أدى تفشي مرض جدري القرود (monkeypox)، بشكل متزايد في إفريقيا إلى قيام منظمة الصحة العالمية بإعلانه حالة طوارئ صحية عالمية.

وشهد تفشي المرض، الذي أصاب في المقام الأول جمهورية الكونغو الديمقراطية، أكثر من 14 ألف حالة هذا العام، ومنذ عام 2023، أبلغت جمهورية الكونغو الديمقراطية عن نحو 12600 حالة مشتبه بها و580 حالة وفاة، وهو ارتفاع حاد مقارنة بالسنوات السابقة، وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية في الأصل، أن جدري القرود حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً دولياً في 23 يوليو 2022، واستمرت حتى مايو 2023، وفي ذلك الوقت تمت السيطرة على الحالات.

ولكن منذ بداية العام الحالي 2024، بدأ المرض بالانتشار بشكل كبير، وحتى الآن تم الإبلاغ عن أكثر من 16 ألف حالة في أكثر من 75 دولة، وارتفع عدد الإصابات المؤكدة بنسبة 77% في الفترة من أواخر يونيو حزيران إلى أوائل يوليو تموز، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة.

تأثير إعلان مرض جدري القرود حالة طوارئ عالمية

قال شيام بيشن، رئيس قسم الصحة والرعاية الصحية في المنتدى الاقتصادي العالمي، إنه مع إعلان منظمة الصحة العالمية بأن مرض جدري القرود حالة طوارئ صحية عالمية، فسوف تحتاج البلدان إلى استثمار موارد كبيرة في السيطرة على هذا التفشي.

وأضف بيشن، في تصريحاته إلى الموقع الرسمي للمنتدى الاقتصادي العالمي «لحسن الحظ، فإن اللقاحات والأدوية التي تم تطويرها لعلاج الجدري قد تعمل بشكل جيد ضد الجدري، لكن العرض محدود للغاية، وبينما نشجع الدول على مشاركة اللقاحات والعلاجات والموارد الرئيسية الأخرى لاحتواء تفشي المرض، فإننا نعتقد أن الشراكة بين أصحاب المصلحة المتعددين ضرورية بين القطاع الخاص والحكومات والمنظمات الدولية لزيادة إنتاج اللقاحات والعلاجات لهذا المرض بسرعة».

وكانت أوروبا مركز تفشي المرض الأول، حيث أبلغت عن أكثر من 80% من الحالات في جميع أنحاء العالم في عام 2022، ولم يتم الإبلاغ عن حالات وفاة بسبب الفيروس خارج إفريقيا في السابق، ولكن الآن حدثت خمس حالات وفاة.

ورغم أن المخاطر العالمية تعتبر مرتفعة في أوروبا فإنها تظل معتدلة، ومن غير المرجح أن تؤدي إلى تعطيل السفر أو التجارة.

وتم اكتشاف مرض جدري القرود في عام 1970، وكانت الحالات السابقة بشكل رئيسي في إفريقيا، وتاريخياً كانت الحالات خارج القارة الإفريقية نادرة، إذ تعود إلى مسافرين مصابين أو حيوانات مستوردة، لكن الآن بدأت بالانتشار في أوروبا، ما أدى إلى معرفة أكثر حول المرض وكيفية استجابة سلطات الصحة العامة في جميع أنحاء العالم.

ما هو مرض جدري القرود؟

هو مرض نادر يشبه الجدري، وينتقل من الحيوانات البرية وخاصة القوارض والقرود إلى البشر؛ لذا أطلق عليه جدري القرود، ويؤدي إلى ظهور طفح جلدي يبدأ عادةً على الوجه ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.

ويعد من الأمراض الفيروسية، وله فرعان كانت بداية الظهور فيهما، وهما: فرع حوض الكونغو، وفرع غرب إفريقيا، وعادةً ما يتسبب فرع حوض الكونغو في حدوث نسخة أكثر خطورة من المرض، ويُعتقد أنه أكثر قابلية للانتقال.

ومؤخراً بدأ تظهر حالات مصابة في المناخات الاستوائية والغابات المطيرة حيث توجد حيوانات تحمل الفيروس، بما في ذلك أنواع من السناجب والزغب وأنواع معينة من القرود والجرذان.

كيف ينتقل المرض؟

ينتقل المرض من الحيوان إلى الإنسان عن طريق الاتصال المباشر مثل اللدغات أو الخدوش أو تحضير لحوم الأدغال، أو عن طريق الرذاذ التنفسي.

أما انتقال العدوى من إنسان إلى إنسان فهو محدود حتى الآن، وينتقل الفيروس من خلال الاتصال المباشر بسوائل الجسم أو الآفات الجلدية وكذلك الاتصال غير المباشر بمواد الآفة من خلال عناصر مثل الفراش أو الملابس الملوثة.

ويمكن أن ينتشر أيضاً من خلال قطرات الجهاز التنفسي، لكنه لا ينتقل بسهولة عن طريق الهواء ويتطلب اتصالاً مباشراً وطويلاً مع شخص يعاني من طفح جلدي نشط.

ما هي أعراض مرض جدري القرود؟

يظهر مرض جدري القرود عادة مع حمى وطفح جلدي وتضخم الغدد الليمفاوية، وتتضمن المراحل المبكرة (1-3 أيام) الصداع وآلام الظهر وآلام العضلات ونقص الطاقة.

وغالباً ما يصاب الأفراد المصابون بالعدوى بطفح جلدي بعد 1-5 أيام من ظهور الأعراض، ويبدأ كبقع حمراء اللون قبل أن تتحول إلى بثور مملوءة بالسوائل، والتي تتحول في النهاية إلى قشور وتسقط.

وعادة ما تختفي أعراض الجدري خلال 2-4 أسابيع دون علاج، وفي الآونة الأخيرة، تراوح معدل الوفيات بين 3-6%، معظمها بين الأطفال الصغار والأفراد الذين يعانون من ضعف المناعة، وكانت الحالات التي تم تشخيصها حتى الآن خفيفة.

كيف يتم التشخيص؟

جميع الأفراد الذين ثبتت إصابتهم تم تأكيد إصابتهم عن طريق اختبار «PCR»، كما تم استخدام التسلسل الجيني لتأكيد الإصابة في البرتغال.

كيفية العلاج من مرض جدري القرود؟

لا يوجد حالياً أي دواء لفيروس جدري القرود نفسه، ومع ذلك، يمكن استخدام الأدوية المضادة للفيروسات، مثل: سيدوفوفير، وبرينسيدوفوفير، وتيكوفيريمات.

وتعقد منظمة الصحة العالمية حالياً اجتماعاً للخبراء لمناقشة التوصيات المتعلقة بالتطعيم.

كيف تستجيب سلطات الصحة العالمية؟

بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن السلطات الصحية تستجيب من خلال التدابير التالية:

تحقيقات الصحة العامة المستمرة في البلدان غير الموبوءة التي حددت الحالات، بما في ذلك تتبع الاتصال، والتحقيق المختبري، والإدارة السريرية والعزل مع الرعاية الداعمة.

تحديد التسلسل الجينومي، ويعمل العلماء على تحديد ما إذا كانت الإصابات الأخيرة في أوروبا مرتبطة بالسلالات الموجودة في إفريقيا.

يجري نشر التطعيم ضد الجدري، حيثما كان ذلك متاحاً، لإدارة المخالطين القريبين، مثل العاملين في مجال الصحة.

المراقبة القوية وتتبع المخالطين والوقاية من العدوى ومكافحتها، إذ ضمنت أنظمة المراقبة والتشخيص القوية، بالشراكة مع تبادل المعلومات السريع، أن تتمكن السلطات الصحية من الإبلاغ بسرعة عن تفشي المرض والتواصل بشأنه.