يتسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأسلوب يشوبه التهرب من المسؤولية عندما توجه له أسئلة تخص أخباراً سلبية تحدث في أميركا. على سبيل المثال، عندما سُئل عن حادث تحطم طائرة مأساوي بعد عشرة أيام من ولايته الثانية، ألقى الرئيس باللوم على سياسات التوظيف المتنوعة.
وفي حادث آخر، عندما قتل سائق 10 أشخاص في نيو أورليانز عشية رأس السنة الجديدة، قبل توليه منصبه مباشرة، تراجع عن ترشيحه لمرشح مفضل في حملته، مدعياً أن الهجرة غير الشرعية هي المسؤولة، رغم أن السائق كان مواطناً أميركي المولد.
وأخيراً عندما ظهرت أخر بيانات أميركية يوم أمس، وأشارت إلى أن التضخم تسارع في يناير، ألقى باللوم على ا
لرئيس السابق جو بايدن، وكتب ترامب "ارتفاع التضخم في ظل إدارة بايدن" في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، مع العلم أن بايدن لم يستمر في السلطة في يناير غير 19 يوماً فقط.
إن "تضخم بايدن" الذي يشير إليه هو مؤشر أسعار المستهلك، الذي ارتفع بنسبة 3 بالمئة على أساس سنوي في يناير، وهو أسرع وتيرة منذ يونيو، وكانت مفاجأة غير مرغوب فيها في الاتجاه الخاطئ.
وبالتبعية تخلص المستثمرون على الفور من الأسهم، معتقدين أن تباطؤ التضخم سيؤخر بالتأكيد خفض أسعار الفائدة الذي طال انتظاره من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
لا يمكن لأي زعيم أو سياسة واحدة أن تفسر التقلبات الشهرية في الأسعار عبر مجموعة ضخمة من السلع والخدمات التي ينفق عليها الأميركيون أموالهم، ولكن ترامب ادَّعى مراراً أنه يمتلك القدرة ليس فقط على إبطاء معدل ارتفاع الأسعار، ولكن أيضاً جعل الأسعار تنخفض بشكل مباشر.
وحتى لو كان بإمكانه القيام بذلك، فمن المؤكد أنه سيؤدي إلى ركود وخلق دوامة كئيبة يصعب الخروج منها أكثر من التضخم.
وقال ترامب خلال حملته الانتخابية في أغسطس آب: "بدءاً من اليوم الأول، سننهي التضخم ونجعل أميركا في متناول الجميع مرة أخرى".
وفي ظل تسارع التضخم، تتألف حلول ترامب من السياسات نفسها التي يستخدمها في مواجهة أي صداع اقتصادي وهي فرض التعريفات الجمركية، وترحيل المهاجرين، وزيادة عمليات التنقيب عن النفط، والمفارقة هي أن العديد من هذه السياسات من المرجح أن يكون لها التأثير المعاكس.
كان التضخم ينخفض بشكل مطرد لمدة عامين، والآن، بدأ هذا التباطؤ في عكس مساره، وارتفعت الأسعار بشكل أسرع في عهد ترامب مقارنة بنهاية فترة بايدن.
من المخطئ؟
هذا ليس خطأ ترامب أو بايدن، في هذا الصدد، إنه واقع أكبر اقتصاد في العالم والقوى العالمية العديدة التي تعمل على أساسه.
إن إلقاء اللوم على الديمقراطيين أو المهاجرين أو التنوع والإنصاف والشمول قد يمنح ترامب الوقت في مواجهة أي عدد من التحديات، ولكن قريباً، سوف يضطر الرئيس إلى إيجاد طرق جديدة لإلقاء اللوم على أي شخص غير نفسه، ولا تستطيع الحكومات السيطرة على القوى الاقتصادية العالمية التي تؤثر على الأسعار، ولكنها تستطيع إدارة التوقعات بالطريقة التي تتحدث بها عنها.
لا تحظى أجندة ترامب الاقتصادية بقدر كبير من الدعم من جانب خبراء الاقتصاد، وقد بدأت الإدارة على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية في التراجع عن بعض وعود اليوم الأول، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، فقد قال نائب الرئيس جيه دي فانس "لم تُبن روما في يوم واحد"، وعندما سُئِلت السكرتيرة الصحفية كارولين ليفات عن الأسعار، وقالت "ليس لديَّ جدول زمني"، وتجاهل ترامب نفسه سؤالاً على قناة فوكس نيوز، قائلاً: "أعتقد أننا سنصبح أغنياء، انظر، نحن لسنا أغنياء إلى هذا الحد الآن".
وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة سي بي إس هذا الأسبوع أن ما يقرب من ثلثي الأميركيين يعتقدون أن ترامب لم يركز بدرجة كافية في سياساته على الحد من التضخم.
كما أظهر استطلاع رأي آخر أجرته جامعة ميشيغان أن توقعات التضخم لدى الأميركيين للعام المقبل ارتفعت هذا الشهر.
(أليسون مورو، CNN)