منذ يناير كانون الثاني الماضي توقف محسن التاجوري، مالك شركة مصرية تعمل في استيراد الأخشاب، عن تعيين أي موظف جديد نظراً للظروف الاقتصادية التي تمر بها شركته بعد تأثرها بالأزمة الاقتصادية الحادة في مصر.

يقول التاجوري لـ«CNN الاقتصادية»: «إن الظروف غير مواتية لتوظيف عمالة جديدة رغم حاجتنا لذلك، في الوقت نفسه نحاول أن نخفّض المصروفات والتكاليف الخاصة بنا حتى تمر الأزمة».

منذ شهر فبراير شباط الماضي، ينتظر التاجوري أن توفّر له البنوك المصرية عملة صعبة ليتمكن من تسديد قيمة وارداته من الخارج ومن ثَمَّ الاستمرار في عمله، إلّا أن أزمة نقص الدولار في مصر تسببت في انتظاره طويلاً وهو ما أثّر على مستويات التوظيف في شركته.

بعض أصحاب الأعمال كانوا أوفر حظاً، ومن بينهم شريف الصياد، رئيس مجلس إدارة شركة تريدكو للصناعات الهندسية، الذي ضخ استثمارات بمليارات الجنيهات المصرية في إنشاء مصنع جديد يستعد لافتتاحه قريباً، لذا يستعد لتعيين موظفين جدد.

يقول لـ«CNN الاقتصادية» قبل الأزمة الاقتصادية كنا وضعنا استثمارات لإنشاء مصنع للأجهزة المنزلية وعلى إثره تستعد شركته لتوظيف كل الفئات لبدء تشغيل المصنع.

ويضيف الصياد، الذي يشغل منصب رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية: «بشكلٍ عام أغلب الشركات لا توظّف موظفين جدداً لأن الظروف الحالية لا تسمح، إذ إن أغلب الشركات تعمل على تقليص حجم إنتاجها لتفادي أضرار الأزمة الاقتصادية الحالية».

وتعاني مصر من انخفاض سعر الجنيه مقابل الدولار، ونقص حاد في العملة الصعبة، إذ يشهد تدبير الدولار من البنوك للعمليات التجارية صعوبة، وتعمل الحكومة المصرية على توفير الدولار عبر بيع حصص في شركات حكومية مصرية.

سوق التوظيف في مصر تتبدل

مع اشتداد الأزمة الاقتصادية في مصر بدأت الشركات العاملة في مصر التكيُّف مع الوضع وتغير أنماط التوظيف لتتناسب مع الظروف.

ويقول مسؤول في واحدة من شركات التوظيف في مصر -فضّل عدم ذكر اسمه- إن سوق العمل لا تتوقف لكنها تتغير وتتبدل أنماطها، وتتوقف على حجم تأثر أعمال الشركة بأزمة نقص الدولار من عدمها.

ويضيف أن بعض الشركات بدأت توفر نفقاتها عن طريق عدم تعيين موظف بديل لأي موظف ينتهي عمله في الشركة، على أن تقدّم حوافز للموظفين الحاليين مقابل أن يتحملوا أعمال الموظف المغادر.

كما أن بعض الشركات تعيّن حديثي التخرج بمرتبات منخفضة بدلاً من موظفين لديهم خبرة عدة سنوات، حتى لا تدفع رواتب مرتفعة، رغم أن جودة العمل لا تكون كما هي.

تعمل شركة المسؤول مع مئات الآلاف من الشركات العاملة في مصر، وتكون مهمتها توصيل الشخص الذي يبحث عن وظيفة إلى الشركة التي تبحث عن موظفين.

ويقول إن بعض الشركات العاملة في مصر اضطرت إلى تسريح العمالة كما لم تستعن بعمالة أخرى لسد العجز الذي لديها بسبب أزمة انخفاض الجنيه وارتفاع معدل التضخم في مصر.

وعلى الرغم من صعوبة وضع التوظيف لدى الشركات المصرية، فإن هبوط العملة المحلية في مصر جعل شركات من خارج مصر وتحديداً من منطقة الخليج تلجأ لتوظيف عمالة من مصر للعمل عن بعد مقابل أداء مهمات معينة، بحسب المسؤول.

ويقبع مؤشر التوظيف في مصر وهو مؤشر فرعي لمؤشر مديري المشتريات الذي يصدر شهرياً عن «إس آند بي غلوبال»، عند أقل من 50 نقطة والتي تشير إلى الانكماش.

وتقول وزارة التخطيط المصرية إن المؤشر رغم ذلك ارتفع في الربع الثاني من العام الجاري بعد انخفاض لمدة ربعين على التوالي.

البطالة في مصر

تشير بيانات معدل البطالة في مصر إلى انخفاضها لأقل مستوى على الإطلاق إذ سجلت 7 في المئة خلال الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بـ7.1 في المئة خلال الربع السابق له.

وبحسب وزارة التخطيط فإنه مع ارتفاع تكاليف المعيشة وخاصة السلع الغذائية وبلوغ معدل التضخم السنوي في مصر لأعلى مستوى على الإطلاق يستمر معدل البطالة في التراجع.

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر ارتفع التضخم السنوي في مصر مسجلاً مستويات قياسية، إذ بلغ في أغسطس آب الماضي 37.4 في المئة.

وتتوقع وزارة التخطيط أن ينخفض معدل البطالة في مصر إلى 7 في المئة خلال العام المالي الجاري مع ارتفاع التوقعات بارتفاع معدل النمو قبل أن يواصل الانخفاض إلى 6.8 في المئة خلال العام المالي المقبل، لكن هذه التوقعات ستكون تحت ضغط ارتفاع معدلات التضخم والتوقعات بانخفاض أكبر في سعر الجنيه في الفترة المقبلة، ما يلقي بظلاله على سوق التوظيف.