عندما تولى جيمس كوينسي منصب الرئيس التنفيذي لشركة كوكاكولا عام 2017، كانت المشروبات الغازية تواجه تراجعاً ملحوظاً بسبب تأثيراتها الصحية. وفي ظل هذا التحدي، بدأت الشركة تنفيذ استراتيجية لتنويع منتجاتها والبحث عن بدائل جديدة بعيداً عن المشروبات السكرية.
وفي خطوة رئيسية، اختارت كوكاكولا الابتعاد عن المشروبات الغازية والاتجاه إلى منتج أساسي وهو حليب الأبقار، وأطلقت بالفعل علامة «فير لايف» عام 2012 كمشروع مشترك بين كوكاكولا ومنتج الألبان بالجملة «سيليكت ميلك بروديوسرز» Select Milk Producers.
وقدمت العلامة التجارية عبوات ذات تصميم بسيط وجذاب، ما جعلها تتماشى مع موجة الألبان البديلة مثل حليب اللوز والبروتين والفستق، وساعدها على تحقيق مبيعات قوية مقارنة بالمشروبات المعبأة الكبيرة في قسم الألبان.
وفي عام 2020، استحوذت كوكاكولا بالكامل على «فير لايف» مقابل 980 مليون دولار أو ما يقرب من مليار دولار، وهو استثمار فاق التوقعات بفضل انتشار العلامة التجارية في مجال الصحة واللياقة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ورغم ارتفاع أسعار الغذاء وتراجع الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة، استمر المستهلكون في الإقبال على حليب «فير لايف» بفضل تقنية الترشيح الفائق التي تقلل من اللاكتوز والسكر، بينما تضاعف كمية البروتين.
وفي عام 2022، أعلنت كوكاكولا أن مبيعات «فير لايف» تجاوزت حاجز المليار دولار، مدفوعة بشعبية مشروب البروتين «كور باور»، الذي يتميز بعدد محدود من المنافسين الرئيسيين في السوق.
توقعات بتباطؤ النمو
رغم هذا النجاح، توقعت كوكاكولا في تقرير أرباحها الأخير أن يشهد نمو «فير لايف» بعض التباطؤ في عام 2025، وذلك بسبب بناء مصنع جديد في نيويورك.
ومع أن المشروبات الغازية لا تزال تشكّل الغالبية العظمى من مبيعات كوكاكولا، فإن هذا الاستثمار يظهر حرص الشركة على التوسع في قطاعات جديدة.
وعند مقارنة «فير لايف» باستحواذ كوكاكولا على «كوستا كوفي» في 2018، يتضح أن «فير لايف» حققت نجاحاً يفوق التوقعات.
وقال المحلل المالي كوميل جاجراوالا إن الشركة لم تكن تتوقع هذا النجاح الكبير، وتشير تقارير الأرباح الأخيرة إلى أن إجمالي قيمة الصفقة قد يصل إلى 6.2 مليار دولار، ما يجعلها واحدة من أغلى استثمارات كوكاكولا حتى الآن.
الرهان على قطاع الصحة واللياقة
يرى المحللون أن السوق الأميركية أبدت اهتماماً متزايداً بالمنتجات الصحية، بدءاً من البيض العضوي إلى الحليب الغني بالبروتين.
ويقول فيليبو فالورني، محلل في «سيتي» إن كوكاكولا دخلت السوق الصحيحة في التوقيت المناسب، مشيراً إلى أن المستهلكين في الولايات المتحدة أصبحوا أكثر وعياً بالصحة، مع تركيز خاص على زيادة استهلاك البروتين خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب مجلة «بيفريدج دايجست» المتخصصة في صناعة المشروبات، فإن سوق مشروبات البروتين تبلغ قيمتها 6 مليارات دولار، ما يعكس الإمكانات الكبيرة لنمو هذا القطاع.
ويضيف المحللون أن المستهلكين عادةً يتجنبون المنتجات متوسطة السعر، ويفضلون إما الخيارات الأرخص أو المنتجات الفاخرة ذات القيمة المضافة، وقد نجحت «فير لايف» في التمركز ضمن الفئة الأخيرة، مستفيدةً من قوة توزيع كوكاكولا، والتي تُعد واحدة من أقوى شبكات التوزيع عالمياً.
تحديات النمو
حصدت «فير لايف» شعبية واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، إذ يعرض المستخدمون مشروبات «كور باور» قبل التمارين الرياضية، أو يستخدمون حليب «فير لايف» لتحضير قهوة مثلجة صحية في الصباح.
ولكن كما تنتشر المنتجات بسرعة عبر وسائل التواصل، فإنها قد تفقد زخمها بالسرعة ذاتها، خاصةً في قطاع
الصحة والعافية.
علاوة على ذلك، واجهت «فير لايف» وكوكاكولا انتقادات قانونية، إذ وافقتا عام 2022 على تسوية بقيمة 21 مليون دولار في دعوى جماعية تتعلق بادعاءات إساءة معاملة الأبقار.
وادّعى مقدمو الدعوى أن المستهلكين كانوا يدفعون سعرًا مرتفعًا بناءً على ادعاءات مضللة حول معاملة الحيوانات في المزارع التابعة للعلامة التجارية.
وفي عام 2024 الماضي، بدأت «فير لايف» بناء مصنع ضخم في ولاية نيويورك، لكن المحللين يتوقعون أن كوكاكولا لن تكتفي بهذا الاستثمار، بل ستواصل البحث عن فئات جديدة لتنويع محفظتها.
ويؤكد فالورني أن الشركة تركّز بشكل كبير على «فير لايف» نظراً للنجاح الذي تحققه، لكنها لن تتوقف عند هذا الحد، حيث تسعى لتوسيع تنوع منتجاتها في المستقبل.
(راميشا معروف، CNN).