بدء سريان رسوم ترامب الأربعاء المقبل.. رهانات قاسية تختبر صبر الأميركان

shutterstock_2577172187
بدء سريان رسوم ترامب الأربعاء المقبل.. رهانات قاسية تختبر صبر الأميركان
shutterstock_2577172187

يُراهن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، هذا الأسبوع على نجاح ولايته الثانية، وعلى الاقتصاد، وعلى الوضع المالي الشخصي لملايين الأميركيين، وعامل الحسم في هذا الرهان اعتقاده الراسخ بأن الرسوم الجمركية قادرة على إعادة إحياء عصر ذهبي للثروة والاستقلال الأميركي.

ولكن ربما يكون الرئيس مُخطئاً.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

يعد ترامب بأن يكون يوم الأربعاء، 2 أبريل، «يوم التحرير»، عندما يفرض رسوماً جمركية مُتبادلة على الدول التي تفرض رسوماً جمركية على السلع الأميركية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

قد تُؤثر هذه الخطوة العنيفة على كل أميركي في شكل ارتفاع ملحوظ في الأسعار، لكن الرئيس يدعو ضمنياً الجميع إلى الصبر وتبني استراتيجية تُبشر بفوائد مُستقبلية مُغرية، لكنها تتطلب تضحيات لسنوات قادمة.

مع اقتراب الموعد النهائي ليوم التحرير، يوم الأربعاء، يُلحق الرئيس مزيداً من الضرر بالثقة التي يعتمد عليها الاستقرار الاقتصادي من خلال إثارة توقعات متناقضة.

أشار الرئيس، على سبيل المثال، إلى أن بعض الدول أو الصناعات قد تحصل على استثناءات من الرسوم الجمركية الجديدة، فكيف يمكن توقع اتجاه الاقتصاد؟

هذه الطريقة المتقلبة في تطبيق السياسات تُهدد بإلحاق ضرر لا يقل عن الضرر الذي تُلحقه السياسات نفسها.

يعتقد ترامب أنه بفرض رسوم جمركية على الواردات، سيُجبر الشركات على نقل سلاسل التصنيع والتوريد إلى الولايات المتحدة، ما سيخلق فرص عمل ويُنعش المناطق التي تضررت من العولمة وحرية التجارة.

لكن الجانب السلبي هو أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المستهلكين الذين سئموا من غلاء المعيشة، وليس هناك ما يضمن اتجاه الشركات للاستثمار في الولايات المتحدة، لأن إعادة توجيه دفة الاستثمارات هذه ستستغرق سنوات، أي كل فترة ترامب، والتي لا نعرف ما بعدها.

ولا يكترث الرئيس لمخاطرته السياسية، ففي تعليقٍ لافت على سؤال من كريستين ويلكر من NBC نيوز، يوم السبت الماضي، أبدى الملياردير، الذي يرأس حكومة من المليارديرات، عدم اكتراثه بارتفاع أسعار السيارات بسبب رسومه الجمركية الجديدة على الصناعة، «لا يهمني إن ارتفعت أسعار السيارات الأجنبية، فالمواطنون سيشترون السيارات الأميركية».

يُهدد سلوك ترامب برد فعل سياسي عنيف، في الوقت الذي يشعر فيه الجمهوريون أنفسهم بالقلق من تأثير سياسات ترامب على مقاعدهم البرلمانية، حيث تُهدد انتخابات فلوريدا الخاصة بمجلس النواب هذا الأسبوع بإحراج الحزب.

يتجاهل قرار ترامب بفرض رسوم جمركية على السيارات بنسبة 25 في المئة، والتي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع، تكامل عمليات التصنيع بشكل وثيق مع المصانع في المكسيك وكندا.

إن النتيجة الحتمية للقرار هي ارتفاع أسعار معظم السيارات المُصنّعة في الولايات المتحدة، لأن تكاليف الإنتاج المرتفعة والاستثمار اللازمين لتصنيعها داخل الولايات المتحدة سيتم تحميلها للمستهلكين، حيث سيرتفع سعر السيارات الجديدة بآلاف الدولارات، ما يُهدد بتسريح العاملين في هذا القطاع نتيجة انخفاض الطلب.

الرابحون والخاسرون

ينبع إيمان ترامب بالقوة الغامضة للرسوم الجمركية من قناعته بأن الولايات المتحدة تعرضت للنهب منذ فترة طويلة من قبل القوى الأوروبية والآسيوية التي تحمي صناعاتها.

بالطبع سياسة التعريفات الجمركية المرتفعة قديمة قدم الولايات المتحدة نفسها، لكن العديد من الاقتصاديين يُحمّلون هذه السياسة مسؤولية التسبب في مصاعب جمة خلال فترة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، وشهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية انخفاضاً تدريجياً في الحواجز التجارية قبل إعادة تشكيل جذرية للتجارة العالمية مع بزوغ فجر القرن الحادي والعشرين.

يرفض ترامب هذه التخوفات، ويستهدف إنعاش الآفاق الاقتصادية في المناطق التي تضررت بشدة من فقدان فرص التصنيع في زمن حرية التجارة.

ولكن إعادة إحياء صورة مثالية للتصنيع الأميركي على طراز خمسينيات القرن الماضي تعد تجاوزاً لعصر تتركّز فيه الميزة التنافسية والقوة الاقتصادية للولايات المتحدة على صناعات الخدمات والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

الحلم الأميركي

صرح وزير الخزانة سكوت بيسنت للنادي الاقتصادي في نيويورك هذا الشهر «الحصول على سلع رخيصة ليس جوهر الحلم الأميركي، حيث يتجذر الحلم الأميركي في مفهوم أن أي مواطن قادر على تحقيق الرخاء والارتقاء الاجتماعي والأمن الاقتصادي، ولفترة طويلة أغفل واضعو الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف هذا المفهوم، يجب إعادة النظر في العلاقات الاقتصادية الدولية التي لا تخدم الشعب الأميركي».

لكن العديد من الجمهوريين يأملون أن يكون ترامب يستخدم الرسوم الجمركية، لا لتحقيق الحلم الأميركي من وجهة نظره، ولكن كوسيلة ضغط لتعزيز مساعيه لإبرام «صفقات».

صرح السيناتور الجمهوري، جيمس لانكفورد، لشبكة سي إن إن، أمس الأحد «مع الرئيس ترامب، كل شيء عبارة عن مفاوضات لعقد صفقات على المدى الطويل، نحن جميعاً نعرف إلى أين نتجه، هدفنا هو خفض الأسعار وزيادة فرص العمل».