى تراجع يناهز 12 في المئة مقارنة بالعام السابق، بينما شهد الربع الرابع من عام 2024 ارتفاعاً في مبيعات السبائك والعملات التي وصلت إلى نحو 12.1 طن مقابل 10.4 طن في الربع السابق له، وأغلب هؤلاء المستثمرين هم من يجنون الأرباح الآن أو مَن يحافظون عليه طمعاً في مكاسب أكبر.

ويفسر التقرير التراجع في مبيعات الذهب في مصر بانحسار رغبة مَن يمتلكون المال في مصر في التحوط بعد التعويم الأخير للجنيه المصري في نهاية الربع الأول من العام، بعد تبني سعر صرف حر من البنك المركزي المصري، ما أدى إلى اختفاء السوق الموازية للدولار الأميركي واعتماد سعر صرف واحد رسمي.