قبل أيام فقط من انتهاء مهلة الـ90 يوماً لتعليق «رسوم التحرير» التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تبدو الإدارة الأميركية عاجزة عن إنجاز الاتفاقات التجارية التي وعدت بها. وهو ما يهدد بإضافة طبقات جديدة من الضبابية إلى اقتصاد يعاني بالفعل من بوادر ضعف.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
ورغم توقيع إطارين فقط من أصل عشرات الاتفاقات المتوقعة، يقترب موعد 9 يوليو تموز بسرعة، دون تقدم حقيقي في المفاوضات، ومع أن الإدارة الأميركية كررت لأشهر أن التوقيع «وشيك»، إلا أن الواقع يظهر عكس ذلك، مع استمرار تعثر المحادثات مع 18 شريكاً تجارياً رئيسياً، في وقت تترقب فيه مئات الدول تخفيف أعباء الرسوم الجمركية المرتفعة.
ترامب: «أبرمت 200 اتفاق».. ثم يتراجع
في مقابلة مع مجلة «تايم» في أبريل نيسان، قال ترامب «أبرمت كل الاتفاقات.. أتممت 200 اتفاق»، لكنه عاد لاحقاً ليقر بأن مئات الاتفاقات «غير ممكنة» خلال هذا الإطار الزمني الضيق، وهي نقطة كررها في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض يوم الجمعة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وقال «لدينا 200 دولة، لا يمكننا التفاوض مع الجميع»، معلناً أن إدارته سترسل خلال الأيام المقبلة رسائل للدول لتخبرهم بما يجب أن يدفعوه للتجارة مع الولايات المتحدة، وأضاف «الأمر سيكون سريعاً جداً».
«رسوم جديدة لمن لا يوقع»
تهديد فرض رسوم جديدة على الدول غير المتعاونة ليس جديداً، فترامب صرح في 23 أبريل نيسان بأن إدارته ستحدد رسوماً جمركية جديدة خلال أسابيع، وكرر في 16 مايو أيار أن التحديد سيتم «في غضون أسبوعين إلى ثلاثة»، إلا أن التنفيذ ما زال مؤجلاً.
في الأثناء، لا تزال المفاوضات نشطة مع الشركاء الرئيسيين، وسط وعود متكررة، ففي 11 يونيو حزيران، صرح وزير التجارة هوارد لوتنيك بأن «الاتفاقات قادمة تباعاً»، وأكد لاحقاً أن عشرة منها سيُعلن عنها قريباً.
ورغم الضغط الزمني، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، الخميس، إن «الموعد النهائي ليس حاسماً»، بينما صرح وزير الخزانة سكوت بيسنت الجمعة بأنه يتوقع الانتهاء من المفاوضات بحلول عيد العمال في سبتمبر أيلول، ما يطرح إطاراً زمنياً أكثر مرونة.
كندا ضحية أولى.. وعودة مرتقبة لـ«رسوم التحرير»
أعلن ترامب الجمعة عبر وسائل التواصل أن الولايات المتحدة تنسحب من المحادثات التجارية مع كندا بسبب ضريبة الخدمات الرقمية، مشيراً إلى فرض رسوم جديدة خلال أسبوع.
كما كشف بيسنت لقناة سي إن بي سي أن نحو 20 دولة قد تعود إلى رسوم «تحرير» مرتفعة بدءاً من 9 يوليو تموز، بينما ستحصل أخرى على مهلة إضافية، بعض تلك الرسوم قد تصل إلى 50 في المئة، حسب ما قبل قرار التعليق.
قال أستاذ الاقتصاد بجامعة ميشيغان، جاستن وولفرز، لشبكة CNN «فكرة أن الغموض سينتهي في الصيف أصبحت ميتة بالكامل»، مضيفاً أن «عدوانية الرسوم الجمركية لم تنته، رغم لحظات الأمل القليلة».
الاقتصاد الأميركي يبدأ في إظهار علامات التباطؤ
تكمن المشكلة في أن تأجيل التوصل إلى اتفاقات يأتي في وقت يحتاج فيه الاقتصاد الأميركي بشدة إلى دفعة استقرار.
ارتفعت ثقة المستهلك بنسبة 16 في المئة هذا الشهر، بحسب مسح جامعة ميشيغان، لكن وزارة التجارة أعلنت الجمعة أن إنفاق المستهلكين تراجع بشكل مفاجئ في مايو أيار، وهو أول انخفاض منذ يناير كانون الثاني، ما يعكس تحولاً سلبياً في اتجاهات الاستهلاك.
التضخم يتزايد والوظائف تتباطأ والمبيعات تتراجع
يواجه الاقتصاد الأميركي مؤشرات مقلقة؛ التضخم في تصاعد وتباطؤ في توفير الوظائف وانخفاض في مبيعات التجزئة.
وقال كبير اقتصاديي الولايات المتحدة في آي إن جي، جيمس نايتلي، إن «العائلات تشعر بالقلق من تأثير الرسوم على قوتها الشرائية، وسط مخاوف متزايدة بشأن سوق العمل».
يرى اقتصاديون أن التضخم المنخفض في الربيع كان مجرد «هدوء ما قبل العاصفة»، ويتوقعون ارتفاع الأسعار مع نفاد المخزون المستورد سابقاً بدون رسوم. وأظهر تقرير التضخم الأخير أن الأسعار المرتفعة بدأت تظهر بالفعل.
وقال روبرت روجيريللو، كبير مسؤولي الاستثمار في برايف إيغل لإدارة الثروات «ارتفاع الأسعار نتيجة الرسوم بدأ يتغلغل في الاقتصاد».
حوافز ترامب الضريبية لا تكفي لتخفيف الأثر
رغم أن بعض المحللين يعتقدون أن تخفيضات ترامب الضريبية قد تعوض جزئياً تأثير الرسوم، فإن خطر الانتقام التجاري من شركاء أميركا لا يزال قائماً، ما قد يدفع الاقتصاد نحو الركود.
وقال ميشيل نيس، الاقتصادي في سيتي، «أي رد انتقامي قد يؤثر سلباً على الناتج المحلي الأميركي، وبالتالي على المالية العامة».
(ديفيد غولدمان - CNN)