يتوجه رئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارني، اليوم الاثنين، إلى باريس ولندن سعياً لبناء تحالفات في ظل التصريحات الهجومية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تستهدف سيادة كندا واقتصادها.
وليس من قبيل المصادفة أن تكون أول رحلة خارجية لكارني إلى عاصمتي البلدين اللذين شكّلا أساس وجود كندا.
في مراسم أداء اليمين الدستورية، يوم الجمعة الماضي، أشار كارني إلى أن بلاده تكونت بسواعد ثلاثة شعوب هم: الفرنسي والإنجليزي والسكان الأصليون، وقال إن كندا تختلف اختلافاً جوهرياً عن أميركا، و«لن تكون أبداً، بأي شكل من الأشكال، جزءاً من الولايات المتحدة».
قال مسؤول حكومي كبير للصحفيين، على متن طائرة كارني قبل الإقلاع في مونتريال، إن الهدف من الرحلة هو تعزيز الشراكات مع الدولتين المؤسستين لكندا، وأضاف المسؤول أن كندا «صديقة جيدة للولايات المتحدة، لكننا جميعاً نعرف ما يجري».
قال نيلسون وايزمان، الأستاذ الفخري بجامعة تورنتو: «ترامب هو سبب الرحلة، ترامب هو الأمر الرئيسي الذي يتعين على كارني التعامل معه».
سيلتقي كارني، محافظ البنك المركزي الكندي السابق، الذي بلغ الستين من عمره أمس الأحد، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، اليوم الاثنين، ثم يسافر لاحقاً إلى لندن للقاء رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، في محاولة لتنويع مصادر التجارة، وربما تنسيق الرد على رسوم ترامب الجمركية.
الجدير بالذكر أن كارني هو محافظ سابق لبنك إنجلترا، وهو أول شخص من خارج إنجلترا يُعيّن في هذا المنصب في تاريخ البنك المُمتد لأكثر من 300 عام.
ثم سيسافر كارني إلى أطراف القطب الشمالي الكندي «للتأكيد على أمن كندا وسيادتها على القطب الشمالي» قبل أن يعود إلى أوتاوا لمواجهة انتخابات حاسمة خلال أيام.
قال كارني إنه مستعد للقاء ترامب إذا أظهر احتراماً للسيادة الكندية، وأضاف أنه لا يخطط لزيارة واشنطن حالياً، لكنه يأمل في إجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي قريباً.
أثارت الرسوم الجمركية الشاملة بنسبة 25 في المئة التي فرضها ترامب على الصادرات الكندية إلى بلاده، وحديث ترامب عن جعل كندا الولاية الأميركية الحادية والخمسين، غضب الكنديين، ويتجنب الكثيرون شراء السلع الأميركية كلما أمكنهم ذلك.
وتُراجع حكومة كارني شراء طائرات مقاتلة أميركية الصنع من طراز F-35 في ضوء حرب ترامب التجارية.
كان الحزب الليبرالي الحاكم مُتجهاً وبقوة لهزيمة انتخابية تاريخية هذا العام حتى أعلن ترامب الحرب الاقتصادية.. الآن من المُرجح أن ينتصر الحزب وكارني، زعيم الحزب الجديد.
قال روبرت بوثويل، أستاذ التاريخ الكندي والعلاقات الدولية بجامعة تورنتو، إن كارني حكيم لاختياره عدم زيارة ترامب «لا جدوى من زيارة واشنطن، لأن ترامب يحاول إذلال ضيوفه ويطلب منهم الانصياع لإرادته».
وقال دانيال بيلاند، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماكجيل في مونتريال، إنه من الضروري للغاية أن تُنوّع كندا شركاءها التجاريين في ظل الحرب التجارية المستمرة مع الولايات المتحدة، حيث إن أكثر من 75 في المئة من صادرات كندا تذهب إلى الولايات المتحدة.
وأضاف بيلاند أن السيادة على القطب الشمالي تمثّل أيضاً قضية رئيسية لكندا، «إن حديث الرئيس ترامب العدواني عن كل من كندا وغرينلاند، والتقارب الواضح مع روسيا، وهي قوة قطبية شمالية قوية، يزيد المخاوف بشأن سيطرة كندا على هذه المنطقة النائية ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة».