الدرس المستفاد من الاحتياطي الفيدرالي.. البيانات الدقيقة خيرٌ من التوقعات المتشائمة

واجهة الاحتياطي الفيدرالي، الولايات المتحدة الأميركية. shutterstock
واجهة الاحتياطي الفيدرالي، الولايات المتحدة الأميركية
واجهة الاحتياطي الفيدرالي، الولايات المتحدة الأميركية. shutterstock

أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، أمس الأربعاء، أسعار الفائدة دون تغيير، في الوقت الذي يُقيِّم فيه مسؤولو البنك المركزي تأثير الأجندة الاقتصادية الجريئة للرئيس دونالد ترامب.

يُظهر قرار الأمس، الذي جاء في ختام اجتماع السياسة النقدية الذي استمر يومين، أن مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي ما زال ينتظر أدلة على أن التضخم يتجه نحو الهدف المعلن للبنك (2 في المئة)، أو أن الاقتصاد يضعف بسرعة أكثر من المتوقع.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

هاتان النتيجتان هما اللتان ستُعيدان النظر في خفض أسعار الفائدة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

لا يزال المسؤولون يتوقعون خفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام، وفقاً لأحدث توقعاتهم الاقتصادية الصادرة أمس الأربعاء، على الرغم من أن ثمانية مسؤولين يتوقعون خفضاً واحداً أو عدم خفضها على الإطلاق هذا العام، مقارنة بأربعة مسؤولين فقط توقعوا ذلك في ديسمبر.

أقرّ رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في مؤتمره الصحفي الذي أعقب الاجتماع، بارتفاع مستوى عدم اليقين بين المستهلكين والشركات الأميركية، وقال إن الكثير منه ناجم عن «الاضطرابات» التي صنعتها إدارة ترامب.

وأضاف باول أنه «لا يزال من غير الواضح كيف ستؤثّر هذه التطورات في الإنفاق والاستثمار في المستقبل»، وتشمل هذه التطورات والاضطرابات التعريفات الجمركية الباهظة، والترحيل الجماعي للمهاجرين، وتقليص حجم القوى العاملة في الحكومة الفيدرالية.

ولا يزال سعر الفائدة الرئيسي لدى الاحتياطي الفيدرالي يتراوح بين 4.25 في المئة و4.5 في المئة، بعد ثاني تثبيت لأسعار الفائدة على التوالي يقوم به الاحتياطي الفيدرالي.

يتوقع صانعو السياسات في الاحتياطي الفيدرالي أن يكون الاقتصاد أضعف هذا العام مما كان يُعتقد سابقاً، كما يتوقعون ارتفاع أكبر في التضخم.

مع سعي إدارة ترامب إلى سنّ تغييرات هيكلية، يرى مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أن الاقتصاد الأميركي يتجه نحو «الركود التضخمي»، وهو مزيج مُقلق من النمو البطيء أو الانكماش مع تسارع التضخم، وهو ما حدث آخر مرة في سبعينيات القرن الماضي.

صوّت جميع مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الاثني عشر ذوي السلطة التصويتية لصالح قرار الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة.

تحدي مؤجل

لا تزال سياسات ترامب تُمثّل تحدياً كبيراً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي نظراً لتأثيراتها المحتملة واسعة النطاق في الاقتصاد، وقال باول إن الوضع ينطوي على الكثير من العوامل المجهولة.

تُهدد رسوم ترامب الجمركية بارتفاع التضخم وضعف النمو، كما أن حملة إدارته الصارمة على الهجرة قد تُسبب نقصاً في العمالة في بعض القطاعات، وقد تُؤدي عمليات التسريح الجماعي التي يُجريها لموظفي الحكومة الفيدرالية إلى ركود اقتصادي في بعض الاقتصادات المحلية، إلّا أن جهوده في مجال تحرير الاقتصاد وتمديد تخفيضاته الضريبية لعام 2017 قد تُعزز النمو.

بالنظر إلى كل ذلك، ليس من الواضح ما هو «الأثر الصافي» لسياسات ترامب في الاقتصاد الأميركي، من حيث النمو والتضخم وسوق العمل.

قال باول إن رسوم ترامب الجمركية كانت عاملاً مساهماً في توقعات المسؤولين بارتفاع التضخم لهذا العام، لكنه أشار إلى أنه من الصعب تحديد مقدار ارتفاع التضخم المتوقع هذا العام نتيجة حرب ترامب التجارية.

وأكد ترامب مساء الأربعاء أن المزيد من الرسوم الجمركية قادمة بالفعل، وأنه يُريد أن يرى أسعار الفائدة تنخفض على أي حال.

كتب ترامب على موقع (تروث سوشيال) المملوك له: «سيكون من الأفضل بكثير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة مع بدء تطبيق التعريفات الجمركية الأميركية»، واصفاً يوم 2 أبريل، موعد سريان التعريفات الجمركية (المتبادلة) على كل الاقتصادات التي تفرض تعريفات جمركية على الولايات المتحدة بأنه «يوم تحرير أميركا».

في وقتٍ سابق من هذا الشهر، صرّح باول بأن المسؤولين سيسترشدون بما تُظهره الإحصاءات الاقتصادية في نهاية المطاف، بدلاً من الاعتماد على التوقعات.

والبيانات تُظهر اعتدالاً

تراجع أداء المستهلكين الأميركيين منذ بداية 2025، إلّا أن سوق العمل الأميركي لا يزال نقطة قوية أساسية.

في فبراير بلغ معدل البطالة 4.1 في المئة، حيث أضاف أصحاب العمل 151 ألف وظيفة جديدة، كما أن الطلبات الجديدة للحصول على إعانات البطالة لا تزال منخفضة مقارنةً بالبيانات التاريخية.

وقال باول إن احتمالات حدوث ركود «لم ترتفع إلى مستويات مثيرة للقلق بعد، نعم ارتفعت، لكنها ليست عالية بعد».

بيانات دقيقة وغير دقيقة

صرّح باول بأن ما يُسمّى «البيانات الدقيقة» التي ترصد النشاط الاقتصادي الفعلي لا تزال قوية، لكن أجندة ترامب قد ظهرت آثارها بوضوح في مختلف استطلاعات الرأي، أو ما يُعرف بـ«البيانات غير الدقيقة».

وقال «لم تكن العلاقة بين بيانات الاستطلاع والنشاط الاقتصادي وثيقة للغاية، هناك أوقات يُبدي فيها الناس تشاؤماً شديداً بشأن الاقتصاد، ثم يُقبلون على شراء سيارة جديدة».

في عام 2018، خلال الحرب التجارية الأولى لترامب، كان ارتفاع توقعات التضخم عاملاً رئيسياً أشار إليه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، وأجبرهم على النظر في رفع أسعار الفائدة.

ولكن باول يرى في الوقت الحالي أن توقعات التضخم طويلة الأجل «مستقرة»، رغم أن استطلاع رأي المستهلكين الذي نظّمته جامعة ميشيغان لشهر مارس أظهر أن توقعات الأميركيين لمعدل التضخم خلال المدى الطويل (من 5 إلى 10 سنوات) سجلت «أكبر زيادة شهرية منذ عام 1993».