كيف سيبدو العالم بدوننا؟ هي فكرة قُتلت بحثاً، إذ قام العديد من العلماء باستكشاف كيف يصبح العالم إذا اختفت البشرية، فضلاً عن أفلام الخيال العلمي التي طالما صورت نظرية نهاية العالم وكيف سيكون بدون البشر من خلال شاشات السينمات العريضة.
وعلى هذا النحو، جاء المصور الفرنسي رومان فيلون ليجعل مهمته التقاط صور لأماكن مهجورة بالفعل، لعرض النتيجة المحتملة التي يمكن أن يكون عليها كوكب الأرض إذا اختفى البشر.
وأمضى الشاب البالغ من العمر 38 عاماً سنوات في تصوير الأماكن المهجورة في جميع أنحاء العالم والتي اجتاحتها الطبيعة بعد أن هجرها البشر، لتعكس صوره الملتقطة نتائج مبهرة.
وفي كتابه الأخير «Green Urbex: The World Without Us» أي «أوربكس الخضراء: العالم بدوننا»، الذي صدر في عام 2021، صور سلسلة من المواقع المهجورة و/ أو المنسية، بما في ذلك مدينة أشباح في ناميبيا، وسينما مهجورة في بروكسل، وفيلا متداعية في توسكان ومسار سكة حديد مهجور في أوكرانيا.
«رؤية ما بعد نهاية العالم»
يأمل فيلون، الذي يعمل على الجزء الثاني من كتابه، أن تكون هذه الصور بمثابة تذكير «بضرورة العيش في انسجام مع بيئتنا»، بالإضافة إلى إبراز أهمية العمل مع الطبيعة وليس ضدها.
يقول المصور، «نحن جميعاً مفتونون برؤية ما بعد نهاية العالم»، «ربما نحتاج إلى أن نكون شاهدين على ذلك للاستمتاع بما لدينا والوقت الذي أمامنا».
كتاب فيلون، المتاح فقط باللغة الفرنسية حالياً، مقسم إلى ثلاثة أقسام مختلفة، ويعرض الجزء الأول أماكن مهجورة لا تزال محفوظة جيداً نسبياً، بينما يركز الجزء الثاني على المواقع المتداعية في حالة أسوأ بكثير، وأخيراً يتكون الجزء الثالث من صور لأماكن منسية منذ زمن طويل اجتاحتها النباتات بالكامل.
وقال فيلون لشبكة CNN عبر رسالة البريد الإلكتروني، «التقطت الصور كلها خلال السنوات العشر الماضية»، «إنها حقاً مزيج من جميع الأماكن التي قمت بتوثيقها منذ أن بدأت».
سحر دائم
بدأ شغف فيلون بالأماكن المهجورة في سن مبكرة، عندما اكتشف مصنع شاحنات مهجور بالقرب من باريس، وعلى الرغم من أن الكتاب، الذي يحتوي على أكثر من 200 صورة، يوفر بعض الخلفية التاريخية لعدد من المواقع، يقول المصور إنه يحاول تقديم أقل قدر ممكن من التفاصيل حتى يتمكن الناس من «تكوين إجاباتهم الخاصة» عن أي أسئلة قد تكون لديهم، ويضيف، «كل قصة ستكون مختلفة عن الأخرى، وهذا ما أحبه».
ومع ذلك، فإن التقاط الصور في البقاع المهجورة في العديد من زوايا العالم المختلفة، والنائية في كثير من الأحيان، هو أكثر تعقيداً بكثير من مجرد حمل الكاميرا والذهاب إلى هذه الأماكن.
يقضي فيلون أحياناً شهوراً في البحث عن مواقع أقل شهرة وتحديد موقعها بالضبط، ناهيك عن التقدم بطلب للحصول على تصريح لتصوير بعضها، ويوضح فيلون قائلاً، «أقضي ساعات في البحث عن أدلة تاريخية يمكن أن تساعدني في تحديد الموقع الذي أريد تصويره».
مواقع استثنائية
ويقول فيلون، «هناك قدر كبير من الوقت الذي يقضيه على خرائط غوغل في محاولة لمعرفة ما إذا كانت بعض المباني قد تكون مدفونة تحت الغطاء النباتي، ومجرد القيادة عندما تكون في منطقة جديدة يمكن أن يجلب أيضاً بعض المفاجآت الرائعة».
وأضاف أن وجود أصدقاء في جميع أنحاء العالم أيضاً أمر مفيد للمصور، والذي غالباً ما يتلقى نصائح من مسافرين آخرين، وأحياناً من متابعيه على وسائل التواصل الاجتماعي، حول المواقع المحتملة لتضمينها في رحلته.
أحد المعالم البارزة في الكتاب هو صورة بازلودزا Buzludzha، وهو نصب سوفيتي مهجور في بلغاريا، والذي يقول فيلون إنه كان أحد الأماكن المفضلة لديه للتصوير.
«بازلودزا -مبنى إسمنتي عملاق- هو بالتأكيد المكان الأكثر استثنائية والفريد من نوعه الذي زرته على الإطلاق»، كما يقول فيلون عن المقر السابق للحزب الشيوعي البلغاري الذي تم بناؤه على قمة جبل.
كما ترك كازينو كونستانتا الروماني، والذي تم تحديده كنصب تاريخي من قبل وزارة الثقافة والتراث الوطني الرومانية، انطباعاً دائماً لدى المصور الفرنسي.
استعادة الطبيعة
تمكن المصور من زيارة مدينة الملاهي المهجورة «نارا دريم لاند» في اليابان قبل هدمها، وقد حظيت صور فيلون لملاهي «نارا دريم لان» اليابانية، التي اُلتقطت بعد نحو عقد من إغلاق المنتزه الترفيهي في عام 2006، بأكبر قدر من الاهتمام.
ويوضح فيلون قائلاً، «هذا مثال رائع لما أريد أن أعرضه عندما نقول الطبيعة تسيطر»، «يمكنك أن ترى اللبلاب يغطي قطار الملاهي الدوار وكأنه يجتاحه» وأضاف «تم تدمير الحديقة بين عامي 2016 و2017 بعد فترة وجيزة من زيارتي، لذا أعتقد أن ذلك يجعل الصورة أكثر شهرة».
وفي حين أن قيود السفر التي أحدثتها جائحة كورونا تعني أن رحلات فيلون كانت قليلة ومتباعدة في الآونة الأخيرة، فإنه يخطط لزيارة بيرو في وقتٍ لاحق من هذا العام، ويأمل أيضاً زيارة مدينة الأشباح «أكارمارا»، وهي قرية تعدين فحم سابقة في أبخازيا، جورجيا، يتوقع أن تجتاحها الأشجار في المستقبل القريب.
ومع ذلك، لا تزال أبخازيا مغلقة أمام الزوار الدوليين، إذ يقول فيلون، «إنها [أكارمارا] هي الرحلة الوحيدة التي كان يجب على القيام بها منذ وقت طويل».
مرر الصور لليمين، وانقر الصور التالية لمشاهدتها بألوانها الطبيعية.