رغم أن صوت المدافع عاد ليعلو من جديد مع الحرب في أوكرانيا وسباق التسلح المتصاعد، ورغم عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المشهد، فإن الأسواق المالية لم تتراجع عن التزامها بالتمويل الأخضر والسبب؟ السندات الخضراء لم تعد موضة مؤقتة بل تحوّلت إلى مسار عالمي لا رجعة فيه، مدفوعاً بالسياسات والمستثمرين وحتى الشركات، نقلاً عن تقرير بنك بي أن بي باريبا. منذ توقيع اتفاق باريس عام 2015، نمت سوق السندات الخضراء بوتيرة مذهلة لتصل إلى نحو 2.9 تريليون دولار بحلول عام 2025، أي ما يعادل نحو 2.5 في المئة فقط من إجمالي السندات العالمية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
ورغم ضآلة الحصة، فإن السوق قد تضاعفت بأكثر من خمس مرات خلال خمس سنوات فقط، بقيادة منطقة اليورو، ثم الولايات المتحدة والصين.
لكن، هل ما زال هذا الزخم مستمراً؟ بحسب محللين في بنك بي أن بي باريبا ودراسات صادرة عن بنك التسويات الدولية، هناك ثلاثة أسباب قوية تدفع إلى التفاؤل..
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
1. التحول المستدام أصبح أساسياً
لم تعد الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) ترفاً تنظيمياً بل أصبحت ضمن «الروتين المالي» اليومي لكبرى الشركات العالمية. بات المستثمرون يفضّلون المنتجات المتوافقة مع معايير الاتحاد الأوروبي للسندات الخضراء التي توفّر شفافية وتنظيماً أقوى، ما يعزّز ثقتهم في السوق، كما أظهرت دراسة لبنك التسويات أن هناك علاقة قوية إحصائياً بين التنظيمات (مثل التصنيفات الخضراء) ونمو الاستثمارات المستدامة.
2. أداة فعّالة في تقليص الانبعاثات
ورغم التحذيرات من الغسل الأخضر، فإن البيانات الواقعية تشير إلى أثر ملموس، فقد سجّلت الشركات التي اعتمدت على السندات الخضراء انخفاضاً متوسطه 21 في المئة في انبعاثاتها من غازات الدفيئة خلال عام واحد، خصوصاً في القطاعات ذات الاستهلاك الكثيف للطاقة، بحسب تحليل شمل 736 شركة على مدى 10 سنوات.
3. الحكومات تحقق مكاسب مالية
تتجه وكالات التصنيف الائتماني اليوم إلى احتساب التقدم في تقليل الانبعاثات ضمن تقييمات الجدارة الائتمانية للدول. بمعنى آخر، الدول التي تلتزم بتحول منظم نحو الاقتصاد الأخضر تحصل على تقييمات أفضل، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل تصاعد الضغوط على الموازنات العامة.
باختصار، حتى في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية، تواصل السندات الخضراء إثبات نفسها كأداة مالية ذات فائدة بيئية واقتصادية مزدوجة، ومن المرجّح أن تعزّز دورها أكثر مع تزايد الضغوط العالمية للانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون.