لمعان الذهب يحفّز التعدين غير القانوني بالعالم

لمعان الذهب يحفّز التعدين غير القانوني بالعالم (صورة أرشيفية)
 لمعان الذهب يحفّز التعدين غير القانوني بالعالم
لمعان الذهب يحفّز التعدين غير القانوني بالعالم (صورة أرشيفية)


جعلت التغيرات الاقتصادية والجيوسياسية المستثمرين يقبلون على الذهب للتحوط من المخاطر وعدم اليقين، ما دفع المعدن الأصفر لتحقيق أداء استثنائي منذ بداية هذا العام، مواصلاً مساره الصاعد الذي سلكه مع اندلاع الأزمة الصحية العالمية عام 2020، فيما لا تزال التوقعات تشير إلى استمرار الطلب المرتفع من قِبل المستثمرين والمؤسسات، بما في ذلك البنوك المركزية العالمية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وكشف مجلس الذهب العالمي مؤخراً أن البنوك المركزية العالمية لا تزال تحمل توقعات إيجابية تجاه المعدن النفيس، وتعمل على زيادة احتياطيات من الذهب خلال الـ12 شهراً القادمة، نظراً للخصائص الفريدة للمعدن الأصفر ودوره كأصل استراتيجي في أوقات الأزمات، وقدرته على العمل كمخزن للقيمة، بالإضافة إلى تنويع الاحتياطات.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

الطلب يفوق الإنتاج

وخلال العام الماضي، بلغ الطلب على الذهب مستوى قياسياً، إذ بيع نحو 4,974 طناً أو أعلى قيمة سنوية على الإطلاق عند 382 مليار دولار، وفق مجلس الذهب العالمي الذي أشار في تقرير اطلعت عليه «CNN الاقتصادية»، أن البنوك المركزية وحدها اشترت 1000 طن للعام الثالث على التوالي.

أما على صعيد أحدث البيانات، فقد سجّل الطلب على الذهب في الربع الأول من 2025، أعلى مستوى للربع الأول منذ عام 2016، عند 1206 أطنان، وذلك مع ارتفاع طفيف بإنتاج المناجم إلى 855.7 طن في الثلاثة أشهر الأولى من العام مقارنة بـ853 طناً في الفترة نفسها من العام الماضي.

وبالكاد يقترب إنتاج المناجم حول العالم سنوياً من معدلات الطلب على الذهب، فوفق البيانات بلغ الإنتاج عام 2024 نحو 3661 طناً، بارتفاع طفيف من مستوى 3644 طناً في العام السابق عليه.

تصاعد التعدين غير القانوني

وفي ظل الارتفاعات القياسية لأسعار المعدن الأصفر واستمرار ارتفاع الطلب، كشف تقرير حديث من «S&P Global Commodity Insights» حصلت «CNN الاقتصادية» على نسخة منه، أن ذلك حفّز التعدين غير القانوني عن الذهب في العالم، ما قد يؤدي إلى تأجيج الصراعات الاجتماعية، وتدهور البيئة، والإضرار بالمناجم القانونية.

وبحسب التقرير، فإن عمليات التعدين غير القانونية تمثّل حالياً نحو 20% من إنتاج الذهب العالمي، ارتفاعاً من نحو 4% في تسعينيات القرن الماضي، عندما كان سعر الذهب أقرب إلى 250 دولاراً للأونصة.

ووفق حسابات «CNN الاقتصادية» التي تستند إلى بيانات مجلس الذهب العالمي، فإن أسعار الذهب ارتفعت بنسبة تزيد على 170% خلال الـ10 أعوام الماضية، فيما بدأ تسارع الأسعار منذ جائحة كوفيد-19، لترتفع منذ أواخر 2019 حتى اليوم بنسبة 127%، فيما استحوذ النصف الأول من 2025 على 30% من الزيادة ليصل سعر الأونصة حتى منتصف تعاملات اليوم الثلاثاء إلى 3345 دولاراً، وهي بالقرب من أعلى مستوى سُجل هذا العام فوق 3500 دولار.

ويؤكد تقرير «S&P Global» أن التعدين غير القانوني جذب عصابات إجرامية منظمة سعت إلى تنويع مصادر دخلها بالاعتماد على الذهب الذي يسهل صهره وتهريبه وأيضاً يصعب تتبعه.

ونقل التقرير عن كبير مسؤولي الاستراتيجية لدى مجلس الذهب العالمي، تيري هايمان، قوله إن الكثيرين يتركون صناعات أخرى للاستفادة من فرص التعدين غير القانوني، على سبيل المثال ما حدث في غانا، حيث تخلى الناس عن زراعة الكاكاو واتجهوا إلى التعدين الحرفي.

ودمّرت طفرة التعدين غير القانوني للذهب إلى جانب الجفاف الذي أثّر في المحاصيل، إنتاج الكاكاو في غانا التي تصنف كثاني أكبر منتج لحبوب الكاكاو في العالم، حيث انخفض الإنتاج بنسبة 20% خلال العام الماضي ليصل إلى 580 ألف طن فقط.

تمويل النزاعات والجريمة

ويُمارس التعدين خارج الأطر القانونية التقليدية، في نحو 80 دولة، لكنه يتركز بشكل خاص في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، حسب ما جاء في تقرير «S&P Global»، الذي يشير إلى أن هذا النشاط يغذّي المرتزقة والحروب في إفريقيا، ويدعم الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات في أميركا الجنوبية.

وكشف تقرير «الصمت من ذهب» الصادر عن مجلس الذهب العالمي، نوفمبر الماضي، أن اكتشاف الذهب في المناطق النائية في إفريقيا، يؤدي إلى التنافس والاقتتال بين مجموعات صغيرة من عمال المناجم الحرفيين، مشيراً إلى ما حدث في البيرو عام 2022، حينما قُتل 14 شخصاً خلال مواجهة مسلحة بين عمال مناجم الذهب.

وتُعد البيرو أكبر منتج للذهب في أميركا اللاتينية بنحو 137 طناً عام 2024، لكن يأتي أكثر من 28% من إمداداتها من تعدين الذهب الحرفي وغير القانوني.

وفي كولومبيا يمثّل التعدين غير القانوني الوسيلة الأسهل والأكثر ربحية لغسل أموال تهريب المخدرات، كما تقدر الحكومة الكولومبية أن تنظيم «فارك» الشيوعي المسلح يحصل على 20% من تمويله عبر تعدين الذهب غير القانوني، وأن إحدى جبهاته المسلحة تكسب أكثر من مليون دولار شهرياً من خلال ابتزاز عمال المناجم غير الشرعيين، وفق تقرير مجلس الذهب العالمي.

أمّا تقرير «S&P Global»، فأوضح أن المناجم غير القانونية «تتوغل بشكل أعمق» في الأمازون، لتصبح من بين أحد الأسباب الرئيسية في إزالة الغابات هناك إلى جانب شبكات الطرق والزراعة مع توقعات بطفرة تعدين في السنوات المقبلة في ظل استمرار ارتفاع أسعار الذهب بشكل حاد.

وتؤكد منظمات ومؤسسات فاعلة في العمل البيئي، من بينها منظمة السلام الأخضر، أن التعدين غير القانوني للذهب في البرازيل أدى إلى تدمير 4219 هكتاراً من الغابات المطيرة بالأمازون خلال العامين الماضيين، وهي مساحة تعادل ما يزيد على 5900 ملعب كرة قدم.