تتوسع «إمبراطورية ترامب» في مجال العملات المشفرة بوتيرة متسارعة، لتثير جدلاً جديداً يفوق في حجمه ما أُثير سابقاً بشأن مصالحه في الفنادق والكازينوهات.
ففي حين أن أقصى ما يمكن لدبلوماسي أجنبي فعله للتقرب من الرئيس قد يقتصر على حجز بضع ليالٍ في فندق فخم، فإن عالم العملات المشفرة يفتح أبواباً بلا حدود أمام التدفقات المالية الغامضة التي يمكن أن تصل مباشرة إلى ترامب، أو إلى أفراد عائلته، أو إلى مجموعة متزايدة من الكيانات المرتبطة بهم.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
من بين هذه الكيانات اثنتان من «عملات الميم» (وهي عملات رقمية بلا قيمة عملية حقيقية غالباً ما تُقابل بالاستهزاء من قبل المتخصصين في المجال)، إلى جانب بورصة عملات تُدعى «وورلد ليبرتي فاينانشيال» تصدر عملتها الخاصة.
قريباً، سيتمكن أي شخص يملك حساب وساطة مالية من شراء أسهم في شركة «أميركان بيتكوين» المتخصصة في تعدين العملات المشفرة، والتي يدعمها نجلا الرئيس السابق، إريك ترامب ودونالد ترامب جونيور.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
مأدبة مقابل العملات الرقمية
تزامن إعلان «أميركان بيتكوين» عن طرح أسهمها للاكتتاب العام مع حدث آخر لافت، إذ أُغلق المزاد على عشاء خاص مع دونالد ترامب، وُصف بأنه «أمسية لا تُنسى»، حيث أُتيح لأكبر حاملي عملة $TRUMP (إحدى عملات الميم) فرصة لقاء ترامب بشكل شخصي، إضافة إلى جولة «VIP» في أحد نواديه الخاصة.
ويُنظر إلى هذا الحدث على أنه أحد أكثر محاولات «الدفع مقابل الوصول» وقاحةً منذ دخول ترامب المعترك السياسي.
وقال جوردان ليبويتز، نائب رئيس قسم الاتصالات في منظمة «مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاقيات في واشنطن» (CREW): «إنه يبيع فعلياً حق الوصول إلى رئاسة الولايات المتحدة».
وأضاف ليبويتز أن ما يحدث يُجسد مخاوف واضعي الدستور الأميركي الذين أقرّوا مادة «الهدايا الخارجية» لمنع أي مسؤول فيدرالي من تلقي هدايا من حكومات أجنبية دون موافقة الكونغرس.
ورغم أن تقديم الامتيازات للمتبرعين ليس بالأمر الجديد –كما حدث في تسعينيات القرن الماضي عندما خصصت إدارة كلينتون جناح «لينكولن» في البيت الأبيض لكبار المانحين– فإن العملات المشفرة تضيف بُعداً من الغموض والسرية غير مسبوق.
فوفقاً لتقديرات نقلتها «رويترز» عن شركة «تشين أناليسيس»، ضخّ مستثمرون في العملات المشفرة نحو 148 مليون دولار في عملة $TRUMP خلال الشهر الماضي وحده.
واللافت أن 80% من الكمية المتداولة لهذه العملة تحتفظ بها جهتان تابعتان لمنظمة ترامب، وتحققان أرباحاً من رسوم المعاملات، والتي بلغت 1.3 مليون دولار على الأقل عقب إعلان ترامب عن المزاد المرتبط بالعشاء الخاص.
علاقات مثيرة للجدل في الشرق الأوسط
وتتعاظم الشكوك حول تضارب المصالح، خاصة بعد تقرير نشرته نيويورك تايمز كشف أن «وورلد ليبرتي فاينانشيال» وقعت اتفاقية لتلقي 2 مليار دولار من صندوق استثماري تدعمه حكومة أبوظبي، الأمر الذي أسهم في إجهاض مشروع قانون مؤيد لصناعة العملات الرقمية في مجلس الشيوخ الأميركي الأسبوع الماضي.
حتى بعض مؤيدي العملات الرقمية من الجمهوريين أبدوا تحفظهم على هذه العلاقة، ومنهم السيناتورة سينثيا لوميس (عن ولاية وايومنغ) التي شاركت في إعداد مشروع القانون المتعثر، حيث قالت:
«سعي ترامب لتحقيق الربح الشخصي يثير قلقي، لأنه يعقّد جهودنا التشريعية».
في المقابل، رفضت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت هذه الاتهامات، ووصفتها بـ«السخيفة»، مضيفة أن إدارة ترامب «تلتزم بأعلى المعايير الأخلاقية».
لكن خبراء القانون والأخلاقيات لا يشاركون البيت الأبيض هذا الرأي، وفقاً لتحقيقات شبكة CNN حول مصالح عائلة ترامب المالية في الشرق الأوسط.
خطر مزدوج
يشير ليبويتز إلى أن ما يجعل الوضع مقلقاً بشكل خاص أمران:
ضبابية المجال: العملات المشفرة لا تزال هامشية في المجتمع الأميركي، حيث أظهرت دراسة حديثة لـ«بيو» أن 17% فقط من البالغين في الولايات المتحدة استخدموها أو استثمروا فيها، والكثير منهم قد لا يعرف عن المجال سوى أسماء مثل سام بانكمان-فرايد، مؤسس منصة FTX المسجون حالياً بتهم احتيال.
انعدام السقف المالي: «هناك حد لما يمكن إنفاقه على حجوز الفنادق أو الهدايا الفاخرة، ولكن لا يوجد حد لحجم الأموال التي يمكن ضخها عبر العملات الرقمية، فقد يُجري أحدهم عملية شراء بـ20 مليون دولار دون إثارة الكثير من الانتباه».
(أليسون مارو- CNN)