قالت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني إن صافي الالتزامات الأجنبية للقطاع المصرفي المصري معرض لخطر الزيادة بسبب التراكم الكبير لطلبات الاستيراد، ونقص العملات الأجنبية.

وأضافت في تقرير حديث عن البنوك المصرية أن الوضع تدهور بشكل كبير منذ يناير كانون الثاني 2022 مع خروج استثمارات من محفظة الديون المصرية بقيمة تزيد على 22 مليار دولار، ونقص السيولة الخارجية.

ويتوقع التقرير أن يتدهور الوضع إذا تزايدت وتيرة خروج الاستثمارات الأجنبية من أدوات الدين المصرية، واعتماد الحكومة المصرية على القطاع المصرفي في تلبية طلبات الاستيراد المتراكمة في مصر أو في حال تدخل السلطات المصرية لإدارة سعر الصرف.

نقص الدولار

وتعاني مصر نقصاً حاداً في الدولار، وتراكمت البضائع المستوردة في الموانئ مع عدم قدرة البنوك على تلبية العملة الصعبة، بجانب تراجع سعر الجنيه مقابل الدولار في السوقين الرسمية والموازية.

وبحسب فيتش فإنه من الممكن أن يهدأ ضغط سعر صرف الجنيه إذا نجحت السلطات المصرية في بيع الأصول لمستثمرين خارجيين، ما يعزز تدفقات رأس المال والعملات الأجنبية إلى مصر.

وبدأت مصر بالفعل مؤخراً خطة لبيع أصول حكومية في محاولة منها لتوفير النقد الأجنبي، وحتى يونيو حزيران الماضي، أبرمت الحكومة المصرية اتفاقات لبيع حصص في شركات بقيمة 1.9 مليار دولار، كما تخطط مصر لبيع أصول حكومية بخمسة مليارات دولار بحلول يونيو حزيران 2024.

وقالت فيتش إنها تأخذ بعين الاعتبار صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي في تقييمها ملفات التمويل والسيولة لدى البنوك.

وتُظهر بيانات السيولة الخارجية الصادرة عن البنك المركزي المصري لشهر يوليو تموز الماضي أن العجز في صافي الأصول الأجنبية في البنوك التجارية والبنك المركزي سجل 26.3 مليار دولار.

ويعني هذا أن العجز سجل تحسناً مقارنة بالشهر السابق له في يونيو حزيران، والذي سجل 27.1 مليار دولار.

وفي يونيو حزيران تجاوز العجز في صافي الأصول الأجنبية احتياطي النقد الأجنبي السائل لمصر، أي إجمالي احتياطيات العملات الأجنبية الرسمية مطروحاً منها الذهب وحقوق السحب الخاصة.

وتشير بيانات البنك المركزي المصري إلى أن احتياطي النقد الأجنبي لمصر من العملات الأجنبية بلغ في يوليو تموز الماضي 26.5 مليار دولار.

وترجع فيتش السبب لاتساع العجز في صافي الأصول الأجنبية إلى استخدام البنوك المصرية أصولها الأجنبية في تمويل السوق المحلية ولجوئها إلى التمويل الأجنبي لتوفير العملة الأجنبية، وتمويل عجز الحساب الجاري في مصر.

استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية

وتقول فيتش إن هناك علاقة قوية بين وضع صافي الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي و حيازة الأجانب أدوات الدين المحلية المصرية، إذ تدعم التدفقات المرتفعة في محفظة الدين سيولة العملة الأجنبية المحلية؛ ما يمكّن البنوك من زيادة حيازاتها من الأصول الأجنبية.

وانخفضت حيازات الأجانب في أذون الخزانة إلى نحو 13 مليار دولار في نهاية أبريل نيسان الماضي مقابل 21.3 مليار دولار في نهاية يناير كانون الثاني 2022.

ومنذ مارس آذار 2022 شهدت استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية المصرية تدفقاً للخارج مع ارتفاع معدلات التضخم، وتهاوي سعر صرف الجنيه.

أزمة الواردات في مصر

وتسبب أزمة تراكم الواردات في مصر ضغطاً على الأصول الأجنبية للبنوك المصرية، إذ تكون البنوك مطالبة بتوفير النقد الأجنبي للمستوردين.

وتقدر فيتش حجم الواردات المتراكمة بنحو 5.5 مليار دولار، نحو 16 في المئة من احتياطيات العملات الأجنبية.

وكان وزير المالية المصري، محمد معيط، قال في يوليو تموز الماضي إن مصر أفرجت عن بضائع بقيمة 131 مليار دولار خلال 21 شهراً في حين أن هناك بضائع بقيمة 3.5 مليار دولار لم يصدر لها إذن تسليم بعد.

وتتوقع الوكالة أن تعتمد السلطات على مبيعات الأصول الحكومية لتسوية هذا الأمر.

وتقول الوكالة إن مصر بحاجة إلى إدخال تعديلات على سعر صرف الجنيه من أجل الحد من اختلالات توازن العملات الأجنبية في مصر، مشيرة إلى أنها لا تتوقع أن تلتزم السلطات بشكل كامل بنظام مرن لسعر الصرف دون تدفقات كافية من العملات الأجنبية.