من السخرية إلى القمة.. قصة صعود «بي واي دي» في عالم السيارات الكهربائية

«بي واي دي».. من السخرية إلى الصدارة قصة عملاق السيارات الكهربائية الصينية (شترستوك)
«بي واي دي».. من السخرية إلى الصدارة قصة عملاق السيارات الكهربائية الصينية
«بي واي دي».. من السخرية إلى الصدارة قصة عملاق السيارات الكهربائية الصينية (شترستوك)

107 مليارات دولار أميركي هو الرقم الأحدث في فلك عملاق صناعة السيارات الكهربائية الصينية في عام 2024 بفارق 10 مليارات دولار عن مبيعات شركة تسلا التي يمتلكها أغنى رجل في العالم إيلون ماسك.

سبق مشهد بيانات بي واي دي اليوم مشهدٌ آخر يعود إلى عام 2011 عندما سألت إحدى مقدمات البرامج الاقتصادية إيلون ماسك عن رأيه في سيارات بي واي دي، وهل هي تشكل منافسة محتملة لتسلا، فانفجر ماسك ضاحكاً ثم رد ساخراً «هل رأيتِ سياراتهم؟» وعندما ألحت المقدمة في السؤال أجابها ماسك بأن «المنتج لا يمتلك الجاذبية اللازمة كما أن الشركة لا تملك تكنولوجيا قوية»، ثم استمر في الضحك.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

واليوم تبلغ القيمة السوقية لشركة بي واي دي الصينية 154 مليار دولار، فهي بالطبع لا تساوي قيمة أبل أو تسلا أو عملاق الطاقة العالمي أرامكو أو حتى ميتا (فيسبوك)، ولكن هذه الشركة الصينية قد تصبح في غضون بضع سنوات قليلة شركة تريلونية وضمن قائمة أكبر 100 شركة في العالم، بي واي دي هي اختصارٌ لشعار باللغة الإنجليزية Build Your Dream أي «ابن حلمك».

تأسست الشركة في عام 1994 في مدينة شينزين جنوب الصين بهدف صناعة البطاريات القابلة للشحن وكانت البداية ببطاريات النيكل كادميوم التي كانت تنتشر في الهواتف اللاسلكية المنزلية في الربع الأخير من القرن الماضي، ثم بدأت في إنتاج بطاريات إيون الليثيوم لصالح شركات الهواتف المحمولة وعلى رأسها نوكيا وبلاكبيري، لتصبح في عام 2002 أكبر منتج للبطاريات القابلة للشحن في العالم بحصة بلغت 65 في المئة من الإنتاج العالمي.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

بدأت بي واي دي في إنتاج السيارات في عام 2002 وبعدها بعشرين عاماً توقفت عن بيع السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي أو التي تعمل بالوقود الأحفوري.

في هذا الوقت وحتى وقت قريب كانت السيارات التي تنتجها الشركة تتسم بالبساطة وهو ما كان يبدو منطقياً لماسك الذي كان يملك وقتها الحصص الأكبر في شركة تسلا التي بدأت إنتاجها بتصنيع وبيع السيارات الرياضية الفارهة العاملة بالكهرباء، ولكن ما غفل عنه ماسك هو استثمار الملياردير الأميركي الرصين وارين بافيت نحو 230 مليون دولار أميركي في الشركة في عام 2008.

حصلت شركة بيركشاير هاثاواي القابضة التي تتخذ من مدينة أوماها بولاية نيبراسكا الأميركية مقراً لها على نحو 9.89 في المئة من شركة بي واي دي بعد شراء الأسهم من بورصة هونغ كونغ.

توظف شركة بي واي دي 120 ألف مهندس وهو رقم يشكل نحو 10 في المئة من العاملين، ويقوم هؤلاء المهندسون بتسجيل 45 براءة اختراع جديدة كل يوم، بحسب موقع كلوبيك الفرنسي المعني بالتكنولوجيا، فبفضل براءات الاختراعات هذه وترسانة المهندسين العملاقة تتفوق بي واي دي على منافسيها الأوروبيين.

فمدى السيارة أصبح مغرياً بشكل كبير بفضل توصل بي واي دي إلى ما تسميه البلايد باتاري أو البطاريات الشفرية التي تعتمد في بنائها على ارتصاص الشفيرات وهو ما تقوم الشركة بتسويقه كطفرة في عالم السيارات الكهربائية، حيث إن هذه الشفرات المتراصة توفر قدراً أكبر من السلامة والأمان بفضل بنائها باستخدام فوسفات حديد الليثيوم بدلاً من أيونات الليثيوم التقليدية والمتانة والأداء، فضلاً عن خلوها تماماً من معدن الكوبالت سريع الاشتعال، وهي تمكن كذلك من الزيادة في استغلال مساحة البطارية.

في النهاية يبدو أن عصر بي واي دي قد بدأ، فالشركة تبني حلمها وتعتقد في مشروعيته بينما بدأ بافيت في التخارج التدريجي من الشركة بعدما حقق مكاسب كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الأسهم.

ومن المؤكد أن إيلون ماسك توقف عن السخرية من منافسه الصيني عندما أعلنت الشركة قبل أيام نشر محطات شحن يمكنها شحن السيارة في خمس دقائق وهو ما يعادل زمن تعبئة سيارة بالبنزين أو الديزيل، فكل ثانية تحت الشاحن تكفي إلى تسيير المركبة كيلومترين.

وبدأت بي واي دي في غزو العالم وبناء هوية بصرية جديدة عن طريق افتتاح متاجر وصالات عرض في العديد من المدن الأوروبية، وهذا على الرغم من فرض رسوم جمركية على السيارات صينية المنشأ.