«جي بي مورغان» في مفترق طرق.. استمرار ديمون وخطط الذكاء الاصطناعي وسط تحديات عالمية

الرئيس التنفيذي لـ«جي بي مورغان تشيس»، جيمي ديمون (شترستوك)
الرئيس التنفيذي لـ«جي بي مورغان تشيس»، جيمي ديمون
الرئيس التنفيذي لـ«جي بي مورغان تشيس»، جيمي ديمون (شترستوك)

في وقت يترقبه وول ستريت والعالم المالي منذ سنوات، جدد الرئيس التنفيذي لـ«جي بي مورغان تشيس»، جيمي ديمون، التأكيد على أن خطط خلافته في قيادة أكبر بنك أميركي لا تزال قائمة دون تعديل، لكنه لم يحدد موعداً واضحاً للتنحي، رغم بلوغه تسعة وستين عاماً وتولّيه المنصب منذ ما يزيد على 19 عاماً، نقلاً عن رويترز. 

ورغم إشارات سابقة العام الماضي، إلى أن الفترة المتبقية له لم تعد «خمس سنوات»، فإن ديمون اكتفى هذه المرة بتأكيد الاستمرارية في الخطة، ما يفتح المجال أمام منافسة رباعية على المنصب تشمل تروي روبو، دوغ بيتنو، ماري إيردوس، وماريان ليك، وكلهم من الوجوه القيادية البارزة داخل البنك.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

عوائد الفوائد ترتفع... والرسوم تهبط

مالياً، توقع المدير المالي للبنك، جيريمي بارنوم، أن يرتفع صافي دخل الفوائد هذا العام بمقدار مليار دولار إضافي، متجاوزاً توقعات سابقة، ليصل ربما إلى 94.5 مليار دولار، ويُعد هذا المؤشر أساسياً لقياس أداء البنوك، كونه الفارق بين ما تجنيه من الفوائد على القروض وما تدفعه على الودائع.

لكن بارنوم حذّر من أن هذه المستويات العالية قد لا تستمر، في ظل ضبابية تحيط بمستقبل السياسة الاقتصادية في أميركا، نتيجة تصاعد التوترات الجيوسياسية، وعودة الخطاب الحمائي مع فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعريفات جمركية جديدة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وقال بارنوم في عرضه السنوي للمستثمرين إن «مزيج التضخم والعجز المالي الكبير قد يُقيد صانعي السياسات، ويزيد من المخاطر الاقتصادية».

تراجع متوقع في الاستثمار المصرفي

انعكست الشكوك الاقتصادية بشكل مباشر على أنشطة الدمج والاستحواذ، إذ كشف البنك عن توقعه انخفاض رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية في الربع الثاني بنسبة «في منتصف خانة العشرات» مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.

وبالمقابل، يُتوقع نمو إيرادات التداول بنسبة «في منتصف إلى أعلى خانة الآحاد»، وفقاً لتروي روبو، الرئيس المشارك لوحدة الخدمات التجارية والاستثمارية.

ورغم أن الأسواق تشهد حالياً تراجعاً في معدلات التقلّب، فإن روبو أكد أن «الضبابية لا تزال حاضرة بقوة».

الذكاء الاصطناعي.. فرص وكفاءات لكن على حساب الوظائف

تبلغ بميزانية تقنية 18 مليار دولار لعام 2025، يعوّل «جي بي مورغان» على الذكاء الاصطناعي لدفع الكفاءة التشغيلية، وأشارت ماريان ليك، الرئيسة التنفيذية لوحدة الخدمات المصرفية للأفراد والمجتمع، إلى أن الفريق التشغيلي في هذه الوحدة يقود استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، ما قد يؤدي إلى خفض عدد الموظفين بنسبة 10 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة.

التحول نحو التكنولوجيا ليس مجرد رفاهية، بل استراتيجية للبقاء والتوسع وسط تصاعد الضغوط على تكاليف التشغيل، كما أبدى البنك انفتاحاً على فرص «النمو غير العضوي»، أي عبر الاستحواذات، لكنه أكد أنه سيكون حذراً، خاصة بعد شرائه أصول بنك «فيرست ريبابليك» المنهار العام الماضي.

في قطاع الأفراد، يطمح البنك لزيادة حصته من ودائع المستهلكين إلى 15 في المئة من السوق الأميركي، مقارنة بـ11.3 في المئة حالياً، كما يسعى لرفع مساهمته في إنفاق الأميركيين عبر بطاقاته الائتمانية إلى 20 في المئة مقابل 17.3 في المئة حالياً.

ورغم تفاؤل البنك بصلابة أوضاع المستهلكين والشركات حتى الآن، أشار إلى أن معدل الشطب الصافي للديون المتعثرة على بطاقات الائتمان قد يرتفع إلى ما بين 3.6 في المئة و3.9 في المئة في عام 2026، مقابل 3.6 في المئة متوقعة لعام 2025.

تأتي تصريحات «جي بي مورغان» في توقيت بالغ الحساسية، إذ تعود شبح الركود إلى السطح مع تصاعد الإجراءات الحمائية واحتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض. كما أن الترقب لخلافة ديمون بات عاملاً مؤثراً في ثقة المستثمرين بمستقبل البنك.

وفي ظل هذه التحديات، تبدو رؤية البنك واضحة وهي التحوط المالي، الاستثمار الذكي في التكنولوجيا، وتوسيع الحصة السوقية للأفراد، مع إدارة حذرة للعمليات المصرفية الاستثمارية.

الرسالة واضحة من ديمون وفريقه، المرونة والاستعداد لكل السيناريوهات. فالبنك، رغم العوائد القوية، يدرك أن التحولات الجيوسياسية والاقتصادية قد تتطلب قرارات سريعة وجريئة، ومع تحركه بثقة نحو الذكاء الاصطناعي وتوسيع قاعدة الأفراد، فإنه يراهن على المستقبل، لكنه لا يغفل عن المخاطر، ولا عن اللحظة التي سيُسلِّم فيها القيادة.