هل يشعل الدين الاستثماري ثورة الشركات الناشئة في الخليج؟

الصورة بإذن من شركة Stride Ventures
هل يشعل الدين الاستثماري ثورة الشركات الناشئة في الخليج؟
الصورة بإذن من شركة Stride Ventures

في الوقت الذي تتغير فيه ملامح تمويل الشركات الناشئة في الخليج، يكتسب الدين الاستثماري زخماً جديداً خاصة في منطقة الخليج وتحديداً بصيغته المتوافقة مع الشريعة.

ويعتبر الدين الاستثماري أداة استراتيجية تدعم الابتكار دون أن تنتزع من المؤسسين ملكيتهم والذي أصبح اليوم أكثر من مجرد خيار بديل للتمويل وتحول إلى محرك نمو قابل للقياس.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وأفاد إيشبريت غاندي، المؤسس والشريك الإداري Stride Ventures لـCNN الاقتصادية، شهدت سوق الدين والنمو الاستثماري في دول الخليج معدل نمو سنوي مركب بلغ 54% بين عامي 2018 و2024، وهو ما يفوق بكثير المتوسط العالمي البالغ 14% وفقاً لتقرير “الدين الاستثماري العالمي 2025”

وكانت Stride Ventures الشركة المتخصصة في التمويل بالدين الاستثماري خلال الأسبوع الأول من يوليو أطلقت صندوقها الخامس والأول في سوق أبوظبي العالمي (ADGM Fund V)، كما وضعت الشركة خطة ثلاثية لمضاعفة أصولها المُدارة في الخليج إلى 500 مليون دولار بحلول 2026.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

ويهدف الصندوق إلى توفير تمويل متوافق مع الشريعة الإسلامية، غير مُخفف، ومرن للشركات الناشئة عالية النمو في المنطقة معززاً بنضج البنية المالية والتنظيمية في الخليج، فـ"ADGM يُوفّر بيئة قانونية عالمية تُسهل الابتكار والتوسع العابر للحدود، وتُمكّن Stride من تقديم حلول مُخصصة للمنطقة، بما يُؤكد التزامها طويل الأمد بدعم اقتصاد الابتكار الخليجي، وتعد هذه الخطوة نقطة تحوّل في توسع الشركة الاستراتيجي عبر دول الخليج، بحسب غاندي

صندوق نصف المليار

وأفاد غاندي بأن فرصة الدين الاستثماري في الخليج تتسارع بشكل لافت، مدفوعةً بنضوج منظومة الشركات الناشئة وارتفاع الطلب على رأس المال غير المُخفف، ويعكس رقم النمو السنوي (54%) وحده عمق التحول الجاري في البيئة الاستثمارية الإقليمية والطلب المتزايد على حلول تمويل مهيكلة، ويُظهر استعداد المنطقة لتبني أدوات مالية بديلة.

وشدد على أنه مع وصول المزيد من الشركات إلى مراحل ما بعد التمويل Series C، تزداد الحاجة إلى رأس مال يُكمل التمويل بالأسهم دون التأثير على ملكية المؤسس، ويغطي الدين الاستثماري هذا الفراغ من خلال حلول مرنة تتناسب مع دورة حياة الشركات عالية النمو.

ولفت غاندي إلى أن التقرير أشار أيضاً إلى أن أكثر من 20% من محافظ صناديق رأس المال الجريء الإقليمية أصبحت مؤهلة فعلياً للاستفادة من الدين الاستثماري، والكثير من الصناديق بدأت بالفعل في مناقشة هذه الأداة مع شركاتها.

وما يعزز هذا التوجه هو التفاعل الكبير الذي نشهده من البنوك المحلية، والجهات التنظيمية، وشركاء النظام البيئي. وهذا يُترجم إلى وصول أوسع، وصفقات أقوى، وقاعدة مؤسسين أكثر وعياً حسب غاندي

وكشف أن محفظة الصفقات الحالية تبلغ 110 ملايين دولار، وهو مؤشر مباشر على الطلب النشط على رأس مال مهيكل ومتماشٍ مع احتياجات المؤسس.

وقد نفّذت «سترايد» صفقات بعدة قطاعات رئيسية مثل التكنولوجيا المالية والصحية والخدمات اللوجستية وتقنيات المناخ، بمتوسط صفقات يتراوح بين 10 و15 مليون دولار، مع محفظة فرص استثمارية بقيمة 110 ملايين دولار قيد التنفيذ.

«نحن ندمج خبراتنا العالمية في الاكتتاب مع الرؤية الإقليمية لتقديم رأس مال يعزز النمو دون تمييع، ويعيد تشكيل مشهد لطالما هيمنت عليه الأسهم والثروات السيادية»، يوضح غاندي مضيفاً «نحن هنا لنكون شركاء طويلي الأمد في واحدة من أكثر البيئات نمواً وابتكاراً في العالم».

وأضاف نحن لا نقدّم مجرد رأس مال، بل نمكّن المؤسسين من النمو بشروطهم الخاصة، عبر حلول ائتمانية منظمة تتجاوز التمويل التقليدي.

من السيادة إلى السيولة

لطالما هيمن رأس المال السيادي والتمويل عبر الأسهم على مشهد تمويل الشركات الناشئة في الخليج، لكن هذه الهيمنة بدأت تتراجع أمام موجة جديدة من الشركات التي تبحث عن تمويل يمكّنها من النمو دون التضحية بالملكية.

وهنا يظهر الدين الاستثماري، لا سيما في شكله المتوافق مع الشريعة، كأداة مثالية تجمع بين المرونة والكفاءة، وتتماشى مع القيم الدينية والثقافية في الخليج، هذا النوع من التمويل قائم على الأصول، ولا يتطلب التنازل عن حصص ملكية، ما يجعله أكثر جذباً للمؤسسين الذين يحرصون على السيطرة الاستراتيجية على شركاتهم.

وشرح غاندي أنه من خلال هذا الصندوق، «نقدّم رأس مال ذكياً لا يفرض على المؤسسين التخلي عن ملكيتهم، بل يمكّنهم من التوسع بشروطهم الخاصة، فالمنطقة اليوم في قلب واحدة من أكثر قصص النمو ديناميكية في عصرنا، تقودها رؤية واضحة للتنويع الاقتصادي والتنافسية العالمية».

السعودية نقطة ارتكاز

تتموضع السعودية بسرعة كمركز واعد للحلول التمويلية المبتكرة، مدفوعة بأهداف رؤية 2030 لتعزيز الابتكار وتنويع الاقتصاد، كما شهدت البنية التحتية للابتكار في السعودية تطوراً سريعاً، وتُعد منصات مثل حي الرياض للابتكار الرقمي وThe Garage في قلب هذا التحول.

وقال غاندي «بالنسبة لمستثمرين مثل Stride، تُعتبر The Garage نقطة دخول فعّالة للتفاعل المباشر مع المؤسسين، والمستثمرين المشاركين، والجهات الفاعلة في النظام الريادي، إن الاحتكاك اليومي مع الشركات الناشئة يمكّن Stride من بناء علاقات مبكرة، وفهم السياق المحلي، وهي عوامل حاسمة في الدين الاستثماري الذي يعتمد على التوقيت وهيكل الصفقة، وتُشرف الهيئة الملكية لمدينة الرياض على The Garage و(حي الرياض للابتكار الرقمي)، اللذَين يمثلان نموذجاً جديداً لتفعيل رأس المال، عبر تسهيل التعاون، وتحسين الرؤية، وجعل السوق أكثر جاذبية للمستثمرين العالميين».

ومن خلال دمج حاضنات ومُسرّعات ومساحات عمل مشتركة تحت سقف واحد، توفّر The Garage وصولاً مباشراً لأكثر من 300 شركة ناشئة ضمن بيئة مصممة خصيصاً للابتكار.

الثقة قبل التمويل

«تسريع تبني الدين الاستثماري يبدأ بفك الغموض عنه، وبناء الثقة من خلال التواصل المستمر وتثقيف المنظومة ككل»، شدد غاندي قائلاً «فرغم النمو، لا تزال منظومة الدين الاستثماري في الخليج في طور التكوين، ولا تزال السوابق القانونية لإنفاذ العقود قيد التشكُّل.

لكن الحكومات الإقليمية تبذل جهوداً استباقية لتعزيز البيئة القانونية، مثل: إنشاء مناطق قانونية تعتمد القانون العام مثل ADGM، ورقمنة تسجيل الضمانات الائتمانية.

ولا تزال هناك حساسية ثقافية تجاه فكرة الاستدانة، خاصة في المراحل المبكرة، كما أن عدد المؤسسات المالية التي تمتلك فرقاً مخصصة للدين الاستثماري لا يزال محدوداً، ما يُبطئ وتيرة التبني»

ووفق غاندي تعالج سترايد هذه التحديات من خلال اكتتاب إقليمي مخصص، وتثقيف المؤسسين وشراكات استراتيجية مع المنظومة الريادية.

وختم بأن هذا النوع من الهيكلة المخصصة يبني الثقة، ويوفر للمؤسسين تحكّماً استراتيجياً، وهو أمر حاسم في أسواق ناشئة حيث يُفضّل رواد الأعمال النمو مع الحفاظ على السيطرة، وبالتركيز على التحالفات طويلة الأمد بدلاً من المعاملات قصيرة الأجل، تضع Stride نفسها كشريك للنمو، لا مجرد مزود تمويل، ما يُسهم في تطور منظومة الابتكار في الخليج بأكملها.